ربما قرأتَ في يوم من الأيام خبرًا مفاده "انتحار طالب بسبب الثانوية العامة"، لأن النتيجة سيئة، أو لأن الامتحان صعبٌ، أو ربما كان الخوف من دخول الامتحان.. بل أذكر أني قد استوقفني يوماً خبرًا يقول: "انتحار فتاة بسبب وزنها الزائد"
ربما قرأتَ
في يوم من الأيام خبرًا مفاده "انتحار طالب بسبب الثانوية العامة"، لأن
النتيجة سيئة، أو لأن الامتحان صعبٌ، أو ربما كان الخوف من دخول الامتحان..
بل أذكر
أني قد استوقفني يوماً خبرًا يقول: "انتحار فتاة بسبب وزنها الزائد"،
فتاة مراهقة لم تتحمل تعليقات زميلاتها الساخرة على وزنها الزائد، فألقت بنفسها من
الطابق التاسع لتفارق الحياة في الحال!.
وقبل أن
تخطو خطوة أخرى في مطالعة المزيد من تلك القصص، أؤكد لك أن مشاعر القلق والإحباط
والتعاسة التي أوصلت البعض إلى الاكتئاب أو الانتحار هي مشاعر حقيقية صادقة، ولذلك
فالسؤال هنا:
كيف وصلت مشاعرهم إلى تلك الحالة السلبية؟
ومن الذي له اليد العليا في
التأثير على الإنسان الأفكار أم المشاعر أم السلوك؟
في
البداية نؤكد أن المشاعر تقوم بدور الوسيط بين الأفكار والسلوك..
وأن هناك
ستة مشاعر أساسية تشترك فيها جميع الثقافات الإنسانية(1)،
وهذه
المشاعر هي: "الخوف والاشمئزاز أو النفور والغضب والاندهاش والحزن والسعادة"..
ولا شك أن من
تأمل المشاعر الستة الأساسية؛ سيجد أن منها خمسة مشاعر تُحسب على الجانب السلبي: "الخوف
والاشمئزاز أو النفور والغضب والاندهاش والحزن"
في مقابل شعور إيجابي واحد فقط وهو "السعادة"، وهذا أمر عجيب
حقًا، قد يجعلك تظن أنه من الطبيعي أن يعيش الإنسان أغلب وقته في إطار المشاعر
السلبية، ولكن الحقيقة أن تلك المشاعر السلبية قد خلقها الله فينا لتأدية وظائف
أخرى، فهي بمثابة "درع الحماية" لنا عند مواجهة الصعوبات
والأخطار، وأن انفعالات النفس هي في حقيقتها:
• طيف
الانفعالات..
إذا كانت انفعالات النفس لا تزيد عن ستة "التعجب
والحب والكره والرغبة والفرح والحزن"، فإن بقية الانفعالات هي مزيج من هذه
الألوان النفسية، فكما كان النور الأبيض خليط من عصير من الألوان، يتأرجح من أشعة ما
فوق البنفسجي الى ما تحت الأحمر، وكما كانت حاسة الشم تعتمد ست نماذج، من الروائح
العطرية والنعناعية والكافورية وسواها، وما بقية الروائح الا مزيج منها، فإن
انفعالات النفس على هذه الطريقة، وكل شعور يقود ويتفاعل مع شعور آخر، فالاحباط
يقود الى العدوانية، والخوف يمتزج مع الهرب والاختفاء، والسعادة هي تتويج
للمشاعر الإيجابية ..(2).
