السلام عليكم، بعد إذنكم أنا متطوعة في نشاط مع أطفال من ٥ لـ٨ سنوات، لمدة ٣ ساعات أسبوعيًا بين لعب وأنشطة ثقافيه ودينية وهكذا. عندي ثلاثة أسئلة:
السؤال:
السلام عليكم، بعد إذنكم أنا متطوعة في نشاط مع أطفال من
٥ لـ٨ سنوات، لمدة ٣ ساعات أسبوعيًا بين لعب وأنشطة ثقافيه ودينية وهكذا. عندي ثلاثة
أسئلة:
أولًا: أنا طالبة جامعية لم أدرس ولم أتخصص في تربية الأطفال،
لكن هناك مبادئ وأساليب أطبقها معهم، وأود الاستزادة من مصادر مبسطة أفهم بها
عقليه ونفسية الطفل تجعلني أتصرف بشكل أفضل في المواقف التي يكون فيها الطفل عنيدًا
رافضًا الانصياع، أو باكيًا على أي شيء، أو عصبيًا وعنيفًا... أو غير ذلك من
المشكلات.
فأرجو أن ترشحوا لي مجموعة من المصادر أو الموضوعات التي
أجد فيها إجابات عن هذه التساؤلات.
ثانيًا: من ناحية العلاقات بين الأولاد والبنات في هذه السن،
لم أكن أتصور أنه من الممكن أن تنشأ علاقة إعجاب بين طفل وطفلة في هذه المرحلة، لكن
مرة قال لي طفل في السابعة من عمره: أنا معجب بفلانة. فصدمت لأنني أتعرض لمثل هذا
الموقف للمرة الأولى، فقلت له: نحن هنا كلنا أصحاب ومثل الإخوة ويحب بعضنا بعضًا. لكنه
أصر أن الأمر مختلف بالنسبة إليه وأنه يحبها!
ثم فاتحني بعدها بفتره في الموضوع مرة أخرى، وقال لي: إن
الموضوع سر بيني وبينه، لا يعرفه سوى أخته وصاحبه، فقلت له: أنت لا تزال صغيرًا،
ولا يصح الآن أن تذهب للبنت وتخبرها بحبك لها أو إعجابك بها، حينما تكبر وتدخل
الجامعة وتعمل يمكنك حينها أن تحب، وستكون جاهزًا للزواج، فعليك أن تحافظ على
مشاعرك.
أنا ممتنة أنه وثق فيّ وحكى لي بأريحية، لكن من الناحية
الأخرى لا أدري ماذا عليّ أن أفعل كي أوجهه في هذه السن، هل أوجهه تربويًا أم دينيًا
أم لا أتدخل في ذلك مطلقًا؟!
أيضًا لو رأيت طفلاً معجبًا ببنت ومصرًّا على أن يكون
معها في تقسيمة الأنشطة؛ فإنني أحاول أفصل بينهما بشكل غير ملحوظ، فهل هناك أطفال
في هذه السن يمكن أن تفكر في الأمر بشكل جنسي؟! علمًا بأن الأنشطة بعد ٨ سنين
منفصلة، لكن المرحلة الأصغر لا.
الجواب:
أولاً:
شكرًا لكم لثقتكم في موقعنا، وعلى مجهودك الذي تبذلينه من أجل النهوض بأبنائنا وحل
مشكلاتهم بصورة تربوية سوية.
أما بخصوص
استفسارك فإن مرحلة الطفولة رغم بساطتها ظاهرًا إلا أنها مرحلة من أهم مراحل
الحياة التي تمهد لمرحلة لا تقل أهمية عنها وهي مرحلة المراهقة، والتي تؤسس
لشخصيات متوازنة ومنسجمة مع الذات والمحيط.
