«التفسير التربوي للقرآن الكريم»؛ نُشِر بالتعاون بين «دار ابن حزم، ودار النشر للجامعات بمصر»، ويقع في ثلاثة مجلدات من القطع الكبير، ومجموع عدد صفحاته (1845) صفحة.
اسم الكتاب:
«التفسير التربوي للقرآن الكريم»؛ نُشِر بالتعاون بين «دار ابن حزم، ودار النشر للجامعات بمصر»، ويقع في ثلاثة مجلدات من القطع الكبير، ومجموع عدد
صفحاته (1845) صفحة.
المؤلف:
الأستاذ/ أنور الباز؛ هو مؤلف ومحقق،
له العديد من الكتب والتحقيقات؛ مثل: (تيسير العقائد الإسلامية)، (معجم مصطلحات
العلوم الشرعية)، (مصطلحات علوم القرآن)، (تحقيق: زاد المعاد في هدي خير العباد،
لابن قيم الجوزية)، (تحقيق: عمدة التفسير عن الحافظ ابن كثير، لأحمد شاكر).
ملخص
الكتاب:
يُعَدُّ
هذا الكتاب أهَمَّ تفسيرٍ تربويٍّ للقرآن الكريم، والأسهلَ عبارةً والأكثرَ
تفصيلًا في بابه، وقد وضَعَه مؤلفه تيسيرًا على مَن أراد أن يأخذ
نَفْسه وغيره بالقرآن بطريقةٍ مُيسَّرةٍ مُحدَّدةِ المَعالِم والأهداف؛ كي يَصِلَ
القارئ إلى بُغيَته من الاستفادات التربوية بأقل مجهود ودونما عناء.
وبالرغم
من زُخْرِ المكتبة الإسلامية بالتراث التفسيري للقرآن الكريم -على
تنوُّع مدارسه واختلاف مناهجه- الذي أَثرَى حياة المسلمين، ومَضَتِ الأجيال تَسعَد
وهي تقتطف ثماره؛ فإنه قد استُجِدَّت شؤون، وتغيَّرَت أحوال، وتجدَّدَت أفهام؛
فكان من اللازم التفكير في وضع تفسيرٍ يتناسب مع نمط وسرعة العصر الذي نعيشه،
تفسيرٍ يتناول الآيات بطريقةٍ ومنهجٍ يُعِين على المُعايَشة والتفاعل معها؛ كي
يُتَرجِم المسلمُ هذا القرآن إلى واقعٍ عمليٍّ ومنهجِ حياةٍ، اقتداءً بالنبي -صلى
الله عليه وسلم- الذي كان قرآنًا يَمشي على الأرض؛ فالقرآن الكريم يُخاطِب العقل
ويُنَمِّي الوجدان ويُهذِّب السلوك، وهذا هو أرقى ما يهدف إليه التربَويُّون عبر
العصور.
بدأ
المؤلف كتابه بمقدمةٍ بيَّنَ فيها أهمية التفسير التربوي للقرآن الكريم، والعلاقة
الوطيدة بين القرآن والتربية؛ إذ إن القرآن الكريم نزل كله
للتربية والتوجيه لبناء الأمَّة الراشدة التي تقوم بمهمة الخلافة الراشدة في
الأرض، ويُرَبِّي النَّفْس البشرية من جميع جوانبها ويَنفُذ إليها من جميع
منافذها، مَهما كانت مستوياتها النَّفْسية والروحية والاجتماعية والحضارية، وأن كل
مستوى من البشر يَجِدُ فيه حاجته، ويَجِدُ انعكاس نَفْسه فيه كما ينظر في المرآة،
ويتفاعل معه بقدر ما يفتح قلبه وبصيرته إليه. والحياة الإنسانية هي المجال الأنسب
لعبادة الله تعالى وَفْق ما شرع، وهي دار عمل واختبار، مَن نجح فيها باتباع المنهج
القرآني نال رضا الله تعالى في الدنيا ونال ثواب جَنته في الآخرة، ولا تستقيم هذه
الحياة الدنيا مع الإنسان لتحقيق سعادة الدارَيْن إلا إذا رُبِّيَ تربيةً قرآنيةً
إسلاميةً صحيحةً.
ثم رَبَطَ
المؤلفُ هذا وذاك بالسيرة النبوية المُشرَّفة، وأشار إلى أنه مَن
يراجع عهد الدعوة الأول بِشِقَّيْه (المكي والمدني)؛ فسيَعلَم كيف تربَّى الجيل
الأول بالقرآن، وسيَعلَم عِلم اليقين أن ربهم الذي خلقهم أنزل على رسوله هذا
القرآن؛ ليُربِّي هذا الجيل الذي سيُكَوِّن النموذج القدوة الذي يُقصَد عندما
ينحرف المجتمع المسلم عن جادَّة الصواب ويَتِيه هنا وهناك، سواء بأسبابٍ هي مِن
عمل يَدَيْه أم خارجة عنه.