نعم بداخل النفس السوية تمر سحب الخوف
والكراهية، وتزمجر أعاصير الغضب والحقد، وتصفر رياح العنف والعدوانية، وتهطل أمطار
دموع الحزن، وتمتلئ النفس بغسق الاحباط والسلبية، ولكن الجو سرعان ما يصفو فترجع
النفس إلى صفائها، وتشرق شمس الأمل، وتتفتح ورود التعامل بالحسنى، وتتضوع رائحة
رياحين الحب، وتبدأ النفس في الصعود إلى الهدوء الروحي، وهي الحالة المؤهلة لدخول
الجنة التي وصفها القرآن بـ "النفس المطمئنة"، ولكن هذا الصعود لا بد له
من مستوى عالي من الفعالية في الحياة، وهذه لا يمكن ممارستها بدون فيضٍ من المشاعر
الايجابية ، وهي بدورها تحتاج لكبح المشاعر السلبية وقطع دابرها بقطع مصادر
ترويتها، ولعل الرضى عن النفس في توازن بين عدم التعالي وعدم الشعور بالحقارة، هي
التي تقود الى المواجهة السليمة مع النفس، وباستخدام آلية المراجعة والنقد الذاتي
وتحمل المسؤولية التي هي الخطوة الأهم في رحلة التكامل الروحي، لأن هذه الآلية من
أصعب الآليات على الاطلاق، ذلك أن الانسان على استعداد أن يلوم جميع من حوله ويلقي
بالتبعة ولو على القدر، وليس عنده استعداد ولا للحظة واحدة أن يضع ولو مجرد "احتمال"
أنه قد يكون قد ساهم في هذا الذي يعانيه.
• مستنقع إياكم والنسيان..
يحدث لك ما يؤلمك، ربما بلا اختيار
منك ..
ولكنك يقيناً تملك اختيار في تأثير
ما حدث لك على نفسك..
يمكنك أن تختار الاستغراق في
الألم و"الانزلاق" إلى مستنقع "الضحية" لتعفي نفسك من أي
مسؤولية، وتجلب شفقة الآخرين.!
تؤكد: "لو
لم يكن رئيسي في العمل أحمق أو محبًا للسيطرة"، "لو أنني لم أولد فقيرًا"،
"لو أنني عشت في مكان أفضل"، "لو لم أرث عن أبي المزاج السيء"،
"لو كانت زوجني متفاهمة"، لو.. لو، لو...
ولا شك أن هذا الخيار "دور
الضحية" لا يعلمك شيئاً مما حدث لك، ولا يضيف إلى خبراتك جديداً نافعاً
..
أما الاختيار الثاني .. فهو ألا تستسلم
للألم، بل تبدأ رحلة "الصعود" إلى "المعافاة" عبر استحضار
وعيك بأن ما حدث لك هو من قدر الله، واليقين بأن وراء قدره خيرًا ـ وإن لم تدركه ـ
والبحث فيما يريده الله منك من خلال تلك التجربة..
وهذه المحاولة الصحيحة في مواجهة
الألم تأتيك بـ "مدد" الله بطريقة تشبه فتح المظلة لمن قفز بالفعل ـ أو
كما يقال "مظلتك لن تفتح ، إلا بعد أن تقفز" .. أي أن عليك ان تقفز من الارتفاع
الشاهق وأنت "واثق" بأن مظلتك ستفتح عند شد ذراع الفتح.
أرايت يا صديقي ..
إن ما حدث لك من الألم هو فرصة لك
أن تخرج بعلاقة وصل بالله، فتزيد علماً وحكمة، و تكون المنارة التي يسترشد بها كل
من يحاول أن ينهض من عثرته، و يتجاوز ألمه، ويبني نجاحاً من تجربة فشل.
فهل تبدأ ـ يا صديقي ـ رحلة استكشاف داخلك للتأكد من أنك لا تعيش في مستنقع
الضحية في مناحي حياتك المختلفة، وفي حالة اكتشافك دور ضحية واضح أو مُختبئ، تبدأ
بمساعدة الآخرين في التَّحرُّر منه، تبدأ في مغادرته ووضع حد له، وثم تتخلص من
حالة "إياك والنسيان" التي تحفظ لك البقاء داخل دور الضحية من خلال
تذكير كل من حولك بأنك ما زلت متألمًا، وكأنك تكرر عليهم إياكم أن تنسوا ما حدث لي.!
