فلا يصلح أن يكون الإنسان عابدًا في نفسه، بل لابد من تعبيد الناس لله تعالى حتى يستقيم أمر هذا الكون،.
ثانيًا الهدف:
هو
ما يقصد إليه الإنسان، ويجعله غرضًا يسعى للوصول إليه، لتحقيق غايته في الحياة
من إرضاء الله تعالى والفوز بالجنة.
ويمكن تحديد
أهداف المسلم في الحياة في التالى:
أولًا: تعبيد النفس لله تعالى:
أى تحقيق الهدف الذى من أجله خلقنا الله تعالى: (وَمَا
خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) [الذاريات: 56]. أن يتحول
الإنسان إلى عبد لله تعالى؛ يسمع ويطيع فيما أحب وكره، ولا يكون ذلك إلا بفعل ما
أمر به الله ورسوله، واجتناب ما نُهي عنه.
وتحقيق العبودية هو الهدف من
إرسال الرسل وإنزال الكتب، والهدف من أى منهج سماوى: (وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي
كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ...) [النحل:
36].
وقال تعالى: (يَا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ
الشَّيْطَانِ ۚ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِين) [البقرة: 208]، وقال تعالى: (يَا
أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ
قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) [البقرة:21]، وقال تعالى: (وَمَا أَرْسَلْنَا
مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا أَنَا
فَاعْبُدُونِ) [الأنبياء:25]، وقال تعالى: (وَمَا أُمِرُوا
إِلا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ ([البينة:5].
وفي الحديث عَنْ مُعَاذِ بْنِ
جَبَلٍ -رضي الله عنه- قَالَ: كُنْتُ رِدْفَ رَسُولِ اللّهِ -صلى الله عليه وسلم-
عَلَى حِمَارٍ يُقَالُ لَهُ عُفَيْرٌ. قَالَ: فَقَالَ: "يَا مُعَاذُ!
أَتَدْرِي مَا حَقُّ اللّهِ عَلَى الْعِبَادِ وما حقُّ العبادِ عَلَى الله؟"،
قَالَ: قُلْتُ: الله وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ: «فَإِنَّ حَقَّ اللّهِ عَلَى
الْعِبَادِ أَنْ يَعْبُدُوا اللّهِ وَلاَ يُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا. وَحَقُّ
الْعِبَادِ عَلَى اللّهِ -عَزَّ وَجَلَّ- أَنْ لاَ يُعَذِّبَ مَنْ لاَ يُشْرِكُ
بِهِ شَيْئًا». قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللّهِ! أَفَلاَ أُبَشِّرُ النَّاسَ؟
قَالَ: «لاَ تُبَشِّرْهُمْ. فَيَتَّكِلُوا». [متفق عليه].
ثانيًا: تعبيد
الناس لله تعالى:
فلا يصلح أن يكون الإنسان عابدًا
في نفسه، بل لابد من تعبيد الناس لله تعالى حتى يستقيم أمر هذا الكون، والآيات
والأحاديث التي تدعو إلى تعبيد الناس لربهم من الكثرة بمكان؛ قال تعالى:
(وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ
بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ ۚ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)
[آل عمران 104]، وقال تعالى: (وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِّمَّن دَعَا إِلَى
اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ) [فصلت 33]، وقوله:
(قُلْ هَٰذِهِۦ سَبِيلِىٓ أَدْعُوٓاْ إِلَى ٱللَّهِ ۚ عَلَىٰ بَصِيرَةٍ أَنَا۠
وَمَنِ ٱتَّبَعَنِى ۖ وَسُبْحَٰنَ ٱللَّهِ وَمَآ أَنَا۠ مِنَ ٱلْمُشْرِكِينَ) [يوسف
108]، وقال تعالى: (ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ
الْحَسَنَةِ ۖ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ۚ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ
أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ ۖ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ) [النحل
125].
وفي الحديث عن
أبي مسعود البدري -رضي الله عنه- عن النبي ﷺ قال: «من دلَّ على خير، فله مثلُ أجرِ
فاعلِه". [رواه مسلم برقم (3509)].
