بدأ المؤلف كتابه بالإشارة إلى أنَّ (علم النفس الدعوي) مصطلح جديد في مجال الدعوة وعلم النفس، لكنه ليس بغريب عن الدُّعاة أو علماء السلوك الذين يتعاملون مع الإنسان باعتباره محلًّا للعناية والتزكية، وهو قَرِين (علم التربوي) ورَبِيبه
اسم
الكتاب:
«عِلْم النَّفْس الدَّعَوي.. دراسات نَفْسية تربوية
للآباء والدُّعاة والمُرَبِّين»، صادر عن «دار المسلم للنشر والتوزيع» بالرياض، ويقع في (400) صفحة من القطع المتوسط.
المؤلف:
ملخص
الكتاب:
بدأ
المؤلف كتابه بالإشارة إلى أنَّ (علم النفس الدعوي) مصطلح جديد في مجال الدعوة
وعلم النفس، لكنه ليس بغريب عن الدُّعاة أو علماء السلوك الذين يتعاملون مع
الإنسان باعتباره محلًّا للعناية والتزكية، وهو قَرِين (علم التربوي) ورَبِيبه،
فالدعوة والتربية صِنْوان لا يفترقان، والرسول -صلى الله عليه وسلم- كان داعيًا ومُرَبِّيًا
في آنٍ واحد، والأنبياء -عليهم السلام- من قبله كذلك، وهكذا العلماء والمُصلِحون
كانت وظيفتهم -في الغالب- دعويةً تربويةً، قد تسبق الدعوةُ التربيةَ، لكنها لا تنفَكُّ
عنها؛ إذ إنَّ المَدْعُوَّ الذي استجاب للداعية وسمع منه لا بُدَّ أنْ يتربَّى على
يَدَيه أو على يَدَي غيره ممَّن هُم على نهجه وفي مدرسته.
كما
بيَّن المؤلف أنَّ الدعوة مجالٌ خصبٌ واسعٌ من حيث موضوعاتها وأساليبها
ومستوياتها، والناس -وهُم محل الدعوة- متنوعون في عواطفهم وأمزجتهم ومستوى ذكائهم
وقدراتهم ودرجة استجابتهم ومراحل نُمُوهم، والدُّعاة -وهُم حاملو الدعوة- متنوعون
أيضًا.
كما
أشار المؤلف إلى أنَّ الدعوة والدُّعاة والمَدْعُوِّين يستفيدون كثيرًا من مجال
علم النفس التربوي، إذا ما تم التركيز على طرح القضايا في ضوء الإسلام خدمةً
للدعوة إلى الله، وتنويعًا لأساليبها، ومُعالَجةً لقضاياها ومشكلاتها؛ إذ إنَّ
ثقافة الداعية النفسية والتربوية، واطلاعه على سُنن الخالق -عز وجل- في النفس
والمجتمع، وعلى الأبحاث الميدانية والتجريبية التي توضِّح هذه السُّنن وتؤكدها؛
هذه الثقافة مُهمَّة جدًّا في تقدُّم الدعوة والتربية وتحقيق أهدافهما، وتحصيل
مُراد الدُّعاة والمُرَبِّين منهما كَمًّا ونوعًا.
وقد
تناوَل الكتاب أغلب الموضوعات الرئيسة في مجال علم النفس التربوي مما يَهُمُّ
المُرَبِّين من آباء وأمهات ودُعاة ومُعلِّمين، وقد كانت طريقة التناوُل للموضوعات
مختلفة عن كثير من الطُّرُق المُتَّبَعَة، وقد كان التناوُل مُؤَصَّلًا قدر
الإمكان، ينطلق -ابتداءً- من القواعد الشرعية والهُدَى الإلهي والهَدْي النبوي، ثم
يحلِّل ويقارن ويستشهد بما هو موجود من مفاهيم ومبادئ مطروحة في مجال علم النفس أو
التربية، ثم يستخلص التوجيهات والقواعد المفيدة في التربية والدعوة.
وقد قسَّم المؤلف كتابه
إلى خمسة أبواب؛ وهي على النحو التالي:
الباب الأول: تناوَل
فيه المؤلف الأهداف العامة لدراسة علم السلوك في الإسلام؛ وهي: (الاعتبار والعِظة
بالتفكُّر في الإنسان، وعظيم خَلْقه، ودِقة صُنْعه)، (فَهْم الإنسان والتعرُّف على
طبيعة تكوينه وأجزاء هذا التكوين، وطبيعة السلوك الإنساني وما يحكمه من نواميس
ودوافع وظواهر)، (تيسير الدعوة إلى الله؛ وذلك من خلال الوصول إلى الطُّرُق
والأساليب المناسبة لدعوة النفس البشرية وهدايتها، واكتشاف العوامل والأسباب
الفاعلة والمُؤثِّرة على جذب النفس وتشويقها إلى طريق الخير)، (تسهيل التربية؛
وذلك من خلال المعرفة بطبائع المُتَرَبِّي وخصائصه، والبحث عن أنجح الطُّرُق
للاستفادة من طاقاته وقدراته، ولبِناء قِيَمه واتجاهاته).