من يتعامل
مع الأطفال في المحاضن التربوية ينبغي أن يكون لديه استعدادات فطرية للحب والرعاية،
وسمات شخصية أهمها سعة الصدر وحسن التصرف، وإمكانات وقدرات تجعله قادرًا على
استيعاب سمات الأطفال وخصائصهم النمائية، وكذلك طبيعة المرحلة ومتطلباتها النمائية
المهمة والاستجابة لها والقدرة على محاورتهم بمستوياتهم العقلية المختلفة، وهذا لا
يتأتى إلا بالعلم والمعرفة وتطوير الذات.
إجابةً على
الشق الأول من الاستشارة والمتعلق بتطوير الجانب المعرفي في مجال الطفولة أقترح
مجموعة من الكتب وهي:
علم نفس
النمو (الطفولة والمراهقة) د. حامد زهران، مشكلات الأطفال والمراهقين ترجمة د.
نزيه حمدي، د. نسيمة داود، كتابيْ (أطفال مزعجون، الحاجات النفسية للطفل) د. مصطفى
أبو سعد.
أما فيما يتعلق بالشق الثاني من السؤال: هل يمكن أن تتطور مشاعر الحب تجاه الجنس الآخر في مرحلة الطفولة وماذا يمكن أن نصنع معها؟! فالإجابة: نعم؛ ولكن لا بد من الوقوف على الأسباب حتى نستطيع أن نبني تصورًا صحيحًا للتعامل مع هؤلاء الأطفال الذين يصارحوننا بمشاعرهم وميولهم
· الميول الفطرية تجاه الجنس الآخر -بلا شك- لا تظهر بشكل مفاجئ في مرحلة المراهقة، وإنما تبدأ هذه الميول بالاستيقاظ في مرحلة الطفولة المتوسطة من عمر (6 وحتى 12) والتي يقابلها شرعًا ما نسميه بـ "سن التمييز" الذي يعد فيه الطفل جاهزًا ومؤهلًا للتكليف الشرعي، وإن كانت كما يسميها العلماء أهلية ناقصة، حيث تُبنى عليه بعض الأحكام الشرعية مثل الأمر بالصلاة والتفريق بالمضاجع وغيرها من الحقوق والواجبات. ويميز مرحلة الطفولة المتوسطة بدء ضمور الغدة الثيموسية التي يعتقد أن لها دورًا في كف النمو الجنسي في مرحلة الطفولة المبكرة؛ حيث إن نقص إفرازها يؤدي للبكور الجنسي.
· التعلم بالنمذجة؛ حيث إن النماذج قد تكون مرئية (المسلسلات والأفلام)، أو مسموعة (القصص وحكايا الناس اليومية)، كل ذلك كفيل بإيقاظ المشاعر والعواطف لدى الطفل؛ ومن ثم تفسيره لأي شعور أو انسجام أو ميل أو استلطاف للجنس الآخر على أنه الحب الذي يتحدث عنه الناس. ويشير علماء الأعصاب والدماغ أن مركز الانجذاب والذي يفترض أنه لا يعمل في دماغ الطفل في مرحلة الطفولة يتم إيقاظه من خلال تعرض الطفل لمشاهدة مسلسلات وأفلام تحوي مشاهد تثير الغرائز والعواطف مهما بدت بسيطة للأهل.
ماذا نصنع في حالة كاشفنا الطفل بمشاعره وعواطفه؟!
·هناك ثلاث ردات فعل ينبغي تجنبها: نهر الطفل وزجره وتوبيخه على ما أفصح به من مشاعر، أو التجاهل والتقليل من قيمة عواطفه ومشاعره، أو تشجيعه وإطراؤه على فعله من خلال الضحك وجعل قصته حديث العائلة والأصحاب والتندر بها؛ ما يعزز الشعور لديه.
ردة الفعل ينبغي أن تكون هادئة فيها قدر من الثقة بالطفل وتقدير مشاعره وإحساسه، إضافة للتقبل والتفهم.