فالقرآن في مكة كان إعدادًا
وتربيةً؛ تربيةً بالعقيدة وإعدادًا لحَمْل الأمانة الكبرى التي لم تحملها أمَّة
أخرى من قبل؛ وهي تحقيق منهج الله في واقع الأرض. وقد آتت التربية ثمارها في نفوس
الفئة المختارة التي ربَّاها على عَيْنه رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- خلال ثلاثة
عشر عامًا في مكة؛ كانت لا إله إلا الله قد تعمَّقَتْ في نفوسهم حتى أصبَحَتْ
واقعهم الذي يعيشونه وزادهم الذي يَتَقَوَّتون به. ففي فترة التربية التي عاشوها في
مكة كان القرآن الكريم يطوف بهم في آيات الله في الكون؛ في الدِّقة المُعجِزة والضخامة
المُبهِرة، في الحياة والموت، في عجائب الرزق، في تدبير الكون، في عِلم الله الشامل
للغيب، في قدرته التي لا تُحَدُّ، في إمهاله للكفار ثم إنزال العذاب بهم، في مشاهد
القيامة بنعيمها وعذابها وحشرها وحسابها.
ثم انتقل المؤلف إلى المرحلة
الثانية (العهد المدني)؛ حيث التمكين في الأرض والاستخلاف بعد الابتلاء والتمحيص والاستضعاف
والتشريد. وكما كان القرآن هو أداة المرحلة الأولى من الكفر إلى الإيمان؛ كان كذلك
هو أداة المرحلة الثانية من الاستضعاف إلى التمكين.
فمن خلال التربية بالعقيدة كان يتم
الإعداد لحَمْل الأمانة الكبرى، وهل كان يُمْكِن لتربيتهم أن تبقى على مستواها الرفيع
ذلك حين تمكَّنوا في الأرض قبل أن يَتَربَّوا على تلك التربية الفَذَّة بـ«لا إله إلا
الله»؟ ومن أين لها أن تعطي تلك النماذج الفريدة من الوفاء بالعهد، والصدق، ومُعامَلة
الأمَم المفتوحة مُعامَلةً أخلاقيةً لا تقوم على السَّلب والنَّهب والسيطرة والتحكُّم،
وإنما تقوم على إعطاء النموذج المُحبَّب الذي يقود -في رِفْقٍ- إلى التخلي عن الجاهلية
الوثنية والدخول في طاعة الله تعالى؛ فكانت العقيدة هي الركيزة التي قام عليها البناء
كله من خلال التربية القرآنية.
وإذا كان ذلك كذلك؛ فلا بُدَّ أن لمنهج
القرآن سِماتٍ في التربية تختلف عن كل سِمات المناهج الأرضية؛ حيث استطاع في فترةٍ
وجيزةٍ أن يُربِّي هذه الأمَّة تربيةً استَحَقَّت أن تُوصَف من خلالها بأنها «خير أمَّة
أُخرِجت للناس».
ثم ذَكَرَ المؤلف سِمات منهج التربية
في القرآن الكريم؛ وهي كالتالي:
1- الرَّبَّانية: فالبشرية
-وهي من صُنْع الله- لا تُفتَح مَغاليق فطرتها إلا بمفاتيحَ من صُنْع الله، ولا تُعالَج
عِلَلها وأمراضها إلا بالدواء الذي يخرج من يده سبحانه، وقد جعل الله في منهجه وَحدَه
مفاتيح كل مُغلَق وشفاء كل داء. ولن تجد البشرية الرُّشد ولا الهدی ولا الراحة ولا
السعادة إلا حين تُرَدُّ الفطرة البشرية إلى خالقها. فلقد سَقَطَت كل المناهج التي
وَضَعَها الإنسان لتربية الإنسان على مَرِّ الدهور والعصور، ولقد أنشأ القرآن للبشرية
تصوُّرًا جديدًا عن الوجود والحياة والقِيَم والنُّظُم، کما حَقَّق لها واقعًا اجتماعيًّا
فريدًا كان يَعِزُّ على خيالها تصوُّره -مجرد تصوُّر- قبل أن يُنْشِئَه القرآنُ لها؛
فسَيَظَل منهج القرآن -المتميز في شكله وموضوعه- هو القادر على إصلاح الناس؛ لأن رَبَّ
الناس -عزَّ وجل- هو أعلَم بما يُصلِح عباده وخَلْقه: {أَلَا
يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الخَبِيرُ}
[الملك:14].