ثم تناوَل المؤلف
الأهداف التربوية، والفرق بينها وبين الأهداف التعليمية. ثم ذكر نظريات تربوية حول
تقسيم الأهداف، فأخذَها مع نصوص الوحيَيْن؛ فأخرج تقسيمًا للأهداف وفق المنهج
الإسلامي، وجعلها على أربعة مستويات؛ وهي:
1- المستوى النهائي: ويتعلق بهدف الحياة
العامة، وهو غاية نشاطات الإنسان وأعماله جميعها.
2- المستوى التربوي العام: ويتعلق بالأهداف
ذات الدرجة العالية من التجريد والتعميم؛ ويُطلَق عليها عبارة (الأهداف التربوية).
3- المستوى التربوي الوسيط: ويتعلق بالأهداف
ذات الدرجة المتوسطة من التعميم والتحديد؛ ويُطلَق عليها عبارة (الأهداف التربوية
الضِّمنية).
4- المستوى التربوي الخاص (السلوكي
المُحدَّد): ويتعلق بالأهداف ذات الدرجة العالية من التحديد، والدرجة المنخفضة من
التعميم أو التجريد؛ ويُطلَق عليها عبارة (الأهداف السلوكية أو الأهداف الظاهرية).
ثم
تناوَل في نهاية هذا الباب الأهداف السلوكية ومكوناتها وكيفية صياغتها، ثم صنَّف
الأهداف التربوية إلى (مجال معرفي، ومجال خُلُقي).
الباب
الثاني: تناوَل فيه المؤلف تعريف (الدافع، والحافز)
وبيان الفرق بينهما، ثم بيان إطلاقات الكلمتَين في المصادر الإسلامية.
ثم
ذكر التصنيف الثلاثي للدافعية؛ حيث قسَّمها إلى ثلاث دوائر مُتداخِلة يحيط بعضها
ببعض؛ تبدأ بدائرة (الدافعية العضوية) اللصيقة بالإنسان، المُتمثِّلة بحاجات
الجسد؛ كـ(التنفُّس، النوم، الطعام، الشراب). وتتوسَّط بدائرة (الدافعية
الدُّنيَوية) المُتمثِّلة بالحاجات المادية والنفسية غير المباشرة؛ كـ(التملُّك،
الانتماء، الاستطلاع، الثناء). وتنتهي بدائرة (الدافعية الأُخْرَوِية) المُحيطة
والمُهيمِنة على بقية الدوائر، والمُتمثِّلة بالحاجات الروحية والإيمانية؛ كـ(الدَّيْنُونة،
الأمانة، العبادة، الرغبة في النعيم، الرهبة من الجحيم). ثم ذكر ما يُميِّز هذا
التصنيف الثلاثي، ثم بيَّن أنَّ الإسلام قد نظر إلى هذه الدوافع بترابُط وتكامُل
ضروري لحياة الإنسان؛ فالدوافع (العضوية، والدُّنيَوية، والأُخْرَوِية) لها أساس
في فطرة الإنسان وتكوينه، وتختل حياة الإنسان وتظهر مشكلاته بمقدار الإخلال بها
نوعًا وكَمًّا وترتيبًا. ثم ذكر السُّلَّم الهرمي للدوافع في النظرية الإنسانية، ثم
تناوَل مستويات الدافعية وخصائصها.
ثم
تناوَل في نهاية هذا الباب الحَفْز في الدائرة العُضوية، والحَفْز في الدائرة
الدُّنيَوية، والحَفْز في الدائرة الأُخْرَوِية.
الباب
الثالث: تناوَل فيه المؤلف تعريف (النُّمُو) ومعايير
واتجاهات علماء النفس في تعريفه وتعديد مراحله، وقد قسَّم المؤلف النُّمُو إلى مرحلتين؛
هما:
1- مرحلة
النُّمُو النفسي: وهذه المرحلة تنقسم إلى ثلاث مراحل: (مرحلة الرضاعة، مرحلة
الحضانة، مرحلة التمييز). وقد بيَّن المؤلف تعريف كل مرحلة، ومُدَّتها، وخصائصها،
وأهم احتياجاتها.
2- مرحلة
النُّمُو الخُلُقي: وهذه المرحلة تنقسم إلى ثلاث مراحل: (المرحلة الظاهرية
الانقيادية، المرحلة الاقتناعية الانقيادية، مرحلة الرقابة الذاتية). وقد بيَّن
المؤلف تعريف كل مرحلة، ومُدَّتها، وخصائصها، وطُرُق تثبيت السلوك فيها.
الباب
الرابع: تناوَل فيه المؤلف (التفاعل التربوي)؛
حيث عرَّفه بأنه: حدوث اقتناع وتجاوُب نفسي بين طرَفَي العملية التربوية (المُعلِّم والمُتَعلِّم)؛
يؤدِّي إلى استجابة الطرف الثاني المعرفية والسلوكية للطرف الأول والتأثُّر به.