وعن أَبِي هُريرةَ، رضي الله عنه، أَنَّ رسولَ
اللَّه ﷺ قالَ: "مَنْ دَعَا إِلَى هُدًى كَانَ لَهُ مِنَ الأَجْرِ مِثْلُ
أُجُورِ مَنْ تَبِعَهُ، لا يَنْقُصُ ذلِكَ مِنْ أُجُورِهِم شَيْئًا، ومَنْ دَعَا
إِلَى ضَلَالَةٍ كَانَ عَلَيْهِ مِنَ الإِثْمِ مِثْلُ آثَامِ مَنْ تَبِعَهُ، لا
يَنْقُصُ ذلكَ مِنْ آثَامِهِمْ شَيْئًا". [رواه مسلم].
وعن عبد الله بن
مسعود -رضي الله تعالى عنه- قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: "نضَّر الله امرأً
سمع منا شيئًا، فبلغه كما سمعه، فرب مبلغ أوعى من سامع". [رواه الترمذي وصححه
الشيخ الألباني برقم (6764)].
وفي حديث سهل بن
سعد -رضي الله عنه-، عندما نصح النبي ﷺ علي بن أبي طالب في خيبر: "انْفُذْ
عَلَى رِسلِكَ حَتَّى تَنْزِلَ بِسَاحتِهِمْ، ثُمَّ ادْعُهُمْ إِلَى الإِسْلامِ،
وَأَخْبرْهُمْ بِمَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ مِنْ حقِّ اللَّه تَعَالَى فِيهِ،
فَواللَّه لَأَنْ يَهْدِيَ اللَّهُ بِكَ رَجُلًا وَاحِدًا خَيْرٌ لَكَ مِنْ حُمْرِ
النَّعَم".ِ [متفقٌ عَلَيهِ].
وعن أبي رقية
تميم بن أوسٍ الداري -رضي الله تعالى عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "الدِّين
النصيحة"، قلنا: لِمَن؟ قال: "لله، ولكتابه، ولرسوله، ولأئمة المسلمين،
وعامتهم". [رواه مسلم في صحيحه برقم (3509)].
ويمكن رؤية أثر
التربية بالأهداف من خلال المنهج النبوي متجسدة في قصة ربعي بن عامر، فخلال فتح
المسلمين لفارس أرسل "رستم فرخزاد" قائد الفرس يطلب من المسلمين وفدًا
للتفاوض معه؛ وذلك لرغبته في الصلح، فذهب ربعي بن عامر ليقابل رستم، مع أنه لم يكن
من قواد الجيش الإسلامي.
دخل ربعي -رضي
الله عنه- على رستم في خيمته وقد زينوا مجلسه بالنمارق المذهبة، والزرابي الحرير،
وأظهر اليواقيت، واللآلئ الثمينة والزينة العظيمة، وعليه تاجه وغير ذلك من الأمتعة
الثمينة، وقد جلس على سرير من ذهب، ودخل ربعي بثياب صفيقة وسيف وترس وفرس قصيرة،
ولم يزل راكبها حتى داس بها على طرف البساط، ثم نزل وربطها ببعض تلك الوسائد،
وأقبل وعليه سلاحه ودرعه وبيضته على رأسه. فقالوا له: ضع سلاحك. فقال: إني لم
آتكم، وإنما جئتكم حين دعوتموني، فإن تركتموني هكذا وإلا رجعت. فقال رستم: ائذنوا
له. فأقبل يتوكأ على رمحه فوق النمارق فخرق عامتها. فقالوا له: ما جاء بكم؟ فقال:
الله ابتعثنا لنخرج من شاء من عبادة العباد إلى عبادة الله، ومن ضيق الدنيا إلى
سعتها، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام، فأرسلنا بدينه إلى خلقه لندعوهم إليه،
فمن قبل ذلك قبلنا منه ورجعنا عنه، ومن أبى قاتلناه أبدًا حتى نفضي إلى موعود
الله.