2- الشمولية والتكامل: إنَّ
لكل إنسان حياته الدُّنْيَوِيَّة، وكذلك حياته الأُخْرَوِيَّة التي تُحَدَّد بما اکتسبَه
في حياته الدنيا، ومن رحمة الإسلام أنه لم يترك الإنسان سُدًی، بل أوجب له ما يُصلِح
هذه الحياة أو تلك، في حدود قدراته وإمكاناته، ودون أن يُسبِّب له حَرَجًا أو مَشقة،
فالإنسان في كل تصرُّفاته وحركاته وسكناته قد وَضَعَت له التربيةُ القرآنيةُ ما يُصلِحه
وما فيه سعادته في دُنياه وآخرته. وإذا كانت هذه التربية من الشمولية لحياتَي الإنسان
(الدُّنْيَوِيَّة والأُخْرَوِيَّة)؛ فإنها كذلك ذات منهج متكامل في كل مناحي الحياة
(الاجتماعية، السياسية، الاقتصادية...)، وهذا التكامل إنما يُحقِّق التوازن والانسجام
بين الإنسان ونَفْسه، وبينه وبين المجتمع الذي يعيش فيه؛ فلا صراع ولا عناد، وإنما
هو الوئام ليس إلا.
3- التوازن: إذا
كان الإنسان يتكون من جسم وروح، ولكل منهما حاجاته ومتطلباته؛ فإن منهج التربية القرآنية
قد راعى ذلك بشكل متوازن؛ بحيث لا يَطغى جانب على آخر، في ظل الشرعية التي رَسَمَ الإسلامُ
حدودها ووَضَعَ قواعدها بما يتناسب مع الإنسان وتکریم الله تعالى له. هذا التوازن إنما
هو الاعتدال الذي ينبغي أن تتصف به الأمَّة القائدة الرائدة؛ قال تعالى: {وَكَذَلِكَ
جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ} [البقرة:143]،
وكلمة «وَسَط» تَحْمِل في طَيَّاتها معانيَ كثيرةً؛ فالوَسَط هو: (الأفضل وهو المعتدل
وهو المتوسط بين الأطراف)، وكل هذه المعاني توَفَّرَت في تلك الأمَّة القائدة الرائدة
لتكون شهيدةً على الناس يوم أن أخذَتْ نَفْسها بالقرآن، فطبيعة الإسلام هي التوازن
والاعتدال والوسطية بين مَطالب الجسم والروح.
4- الإيجابية العملية: إن
منهج القرآن لا يكتفي بأن يتعلَّم الإنسان العِلم -دِينيًّا كان أو دُنْيَوِيًّا-،
وإنها طَلَبَ منه ترجمةَ هذا العِلم إلى الواقع؛ فكل مَن يتربَّی على منهج القرآن لا
بُدَّ أن يكون إيجابيًّا وفاعلًا مع نَفْسه ومع مجتمعه، فلا بُدَّ أن يعمل العمل الصالح
الذي يُترجِم به عن إيمانه، فلا إيمان في ظل التربية الإسلامية بغير عمل صالح، والعمل
الصالح هو العمل الذي أوجبه الله أو نَدَب إليه؛ قال تعالى: {وَقُلِ اعْمَلُوا
فَسَيَرَى اللهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالمُؤْمِنُونَ} [التوبة:105]؛
فاعتَبَرَ الإسلامُ القُعودَ والكسلَ عن العمل من السلبيات التي تضرُّ بالفرد والمجتمع؛
لذا نهى عن ذلك أشد النهي في أكثر من آية وحديث.
إنَّ السكوت عن مُناصَرة الحق، وتَرْك
الضلال ينفرد بزمام الحياة؛ ينتهی حتمًا بضربةٍ من القَدَر لا تُبقِي ولا تَذَر؛
قال تعالى: {وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ القُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا
مُصْلِحُونَ} [هود:117]؛ فَلْنتدَبَّر
الجملة الأخيرة في الآية {وَأَهْلُهَا
مُصْلِحُونَ}، ولم يقل:
«وأهلها صالحون»؛ إذ إنَّ الصلاح الشخصي المُنزَوي بعیدًا لا يَأْسَى لضعف الإيمان
ولا يُبالي بهزيمة الخير، إنه صلاحٌ لا قيمة له ولا خير فيه؛ فالتربية القرآنية تتطلب
من الفرد أن يكون صالحًا مُصلِحًا وراشدًا مُرشِدًا.
