لديّ ابن في التاسعة من عمره، وهو مشاغب جدًا وعنيد، وجربت معه كل أساليب العقاب ولم يجدِ معه غير الضرب؛ فهو بهذه الطريقة فقط يتأدب ولا يكرر خطأه. فهل يؤثر العقاب الجسدي على نفسيته أم أستمر فيه؟!
المشكلة:
لديّ ابن في التاسعة من عمره، وهو مشاغب جدًا وعنيد، وجربت معه كل أساليب العقاب ولم يجدِ معه غير الضرب؛ فهو بهذه الطريقة فقط يتأدب ولا يكرر خطأه. فهل يؤثر العقاب الجسدي على نفسيته أم أستمر فيه؟! أشعر بحالة من تأنيب الضمير وأنا أضربه لكن ليس بيدي حيلة أخرى؟! فهل هناك بدائل عقابية أخرى للضرب؟! أريد أن أعاقب ابني وأنا مطمئنة من عدم إيذائه. أفيدوني..
الجواب:
الأم
الكريمة: لقد أثبتت كافة الدراسات والأبحاث التي تم إجراؤها حول التأثير السلبي
للضرب أو العقاب الجسدي على أنَّ هذا أمر منطقي، فإذا ضُرب أحدنا أو إحدانا بهدف
تغيير السلوك قد تتأذى علاقتنا بمن قام بالضرب؛ لأننا قد نشعر بالمرارة أو الغضب
من الفاعل بسبب الفعل.
ولا
يختلف الأمر عند الأطفال؛ فببساطة لا يمكن للعقاب الجسدي أن يكون بنّاءً، بل على
العكس هو يهدم روح الطفل من الداخل، ويؤذي علاقاته مع العالم حوله، وقد يسبب عقاب
الأطفال بالضرب الاكتئاب لهم، وينزع شعورهم بقيمتهم، وقد يقوي نزعة الكذب عند
الطفل بهدف الفرار من ألم الضرب.
إنّ
أحد أسباب شيوع تعنيف الأطفال جسديًا بالضرب هو أنّه فعّال، ولكن ظاهريًا، فقد
توقف صفعة موجهة إلى طفل مد يده للإمساك بغرض لفت انتباهه، ولكن بعد مرور اللحظة
لا يوجد أي فائدة لتلك الصفعة في تعليم الطفل الامتناع عن ذلك السلوك مستقبلاً؛
فالصفعة التي تم توجيهها للطفل لم تطور قدراته على التّحكم الذاتي بتصرفاته،
ولكنّها على المدى الطويل تعلمه استعمال السلوك العدواني معك ومع إخوته ومع
أصدقائه وشريكة حياته مستقبلاً، وهذا أمر منطقي، فقد شاهد الأطفال مثلاً يُحتذى
يعلمهم أنّ العنف وسيلة لحل المشكلات يستعملها الآباء والأمهات.
بالإضافة
إلى التغييرات التي تم رصدها في تركيب الدماغ عند تصوير أدمغة الأطفال الذين
تعرضوا للضرب، وكانت التغيرات المرصودة موجودة في الأجزاء التي لها علاقة بالأداء
في فحص معامل الذكاء، بالإضافة إلى الأجزاء التي تتعامل مع العواطف وتنظم ما يحدث
عند التعرض للضغط النفسي.
ويعد
معظم علماء نفس الطفل أن أي ضرب موجه للطفل حتى على القفا هو عدوان جسدي عليه. وقد
بينت نتائج الدراسات أنَّ الأطفال الذين يتعرضون للصفع في سنّ ثلاث سنوات هم
الأكثر احتمالاً للتصرف بعدوانية في سنّ خمس سنوات، وهم من سيظهرون سلوكيات تحدٍّ
للوالدين، والمطالبة بالاستجابة الفورية لطلباتهم وفقدان الصبر، ونوبات الغضب
والتعبير بواسطة الاعتداء على الآخرين.
ولكن
هل هناك وسائل بديلة للضرب في تربية الأطفال؟!
أكدت
عدد من المؤسسات المعنية بالطفولة رفضها وعدم تأييدها لضرب الأطفال تحت أي ظرف من
الظروف، وحتى الضرب على القفا، والذي اعتبرته وسيلة للعقاب تفقد فاعليتها مع تكرار
استعمالها، كما أنّها تزيد صعوبة تربية الأبناء والبنات بعد أن يشبوا على مرحلة
الضرب، ومن الضروري استبدال الضرب بعدد من الأساليب والطرق التي تؤهل الطفل للضبط
الذاتي بعد أن يتعرف ما السلوك المقبول وغير المقبول، وذلك بمناقشة بما يجب عليه
أن يقوم به أو ما يتجنبه؛ وذلك لمساعدته على فهم الدافع أو السبب الذي دفعه إلى
التصرف الخاطئ الذي قام به.
ومن
الوسائل البديلة للضرب: عزل الطفل عنك وإبعاده إلى منطقة تكون آمنة مع مراقبته،
وتكون الفترة الزمنية لإبعاد الطفل متناسبة مع عمره، أو تحويل طاقته واهتماماته
إلى شيء آخر.
الأم
الكريمة: من الضروري بما أنّك تفقدين صبرك عند تصرفات ابنك فعليك الابتعاد إلى
غرفة أخرى وترك المكان لبعض الوقت لتهدئي قبل أن تحاولي حل المشكلة مع الطفل، ولا
تتحدثي مع طفلك وأنت غاضبة؛ فهذا سيزيد من المشكلات بينكما، ولن يعدل الطفل من
سلوكه الذي أغضبك.
وفقك
الله لكل خير.
إضافة تعليق