وبيَّن
أنَّ التفاعل التربوي يُمثِّل عنصرًا مُهمًّا في العملية التعليمية؛ حيث يعكس العمق والحيوية التي تكتسبها المعلومات والخبرات المنقولة للمُتَعلِّم، ويعكس المدى البعيد لأثر المُتَرَبِّي استيعابًا وتطبيقًا، بالإضافة إلى الإسراع في العملية التربوية. وبدون التفاعل يفقد المُعلِّم صفته التربوية الإنسانية ويتحوَّل إلى موظفٍ رسميٍّ لا فرق بينه وبين مَن يجلس إلى طاولته للتعامل مع الأوراق والمُعامَلات اليومية، ولا فرق بينه وبين المهندس
الذي يتعامل مع المباني والطُّرُق والآلات؛ بل إنَّ موظف الأوراق ومهندس الطُّرُق
يتفاعلان مع موضوعاتهما بما يناسبها.
كما
بيَّن أنَّ المُرَبِّين من آباء ومُعلِّمين ودُعاة يُعانون -في كثير من الأحيان- من عدم القدرة على التأثير في أولادهم أو طلابهم ومن
عدم استجابتهم، بل إنَّ المُرَبِّين -أحيانًا- يعانِدون ويُعرِضون ويكُونُون هُم
السبب في عدم استجابة أولادهم أو طلابهم. وإنَّ من أهم الركائز لمُعالَجة هذه الشكوى اختبارَ المُرَبِّي لمدى حرصه على التفاعل مع المُتَرَبِّي، واهتمامه لإقامة علاقة جيدة حية معه، وهذه هي
أول خطوة جوهرية في طريق التأثير.
ثم
ذكر المؤلف عددًا من النظريات التي تبيِّن أسباب حدوث التفاعل، ودمَجها بالمنهج
الإسلامي؛ فانتهى إلى استخلاص بعض القواعد
والمبادئ التي تقوم عليها عملية الاندماج والتفاعل في التربية؛ وذكر منها: قاعدة (التبادل
في العلاقات)، قاعدة (الحقوق والواجبات)، قاعدة (رأي المُرَبِّي في المُتَرَبِّي
له أثر على شخصيته).
ثم تناوَل المؤلف أساليب وأنواع التفاعل وقسَّمها إلى مجالَين؛ هما:
1- مجال المشاعر والمفاهيم: وهي أنواع وأساليب التفاعل المتعلقة بمشاعر الإنسان وتوجُّهاته الداخلية، وبرصيده من الوعي والمعرفة حول مبادئ التفاعل وقواعده؛ ويشمل هذا المجال الأعمال الآتية: (التوجُّه والسعي للحصول على محبة الله ورضاه)، (الإخلاص والصدق في العلاقة بالناس)، (الوعي بالقواعد التربوية التي تنشئ التفاعل).
2-
مجال
السلوك والأعمال: وهي أساليب التفاعل المتعلقة بالسلوكات التي يُمْكِن أنْ يمارسها الفرد لإحداث الاندماج والتفاعل مع الآخرين؛
ويشمل هذا المجال أنواع السلوك الآتية: (السلوك اللُّغَوي)، (سلوك السِّيما
والهيئة)، (السلوك التعامُلي العادي)، (السلوك العلاجي)، (السلوك التعاوني)،
(السلوك التكميلي).
ثم
تناوَل المؤلف في نهاية هذا الباب خصائص المُرَبِّي الفعَّال، وقسَّم هذه الخصائص
إلى أربع زُمَر؛ وهي: (زُمْرة الخصائص المعرفية)، (زُمْرة الخصائص الأسلوبية)،
(زُمْرة الخصائص الوجدانية)، (زُمْرة
الخصائص الاتصالية).
الباب
الخامس والأخير: تناوَل فيه المؤلف (الشخصية)
وتعريفها، وأشار إلى اختلاف المتخصِّصين النفسيِّين في تعريف (الشخصية) اختلافًا
كبيرًا؛ حيث يصل عدد تعريفات (الشخصية) إلى خمسين تعريفًا. ثم ذكر العوامل المُؤثِّرة
على بناء أي نظرية عن (الشخصية) عند التعامل معها؛ وهذه العوامل هي: (الاختيار
والجبر)، (الطبع والتنشئة)، (الماضي والحاضر)، (التفرُّد والعموم)، (حِفظ التوازن
مقابل تحقيق النُّمُو)، (الخير والشر أو التفاؤل والتشاؤم). ثم تناوَل (الشخصية)
في المنظور الإسلامي من حيث مكوناتها ونَسَقها وطريقة تشكيلها. ثم تناوَل (الروح)
وتعريفها وعلاقتها بالنفس.
ثم
ختم المؤلف هذا الباب بتناول موضوع (السَّوَاء والانحراف وسِمَات الشخصية)، وبيَّن
معايير السَّوَاء عند النفسيِّين ومعايير السَّوَاء في المنهج الإسلامي، وسِمَات الشخصية
الإسلامية، والميزان النفسي والمنظور الإسلامي.
إضافة تعليق