5- الواقعية: إنَّ
منهج القرآن في تربية الفرد يَصِل به إلى أن يكون ذلك المؤمن الذي يَجِدُه الله حيث
أمَرَه ولا يَجِدُه حيث نَهاه، ذلك المؤمن الذي يعمل الصالحات ويتعاون على البر والتقوى
ولا يتعاون على الإثم والعدوان، الذي يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، الذي يعمل على
إعلاء كلمة الله تعالى، المؤمن الذي يُضَحِّي بكل ما يملك في سبيل دِينه وعِزَّة أمَّته.
فالإنسان المسلم وهو يُربَّى على تلك القِيَم إنما يعترف له الإسلام بواقعه الذي يعيش
فيه، وما يشتمل عليه هذا الواقع من مَطالب مادية يجب أن يستجيب لها الإنسان في حدود
ما شرع الله تعالى، بعيدًا عن تلك المثالية التي تتطلب الكمال أو تعنيه؛ فالكمال لا
يكون إلا الله وَحدَه، وأمَّا البشر فيُصِيبون ويُخطِئون، ولا يكلف الله نَفْسًا إلا
وسعها.
منهج
الكتاب:
ثم
خَتَمَ المؤلف مقدمته بذِكر المنهج الذي سَلَكَه في الكتاب؛ وهو كالتالي:
أولًا:
أبقى المؤلف على الشكل المُصحفي للقرآن الكريم على طَبْعته المعروفة بمصحف المدينة
المنورة؛ وهو بهذا الشكل يجمع بين كَوْنه مصحفًا وكَوْنه تفسيرًا؛ كي يُستفاد منه في
القراءة أو التدبُّر أو الحفظ.
ثانيًا: جَعَل تفسيرَ الآيات مُرتَّبًا في أربع خطوات:
الخطوة الأولى: وهي بعنوان «معاني الكلمات: حيث بَيَّن المؤلفُ -بطريقةٍ مُختصرَةٍ وكافيةٍ- معاني الكلمات التي يصعب على القارئ معرفتها.
الخطوة الثانية: وهي بعنوان «الأهداف الإجرائية والسلوكية» بأبعادها الثلاثة (المعرفية - الوجدانية - السلوكية): وذلك باعتبار أنَّ القرآن الكريم يُخاطِب العقل ويُنَمِّي الوجدان ويُهذِّب السلوك؛ وقد جَعَل المؤلفُ هذه الأهداف في نقاطٍ حتى يَسهُل تحصيلها وتذكُّرها واستدعاؤها دونما عناء.
الخطوة الثالثة: وهي بعنوان «المحتوى التربوي»: حيث ذَكَرَ المؤلفُ ما تَحوِيه الآيات من القِيَم التربوية التي يسعى إلى إبرازها ورَبْطها بالواقع، مع التركيز على التناول التربوي بلا إسهاب أو تفريط.
الخطوة الرابعة: وهي بعنوان «ما ترشدنا إليه الآيات تربويًّا»: حيث ذَكَرَ المؤلفُ نقاطًا واضحةً مُحدَّدةً يستطيع القارئ أن يضعها مُستهدَفًا له خلال فترة زمنية؛ ليقوم بتحقيقها في واقعه الحیاتي، وتكون مقياسًا لمدى عمله بما تعلَّمه من القرآن، اقتداءً بها كان عليه صحابةُ رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، الذين كانوا لا يتجاوزون العشر آيات حتى يتعلَّموها ويعملوا بما فيها؛ فتعلَّموا العِلم والعمل.
ثالثًا:
حَرَصَ المؤلفُ كُلَّ الحِرص على عدم الدخول في القضايا اللُّغَوية، أو المسائل الفقهية،
أو المُمَاحَكات الكلامية، أو غير ذلك مما يبعد الإنسان عن روح القرآن واستنباط المعاني
التربوية التي هي مقصود الوحي وإنزال القرآن.
رابعًا:
قد ضَمَّنَ المؤلفُ هذا التفسيرَ خلاصةَ التفاسير التي هي أقرب إلى موضوع الكتاب ولها
اهتمام بهذا الشأن؛ مثل: (في ظلال القرآن، لسيد قطب)، (الأساس في التفسير، لسعید حوى)،
(مقاصد القرآن الكريم، لحسن البنا)، (زهرة التفاسير، لمحمد أبي زهرة)، (تفسير المنار،
لمحمد رشید رضا). بالإضافة إلى أمهات كتب التفسير؛ مثل: (تفسير الطبري)، (تفسير القرطبي)،
(تفسير ابن كثير) وغيرها.
أيما فتحي
كم سعر كتاب التفسيررالتربوي واي مكان استطيع أيجاده في مصر الاسكندريه