يتحدث الكتاب عن ظاهرة التغيرات الفكرية والثقافية والسلوكية، ويناقش ما يتعلق بالشأن التربوي، ومسؤولية المربين في التعامل مع الواقع الجديد.
اسم الكتاب:
التربية من جديد. صدرت طبعته الأولى في العام 1439هـ = 2018م عن مركز
البيان للبحوث والدراسات بالرياض، وعدد صفحاته (243) صفحة من القطع المتوسط.
المؤلف:
فايز بن سعيد الزهراني
ملخص الكتاب:
يبدأ المؤلف كتابه بالحديث عن ظاهرة التغيرات الفكرية والثقافية
والسلوكية، وأن هذا الكتاب أتی ليناقش ما يتعلق بالشأن التربوي وموقعه من هذه
التغيرات، آملاً أن يفتح آفاقًا في الاستثمار الأمثل للواقع، وفي الوقت ذاته هو
دعوة للمؤثرين من أهل التربية ليجددوا مشاريعهم التربوية، ويخضعوا القوالب للمراجعة
والتطوير، من غير مساس بالمنهج والأصول.
وقد تناول المؤلف في هذا الكتاب عددًا من المباحث، وهي كالتالي:
المبحث الأول: الجيل الجديد:
في هذا المبحث تعرّض للتغير الاجتماعي والثقافي اللذيْن حلاّ
بالمجتمع نتيجة عدد من المؤثرات، وهو يجيب على السؤال التالي: هل مجتمع الشباب
والناشئة من الجنسين تغير؟! وإذا كانت الإجابة: نعم، فهل هذا التغير يستلزم تغييرًا
في البرامج والمشاريع التربوية كمًّا وكيفًا؟!
ثم تحدث المؤلف عن الإعلام المفتوح، وعن خطورة الدور الذي يقوم به،
وذكر لذلك بعض الأمثلة.
وتحدث كذلك عن حرية الرأي واعتناق الأفكار، وبيّن أن أحد أبرز
المستجدات في العقدين الأخيرين هو سهولة الاطلاع على مختلف الأفكار والمعتقدات
والآراء بلا ضابط، حتى تكونت فكرة (الرأي والرأي الآخر)، التي فتحت المجال على
مصراعيه لكل طرح مهما كان ضالًا أو متطرفًا. وليست المسألة بهذه السوداوية؛ فقد
وجدت شريحة من الشباب من الجنسين ضالتهم في طلب العلم الشرعي والمعرفي.
وتحدث المؤلف عن تدني مستوى الاحتشام بين الجنسين، وعن زلزلة الكيان
الأسري، وكيف أنها تعرضت إلى أطروحات هادمة متخذة من قضية الولاية والقوامة مدخلاً
واسعًا لها.
بعد ذلك يتساءل المؤلف: ماذا أحدثت قنوات التواصل الاجتماعي؟! ويجيب:
إنها عزفت على وتر الاحتياجات النفسية بشكل هائل، وقد حققت للشباب الفرصة لإثبات
الذات وتعويض النقص، وعملت على سهولة إقامة العلاقات غير المشروعة، كما أضافت كذلك
نقطة قوة لهم في الوقت الذي يهون فيه المجتمع من قيمة الشباب.
المبحث الثاني: الشواهد التاريخية للإبداع الدعوي والتعليمي:
في
هذا المبحث يؤكد المؤلف أن التاريخ صفحات مطوية، ننشرها لنستلهم منها الدروس
والعظات، وتعيننا على تخطي الحاضر واستشراف المستقبل، وأن الأحداث الكبرى عبر
التاريخ ارتبطت بتغيير الاستراتيجيات، فسياسة الدعوة النبوية قبل الهجرة تختلف
عنها بعد الهجرة، وما بعد فتح مكة يختلف عما قبله.
وحذر
المؤلف من إخضاع التفكير لأنماط الماضي وعدم الانتباه لإدبار الزمان، وأن الإبداع
والابتكار هما العنصران المؤهلان لقيادة الحاضر إلى المستقبل.
ثم
استعرض بعد ذلك ثلاثة شواهد تاريخية، بين من خلالها أثر تغيير الاستراتيجيات في
العمل لخدمة الإسلام، وتجديد الوسائل والتقنيات مع المحافظة على الثوابت.
المبحث الثالث: خطوط عريضة:
وهنا أشار إلى سبعة خطوط عريضة تؤطر العمل التربوي، نذكر منها:
·
أن
التربية لا بد أن تتمسك بمنهج السلف الصالح:
فمن الأصول التي يجب اليقين بها أن الإسلام صالح لكل زمان ومكان، وقد
استطاع أهل العلم وفقهاء التربية -رغم تعاقب العصور واختلاف أنماط الحياة- أن
يتكيفوا مع واقعهم دون المساس بشيء من أصيل منهجهم، وإننا بحاجة اليوم إلى إعادة
النظر في مقرراتنا التربوية وأهدافنا
الريادية لنعيد تشكيلها من جديد، فيثبت المنهج وتتغير المحتويات والأدوات
والتقنيات.
