أحببتُ أن أستشيركم في مشكلتي مع ابني المراهق -أكبر أبنائي-، والذي يبلغ من العمر 15 سنة، وقبل أن أطرح عليكم المشكلة سأعطيكم نبذةً مختصرة عنه

أحببتُ أن أستشيركم في مشكلتي مع ابني المراهق -أكبر أبنائي-، والذي يبلغ من العمر 15 سنة، وقبل أن أطرح عليكم المشكلة سأعطيكم نبذةً مختصرة عنه: ابني عمر ناجح إلى الصف العاشر، وهو متفوق دراسيًا -والحمد لله-، يذهب إلى مدرسة بيئتها ملتزمة أخلاقيًا ودينيًا إلى حدٍ ما، كما أنه يحفظ قرابة عشرين جزءًا -ولله الحمد والمنة والفضل في ذلك-؛ حيث إنه يذهب إلى مركزٍ لتحفيظ القرآن بمعدل 3 مرات أسبوعيًا خلال أيام المدرسة، وشارك في عدة مسابقات وفاز بها -والحمد لله-. حاولت أنا ووالده إشغال وقته وإخوته بما يُفيد، فإلى جانب مركز القرآن فهو يذهب للتدريب في نادٍ لكرة القدم في نهاية الأسبوع؛ لشغفه بهذه الرياضة، علمًا أنه ليس لديه الكثير من الأصدقاء، ويميل للعزلة في بعض الأحيان.

مشكلتي معه هي تعلقه الكبير بالإنترنت، وأنا أتفهم أن هذا هو مرض العصر، ولكن من أجل حماية أولادي حرصت على وضع جهاز الكمبيوتر في مكانٍ مرئي للجميع في الصالة، أما الاتصال بالإنترنت فله وقتٌ مقنن نتحكم به أنا ووالده من خلال جوالاتنا -لا توجد شبكة واي فاي مفتوحة في البيت، وإنما نعطي الإنترنت عن طريق جوالاتنا، فيستطيع اتصال شبكة الجوال بالكمبيوتر-.

لا أخفيكم أن ابني يذهب في قليلٍ من الأحيان هو وصديقه لمقهى للإنترنت مجاور للبيت؛ للعب بعض الألعاب العنيفة التي لا أسمح بها في البيت.

منذ فترة ست أشهر أعطاه والده جوالًا حديثًا مع خط، ولكن من غير الاشتراك بالإنترنت، فاكتشفت بعد مدة يسيرة أنه قد اشترى خطًا آخر من إحدى المحلات، وطبعًا اشترك بإحدى الباقات للاتصال بالإنترنت من دون علمنا، إلى هنا لم تبدأ المشكلة.

بعد فترة اطلعت على جواله بعد أن غلبه النوم، وهو يشاهد أحد المسلسلات الفكاهية على الجوال، وبقي جواله مفتوحًا، فلم أحتج إلى كلمة السر، ولدى تصفحي لما في الجوال وجدت بعض المقاطع الخليعة محفوظة في ملف الفيديو، وطبعًا فجعت وصدمت بما رأيت، فقمت عندها بمسحها، وأرجعت الموبايل إلى جانبه؛ عسى أن تكون ذلك رسالة غير مباشرة له، ولم أفتح معه هذا الموضوع مطلقًا، وبعد فترةٍ وجيزةٍ تم حرمانه من الجوال؛ لأنه قد أخل باتفاق كان قد أبرمه مع والده، ولم يف به، وبعد مرور فترة الحرمان أعاد والده الجوال إليه، ومنذ ذلك الوقت بدأت ألحظ قضاءه الوقت الطويل لاهيًا به، وأغلب الأحيان يجلس بمفرده في الغرفة، أو يدخل الحمام مع الجوال، ويقضي الوقت الطويل.

بدأ الشك يتسرب إلى نفسي، خصوصًا وأنه ينام والجوال بيده لا يفارقه أبدًا، وكأنه خائف من شيء، ومنذ أسبوع لم أعد أقدر تحمل هذا الشيء، فناديته وأجبرته على فتح الجوال أمامي، وإلغاء كل كلمات السر التي وضعها، وما أكثرها!

لم يخل الأمر من مقاومة شديدة، ومحاولة للهروب عدة مرات، ولكن لم يستطع الإفلات مني ومن والده، وعندما بدأت بتصفح الجوال قال لي: هناك أشياء خاصة لا أريدك أن تشاهديها، وكما توقعت مقاطع فيديو خليعة، وتطبيقات محملة على الجوال من نفس النوع.

حاولت أن أكون هادئة ومتوازنة قدر الإمكان أثناء مواجهته، وقلت له: ألا تخجل من ذلك، فوالله إني أخجل من محادثتك بذلك، ألا تعرف أن الله يراك؟! هذه مقاطع محرمة، كلها عورات وفساد، والله لا يرضى عن ذلك، أين حفظ القرآن؟! كيف تحفظ هذه النجاسة مع القرآن في مكانٍ واحد؟! وكلام آخر لا يحضرني الآن...