أنا أعرف
أن التحرُّر من هذه الحالة ومواجهتها هو تحدٍّ حقيقي، ولكن هذا الجهد يستحق، لأن
حياتك بعد التَّحرُّر منها مختلفة تمامًا عمَّا قبلها لأنها تعيد لك قدرتك على
القرب والتواصل مع رحمة الله –سبحانه وبحمده- التي تلهيك عنها حالة "إياكم
والنسيان".
• الخوف
والحزن..
إذا كان إنذار المرض العضوي الرئيسي
هو الألم، فإن ألم المرض النفسي اثنان هما الخوف والحزن، فهما يشكلان التحدي
والعقبة التي على الإنسان اختراقها وتجازوها. لذا انصب اهتمام القرآن في المعالجة
النفسية بشكل رئيسي على تحرير الإنسان من هاتين العقدتين {تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا
وَلَا تَحْزَنُوا} [سورة فصلت: 30]. من خلال النظافة الأخلاقية
والتطهير الروحي.
لا
شك أن الخوف كمخزون فطري نافع
للإنسان، وهو ضمن حدوده طريق للنجاة،
فهو يحفظ
الإنسان من لدغة الثعبان السامة ولهيب الجمرة المحرقة..
ولكن
زحف الروح باتجاه الخوف يجعلها تدخل الحالة المرضية، كما في صورة (الكوبي) عندما
تتعرض الصفحة للتصوير باتجاه التغميق فلا تعود صالحة للقراءة. وهذا ما يحدث حين يعيش الفرد خوفاً مرعباً ترتعد فيه مفاصله بالعشي
والإشراق فهذا خوف مَرَضيّ يسلم الجسد إلى الكثير من الأمراض العضوية، فالمعدة
تتقرح، والضغط يسعى حثيثاً لتفجير الدماغ.!
نعم
..
قد يكون شعور
الخوف في مواجهة الخطر شعورًا عاديًا؛ حين يدفعك لاتخاذ التدابير الكفيلة بتوفير
الحياة الآمنة. ولكنه إذا تحول إلى مظلة لكل حياتك، فإنه يوشك أن يبتلع حياتك ويتحول
إلى خوف معطل للحياة..
ولكن ـ بحمد
الله ـ يمكنك الانسحاب من الانحدار إلى هذا المستوى من الخوف، وانتشال
الروح من قبضة التردي الروحي.. فمع
خوفك اطمئنان بالله يُبقى الخوف في حجمه الحقيقي فلا يتحول إلى هلع؛ ولا ينزلق بك
إلى مربع اهتزاز الثقة في الله..
تكلم مع الله..
قل له أنا خائف.. أعنّي على نفسي ولا تكلني إليها طرفة عين ولا أقل منها.
• الصلابة
النفسية ..
الخوف
والحزن والغضب والألم كلها مشاعر تمر بك..
وأنا أتفهم
أن تخاف أو تحزن أو تتألم أو تغضب، ولكن ..
حين ينفجر
خوفك حزنًا، أو ينفجر ألمك غضبًا؛ يتأذى قلبك، وقلبك هذا هو وسيلة تواصلك مع حبيبك
.. مع ربك وإذا تأثر تواصلك معه؛ ارتبك سير حياتك.
ومن هنا
فأنت في أمس الحاجة إخراج هذه المشاعر المتفجرة من قلبك، والإسراع باستعادة حيوية
روحك ومحاولة مصاحبة مشاعرك.!
نعم
يا صديقي..
لا تسمح
لمشاعرك أن تستحوذ عليك من خلال انفجارها..
استعن
بالله على خوفك وحزنك وألمك وغضبك، وحاول البحث عن طرق مختلفة لمواجهة المواقف
الضاغطة، من خلال اكتساب صفة "الصلابة النفسية" التي تتطابق
كثيرًا مع مفهوم الإيمان بالله تعالى وقضائه وقدره، والصبر على الشدائد، ومن أجمل
الأحاديث النبوية الشريفة التي تعبر عن ذلك المفهوم هو قول رسول الله صلى الله
عليه وسلم: ((عَجَبًا لأمْرِ الْمُؤْمِنِ إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ لَهُ خَيْرٌ،
وَلَيْسَ ذَلِكَ لِأَحَدٍ إِلَا للْمُؤْمِن: إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ
فَكَانَ خَيْرًا لَهُ، وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خيْرًا لَهُ))(5)،
و(لا يعني الصبر أن تتحمل المصاعب سلبًا، بل يعني أن تكون بعيد النظر بحيث تثق
بالنتيجة النهائية التي ستتمخض عن أي عملية، ماذا يعني الصبر؟ إنه يعني أن تنظر
إلى الشوكة وترى الوردة، أن تنظر إلى الليل وترى الفجر)(6).