·
أن
التربية يجب أن تغرس اليقين في مسائل الإيمان الكبرى:
فنحن أمام أجيال يطاردها الشك وتحاصرها الحيرة، ويجب أن نعرض عليهم
مسائل الإيمان بالطريقة ذاتها التي عرضها القرآن أول مرة، فأسس التصورات وأوجد القناعات
وسد الفراغات.
·
أن
التربية تلبي حاجات المتربين:
لدينا ثلاث دوائر ننطلق منها في تصحیح برامجنا التربوية: (دائرة الاحتياجات
التربوية، ودائرة الاحتياجات الإدارية، ودائرة الاحتياجات الإنسانية)، وحاجات
المتربين ليست شيئًا واحدًا، بل متنوعة، وإن هذا الاهتمام بحاجات المتربين يكمل
جوانب الشخصية؛ فالتربية الإيمانية لا تكفي وحدها في بناء الشخصية الإسلامية،
ما لم يصاحبها بناء نفس متكامل يصنع الاستقرار والتوازن.
·
أن
التربية تسعى إلى بناء متكامل للشخصية:
فمنهج التربية الإسلامية منهج متكامل، ولكل جانب من جوانبه مساره ومفرداته
ومضامينه ونصيبه من البرامج التربوية، ولا يصح إغفال جانب لحساب آخر؛ لأن الإنسان كل لا يتجزأ.
المبحث الرابع: مع المحاضن التربوية:
أشاد هنا المؤلف بوجود وانتشار المحاضن التربوية في مجتمعاتنا، وما
كان لها من الأثر الكبير في تخريج علماء ومشايخ ودعاة ومربين أفاضل ورجال دولة
وأصحاب وظائف مرموقة.
وذكر أن من أهم الأمور في بناء الفكرة التربوية هي هوية المحضن، فلا
بد للمربي أن يطرح بعض الأسئلة التي تكشف له هوية المحضن بشكل واضح، ومع التنوع
الذي ازداد اليوم في شرائح البنين والبنات كان لزامًا علينا أن نواكب هذا التنوع
في شرائحهم بتنوع في المحاضن التربوية وأهدافها وهوياتها؛ ما يجعلنا قادرين على
استيعاب هذه الشرائح المختلفة والمتنوعة.
فإذا حددنا هوية المحضن التربوي وبنينا فكرته وصنعنا رؤيته؛ فأول
خطوة تليها هي صياغة الأهداف العامة له.
وتحت عنوان المراجعات الموسمية أشار المؤلف إلى أن النقد من الداخل
والمراجعات بحاجة إلى شجاعة أدبية كافية تؤهل العاملين للنقاش دون خوف أو توجس
ونحوه، كما أنها بحاجة إلى تجرد وإخلاص.
المبحث الخامس: ركائز النجاح في المحاضن التربوية:
بيَّن المؤلف في هذا المبحث أن للمحضن التربوي -أيًا كان نوعه- ركائز
ثلاثة يقوم عليها:
الركيزة الأولى: دفء الأخوة:
وهي ركيزة تتناول الجانب النفسي والاجتماعي لدى المتربي، فإن المحضن
التربوي الذكي هو الذي يفطن جيدًا إلى المسألة الإنسانية لدى أفراده.
الركيزة الثانية: طعم الإيمان:
ويتذوق الطلاب حلاوة الإيمان حين تتشبع حاجاتهم الروحية بحب الله وحب
محبوبات الله تعالى، من خلال تقديم المواعظ الرقيقة التي تخاطب الوجدان والقلب
والعقل، وكذلك ببناء التصورات الإيمانية الصحيحة، والانطلاق من القرآن في بناء هذه
التصورات هو أفضل طريقة، ثم يعقب بحاكمية الوحي، بمعنى أن الوحي حاكم على السلوك،
وتكون القدوات المتمثلة له حية فاعلة.
الركيزة الثالثة: تحرير الإنسان:
وهي تتمثل في التسليم لله رب العالمين، ولا يتحرر المرء من القيود
التي تصادم الشريعة إلا من خلال ثلاث نقاط:
·
الموازنة
بين الفردية والجماعية.
·
تحرير
العقل وتنميته.
·
بناء
الشخصية.
المبحث السادس: العودة إلى التربية المكية:
وفيه ذكر المؤلف أن للتربية في العهد المكي أربعة عناصر، وهي:
·
التربية
الإيمانية.
·
إصلاح
السلوك بمشاهد الآخرة.
·
إقامة
الصلاة المفروضة.
·
الذكر
والدعاء علامة الإيمان وزاد المؤمنين.
المبحث السابع والأخير: المربون في العصر الجديد:
وأوضح في هذا المبحث أن المربين والمربيات هم حجز الزاوية في العمل
التربوي، وهم المباشرون لبناء الشخصيات وتزكية النفوس وتصحيح الانحرافات، ومع هذا
فهم لم يسلموا من التأثر بالتحولات المجتمعية، ولذلك وجبت العناية بشأنهم والعمل
على أن تتوفر فيهم مواصفات محددة تتناسب مع هذه الحقبة الجديدة.
إضافة تعليق