وقلت له: سنأخذ منك الجوال، ونمسح منه كل شيء في الوكالة حتى ننظفه، ولكنا قد أعطيناك الثقة بأن تستعمله في الأشياء المفيدة، ولم نكن نتوقع هذا منك، وأظن أننا كنا مخطئين عندما أعطيناك الجوال، والظاهر أنك غير جاهز لاستعمال هذا الجهاز، وأنا لا أرضى بأن أعطيك جهازًا لأفسدك به، كما أنني لو أعطيتك سكينًا لتقطع بها الفواكه فقمت وقتلت بها أناسًا بريئين، سآخذه منك حتى تعرف كيف تستخدمه، وأنهيت الموضوع بذلك.

طبعًا جن جنونه، وحاول أن يستفزنا بشتى الوسائل، ولكنا حاولنا الحفاظ على هدوئنا، كما أني حرصت أن أكون ودودة معه بعد هذه الحادثة، ولم أقاطعه أو أفعل أي شيء، وإنما أبقيتُ الأمور طبيعية؛ حتى أبقي على علاقة طيبة معه، ولا يشعر أنه منبوذ في البيت.

أما والده فقاطعه مدة يوم أو يومين، ثم جاء هو واعتذر، ولم يطلب الجوال بعد ذلك، وللعلم فاعتذاره عادةً مجرد كلام لا أحس أنه يعنيه، وإنما واجب أن يقوم به لينجو من أي موقف، فهو ذكيٌ جدًا، وله أساليب عديدة في اللف والدوران على الأمور، كما أنه يكذب في بعض الأحيان.

أنا الآن في حيرةٍ من أمري؛ كيف أتصرف؟! هل أرجع له الجوال أم لا؟! ماذا أقول له؟! كيف أنصحه وأوجهه؟! ما هي الضوابط التي يجب أن أضعها؟! كيف أستطيع أن أكون مرتاحة البال، أو على الأقل مطمئنة أنه لن يعود لذلك مرةً أخرى؟! وأسئلة كثيرة جدًا تجول في خاطري.

أرجو أن أجد لديكم جوابًا على أسئلتي، وحلًا للمشكلة، وأعتذر على الإطالة، والأخذ من وقتكم، ولكني أطمع في الاستفادة من خبرتكم لإيجاد جوابٍ شافٍ، ونصائح أستفيد منها، وجزاكم الله كل الخير سلفًا. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الجواب:

بداية: نثني على تربيتك الإيمانية والأخلاقية لابنك، وعنده عدد من المميزات، منها: حفظ كتاب الله، وممارسة رياضة كرة القدم، والذكاء، والاعتذار عند الخطأ؛ كل هذه مميزات لابد من التركيز عليها، وتنميتها، وترسيخها -النظر إلى الجزء الممتلئ من الكوب-.

ونقول لك الآتي:

1- ابنك في مرحلة المراهقة، وهي مرحلة نمو كغيرها من المراحل -مرحلة التجربة، وحب التعرف على الجيد والمثير-.

2- كما نعرفك أن كثرة العقاب، وأخذ الجوال منه؛ يجعله يبحث عن وسائل أخرى، مثل الأصدقاء، والمعارف، أو مقهى الإنترنت لمشاهدة ما يرغب، فلابد أن يكون العقاب على قدر الخطأ، ولا داعي للمبالغة، وكثرة التأنيب.

3- نرجو الإكثار من الثناء والتشجيع، والحب، والاحتضان، والقبلات، والابتسامات له، وإبراز الجوانب الطيبة والإيجابية في شخصيته أمام الآخرين وبمفرده.

4- لابد من وجود قدوة حسنة، ومثل أعلى له من قدوته الحسنة.

5- رسم خطة للأهداف طويلة المدى، وقصيرة المدى، ماذا يريد أن يعمل هذا العام؟! وما خطته بعد خمس سنوات؟!

6- ممارسة الرياضة البدنية داخل البيت وخارجه، وأكثر من يومٍ واحد.

7- إيجاد الصديق الوفي، ومن خلاله يتم التوجيه إلى السلوك الجيد.

8- التقارب بينه وبين الأب والاحتضان، وتكوين صداقة، وكل منهم يفرّغ ما في صدره للآخر، والخروج معًا.

9- ممارسة هواية مفيدة، أو التطوع لخدمة الأيتام أو ذوي الإعاقة أو المسنين.

10- الإكثار من العلاج العقلاني، كما كنت تقولين له: كيف تضع هذه المشاهد مع القرآن الكريم في جوالك؟!

11- في النهاية هي مرحلة عمرية يمر بها كل الشباب، وعليك التحلي بالحكمة والوعي، وكوني أكثر ذكاءً منه.

12- التوعية من خلال قصص ومواقف حدثت لشباب كانوا يستخدمون هذه الأفعال.

والله الموفق.

ما الفرق بين خجل الطفل وضعف شخصيته ؟ كيف أوازن بين تربية ولدي على التسامح وعدم تضييع الحق؟! أفكار عملية لمختلف المراحل.. كيف نرسّخ عقيدة أبنائنا حول فلسطين والأقصى؟ انكفاء النُّخب والقيادات الدعوية معرفة أحوال المدعوين.. طريق المربي للدعوة على بصيرة