· الاستماع له بكل تفاصيل مشاعره، وإقامة حوار فعال قائم على التقبل غير المشروط (قائم على التسامح) من مثل:
- كيف فهمت أن هذا حب؟!
- هل تعلم أن الأطفال يصادقون؟! وأن الحب للصديق مشاعر عظيمة ورائعة تجعلنا نكون منسجمين ومرتاحين في علاقاتنا؟!
الحوار قد يطول، ويحتاج نفسًا طويلاً وقد يتكرر، وفي كل مرة ينبغي أن نظهر التقبل والثقة وتقديم الدعم النفسي المناسب.
· محاولة إيصال فكرة أن أية مشاعر حب في الطفولة لا تكون حقيقية بل هي مؤقتة، وأن كل الأطفال لا يستطيعون التمييز والتحقق من مشاعرهم بحكم نموهم، وأن ما يشعرون به هو انسجام واستلطاف وصداقة. وأن العمر المناسب للحب هو بعد أن يكون الإنسان قد كبر وتعلم ونضج بما يمكنه من تمييز مشاعره الحقيقية، حتى يختار من يحب بناءً على ما يناسبه بشكل سليم.
· الحديث مع الأهل وضرورة مساعدة طفلهم لتخطي الحالة العاطفية التي يمر فيها بشكل تربوي كما تم الوصف أعلاه، مع ضرورة إشغال الطفل بأنشطة مختلفة ومتنوعة ذهنية أو جسدية، وملء فراغه بالنافع المفيد وعدم تركه لأفكاره وتصوراته، والانتباه إليه وقت شرود الذهن أو أحلام اليقظة وإلهائه، مع ضرورة تجنب الألعاب الإلكترونية.
· الانتباه لما يسمع الطفل ويشاهد، وتجنب مشاهدة المسلسلات والأفلام وحتى الكرتون الذي قد يكون فيه ما يثير. تتهاون كثير من الأسر بقدرة الأطفال على تخزين الصور والكلمات التي يسمعونها، وعلى التخيل والتصور الخاص بهم، فيتكلم الأهل بقصص وحكايا الكبار أمام الصغار، إضافة لما يشاهدونه على أرض الواقع من تجاوزات أو من خلال ما يعرض على شاشة التلفزيون.
· الفصل بين الذكور والإناث قدر الاستطاعة، وعدم الاستهانة بهذا الأمر في هذه المرحلة لتوفير أجواء سليمة وبيئة نظيفة للتربية القويمة.
· الإشباع العاطفي المتزن من قبل الوالدين والمحيطين؛ حيث إن الحب من الحاجات الأساسية التي يسعى الإنسان بفطرته لإشباعها. وأي حرمان عاطفي قد يترتب عليه الكثير من التشوهات النفسية أو الانحرافات السلوكية، يرافقها البحث عن طرق قد تكون مشروعة أو غير مشروعة للإشباع العاطفي.
الإشباع العاطفي المتزن لا يعني الدلال وتلبية جميع الاحتياجات والاستجابة لكل رغبات الطفل؛ بل هو تقديم الحب غير المشروط والدعم والرعاية والاهتمام بكل التفاصيل، مع ضرورة وجود دستور منزلي يوضع بالاتفاق بين الجميع يشمل القوانين والتعليمات الأسرية؛ لتحقيق الاستقرار الأسري، والذي بدوره يعمل على تهيئة أجواء مناسبة للإشباع العاطفي.
خلاصة الأمر:
يعد الحب والدعم الأسري والتربوي، والتفهم للطفل والتقبل غير المشروط، وامتلاك بعض المعارف حول الطفولة، وبعض مهارات الحوار؛ شروطًا مهمة لتخطي أي مشكلة قد تواجه الطفل، وإلا فإن النتيجة اضطرابات نفسية في المراهقة والشباب سببها مشكلات الطفولة غير المحلولة وسوء التعامل معها.
Senkani rachid
شكرا على المعلومات التي نحن بحاجة اليها وشكرا مرة اخؤى