ولذلك فإن
الصلابة النفسية تقع في معادلة البلاء والصبر عليه، والتي قال الله تعالى في
القرآن الكريم: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ
وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ
(155) الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا
إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (156) أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ
وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ (157)} [سورة البقرة: 155-157]،
وقال تعالى: {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ}
[سورة الزمر: 10].
وكما ينضج
الخبز بالنار، تنضج النفس بالألم ..
فإن زارك
الألم؛ فتأمل السبب الذي زارك لأجله؟..
فإذا عرفت
السبب ووجدت أن بإمكانك علاجه؛ فافعل.
وإذا عرفت
السبب وكان خارج قدرتك؛ فعليك التسليم والصبر.
ربما تمنيت
أنت لو توقفت الحياة عند لحظة ما قبل الألم؟
ربما يملؤك
الخوف أن القادم قد لا يكون ساراً؟
ولكن ..
الحياة
فيها كل شيء، وأنت تسعى لرضا ربك من خلال الجمال والرضا والسلام من خلال ..
• الدفاعات
الناضجة ..
ربما مرت
عليك أوقات سعيدة وأنت تداعب يتيمًا صغيرًا في إحدى زياراتك التطوعية، وشعرت
بالاندماج في هذا النشاط بشدة، حتى إنك تركت كل أفكارك ومشاغلك الأخرى وراء ظهرك،
وفقدت الشعور بمرور الوقت، وانغمست في اللحظة الحالية بكل تفاصيلها، ثم انتهيت
وأنت في قمة السرور.. ولذلك يمكن
القول:
"إن
الآخرين هم أفضل ترياق لأحزان الحياة، وأفضل ما يمكن أن نُعوَّل عليه، يروي ستيفن
بوست أستاذ العلوم الطبية في جامعة ستوني بروك قصة عن والدته حينما كان طفلًا
صغيرًا حيث كانت أمه عندما تشعر أنه في مزاج سيئ تقول له: ستيفن، إنك تبدو
منزعجًا، لِمَ لا تخرج وتساعد أحدًا؟"(3).
إن المشاعر
الإيجابية المرتبطة بالإيثار والقدرة
على تأجيل الإشباع والرؤية المستقبلية وروح الدعابة، وهي ما يطلق عليه علماء النفس
"الدفاعات الناضجة"(4) تساعدك على أن يكون طيف الانفعالات في
نفسك مملوئًا بتلك المشاعر الإيجابية المختلفة..
ولست أقصد
هنا المشاعر الإيجابية، أننا نقصد بذلك الإكثار من المشاعر الإيجابية اللحظية التي
تنتابك حين يأتيك خبر سار أو تجد أصدقاءك قد أعدوا لك مفاجأة، فمفهوم المشاعر
الإيجابية أعمق من ذلك بكثير، فالمشاعر الإيجابية التي تحقق لك السعادة هي ما
تحولت إلى سمة من سمات شخصيتك من خلال ..
• رحلة الاكتمال الروحي ...
يتمنى الإنسان –لو كان بالإمكان- أن
يحقق السعادة بتناول قرص دواء، أو يصل إلى حالة (النفس المطمئنة) بجرعة
شراب، أو أن تشع منه "الحكمة" بدهنه مرهم، أو أن يتحرر من "الغضب"
باستنشاق الرذاذ التنفسي الذي يعالج به الربو الصدري.
ولكن هيهات هيهات ..
إن الاكتمال الروحي قمة لا يصل
إليها إلا من مارس الكبَد، وقاسى التعب، وذاق لوعة البحث، وصعد الجهد وبدون حدود
في صقل مرآة روحه الداخلية من خلال الوحي الذي جاء لاستنهاض واستنفار الانسان
للصعود الروحي من مستوى النفس "الأماَّرة بالسوء" الى مستوى النفس "اللوَّامة"
وانتهاءً بالنفس "المطمئنة" ..
فإذا
كنا نبحث عن كنز السعادة فهو مدفون داخل هذا الحقل ومخبأ في أعماقه .. حقل (النفس
المطمئنة) و (القلب السليم) الذي لا يعاني من العلل وهو ما وصف القرآن
به إبراهيم: {إِذْ جَاءَ رَبَّهُ
بِقَلْبٍ سَلِيمٍ}[سورة
الصافات: 84].
ولكي
يصبح الإنسان مرشحاً لدخول الجنة قبل دخولها، فهناك جنة خاصة في الأرض يشعر بها
الصالحون قبل أن يدخلوا جنة الخلد، وهي حالة من الهدوء النفسي والتجلي الروحي أشار
إليه كل من ولج هذا العالم وكان شعورهم غريباً فوصفوه بأنه لحظات تأتي في الأول
لفترة قصيرة وبشكل متباعد، فيشعروا أنهم دخلوا عالماً آخر يفيض بالسعادة سرعان ما
ينحسر عنهم، ثم تقاربت الفترات وازدادت مدتها حتى دخلوا هذا العالم بالكامل لأنهم
يعيشون ..
• الحقيقة
لا الخيال ..
الموت
نهاية رحلتنا القصيرة في هذا العالم، ولكنه في ذات الوقت بداية لرحلة أخرى في عالم
آخر ..
ليست
الدنيا هي كل ما لدينا، وليس الموت عدوًا متربصًا بنا فإذا سهوت انقض عليك لينال
منك.!، فهو لن يأتيك إلا في الوقت المقدور..
كأني أسمعك
الآن تقول: كيف تتحدث عن نهاية الحياة بتلك الطمأنينة؟
أتريدني
ألا أخاف الموت؟
وأنا أقول
لك: لا تكتم شعورك، فإذا خفت الموت فعش خوفك ..
ولكن لا
تتركه يستولي عليك .!
أتدري
يا صديقي..
في بعض
الأحيان أشعر أن الموت يشبه الاستيقاظ من حلم ..
فكما تضحك
على جديتك التي مارستها في أطياف حلمك حين كنت تظنها حياة حقيقية، فهذه الدنيا
حُلم، والموت هو الحقيقة، فاحذر أن تنغمس في "الحلم" وتنسى
"الحقيقة ..
يا صديقي ..
لا
نجاة في معركة المشاعر إلا أن تعيشها كاملة، لا أن تتحايل عليها أو تخفيها أو تخجل
منها ..
وإن
كان عقلك يعقل افكارك، فإن قلبك ينبض بمشاعرك،
فإن
حاولت أن تعقل مشاعرك؛ أربكت عقلك وأفسدت مشاعرك ..
فاعقل
ما يعقل، واشعر ما يشعر، واجعل دعاءك للرحمن:
اللهم امنحني
السكينة لأتقبل الأشياء التي لا أستطيع تغييرها..
والشجاعة لتغيير الأشياء التي أستطيع تغييرها..
والحكمة لمعرفة الفرق بينهما.
لهوامش
(1) كما أثبت ذلك عالم النفس "بول
إيكمان"، وقد قام فيلم ((Inside Out بتبسيط أبحاث علماء النفس في طبيعة المشاعر، فشاهده إن شئت.
(2) راجع إن شئت كتاب ـ انفعالات النفس ـ رينية ديكارت ـ ترجمة
جورج زيناتي ـ ص 50
(3) السعادة الحقيقية، مارتن سليجمان
ص (63).
(4) كما يسميها
عالم النفس "سليجمان".
(5) رواه مسلم.
(6) جلال الدين
الرومي، يوسف أبو الحجاج، ص (47).
إضافة تعليق