قالوا: وما
موعود الله؟ قال: الجنة لمن مات على قتال من أبى، والظفر لمن بقي. فقال رستم: قد
سمعت مقالتكم، فهل لكم أن تؤخروا هذا الأمر حتى ننظر فيه وتنظروا؟ قال: نعم! كم
أحب إليكم؟ يومًا أو يومين؟ قال: لا بل حتى نكاتب أهل رأينا رؤساء قومنا. فقال: ما
سن لنا رسول الله ﷺ أن نؤخر الأعداء عند اللقاء أكثر من ثلاث، فانظر في أمرك
وأمرهم، واختر واحدة من ثلاث بعد الأجل. فقال: أسيدهم أنت؟ قال: لا، ولكن المسلمين
كالجسد الواحد يجير أدناهم على أعلاهم.
فاجتمع رستم
برؤساء قومه فقال: هل رأيتم قط أعز وأرجح من كلام هذا الرجل؟ فقالوا: معاذ الله أن
تميل إلى شيء من هذا، تدع دينك إلى هذا الكلب! أما ترى إلى ثيابه؟ فقال: ويلكم لا
تنظروا إلى الثياب، وانظروا إلى الرأي، والكلام والسيرة، إن العرب يستخفون بالثياب
والمأكل، ويصونون الأحساب.
ثم بعثوا يطلبون
في اليوم الثاني رجلاً، فبعث إليهم حذيفة بن محصن، فتكلم نحو ما قال ربعي. اهـ.
وكان ابن كثير
قد ذكر أيضًا في قصة رستم، أنه لما تواجه الجيشان -يقصد جيش الفرس مع جيش المسلمين
في معركة القادسية- بعث رستم إلى سعد بن أبي وقاص قائد جيش المسلمين، أن يبعث إليه
برجل عاقل عالم بما أسأله عنه، فبعث إليه المغيرة بن شعبة -رضي الله عنه-، فلما
قدم عليه جعل رستم يقول له: إنكم جيراننا، وكنا نحسن إليكم ونكف الأذى عنكم،
فارجعوا إلى بلادكم ولا نمنع تجارتكم من الدخول إلى بلادنا.
فقال له
المغيرة: إنا ليس طلبنا الدنيا، وإنما همنا وطلبنا الآخرة، وقد بعث الله إلينا
رسولاً، قال له: إني قد سلطت هذه الطائفة على من لم يدن بديني، فأنا منتقم بهم
منهم، وأجعل لهم الغلبة ما داموا مقرين به، وهو دين الحق، لا يرغب عنه أحد إلا ذل،
ولا يعتصم به إلا عز.
فقال له رستم:
فما هو؟
فقال: أما عموده
الذي لا يصلح شيء منه إلا به فشهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله،
والإقرار بما جاء من عند الله.
فقال: ما أحسن
هذا؟! وأي شيء أيضًا؟
قال: وإخراج
العباد من عبادة العباد إلى عبادة الله.
قال: وحسن أيضًا،
وأي شيء أيضًا؟
قال: والناس بنو
آدم وحواء، فهم إخوة لأب وأم.
وقال: وحسن أيضًا.
فانظر أثر تربية
النبي -صلى الله عليه وسلم- في شخصية الصحابي الجليل، وهو ليس من قادة الصحابة ولا
السابقين ولا المقدمين فيهم.. لاحظ معي الجمل التي تبرهن على وضوح الغاية وبروز
الهدف عنده وعند بقية الصحابة -رضوان الله عليهم-:
1- ثقته وقوته وعدم تأثره بالزينة ومتاع الدنيا التي
يرفل فيها هؤلاء الكفار، بل تعمد أن يدوس عليها بحصانه، وأن يمزقها بسيفه.
2- قوله: "الله ابتعثنا لنخرج من شاء من عبادة
العباد إلى عبادة الله، ومن ضيق الدنيا إلى سعتها، ومن جور الأديان إلى عدل
الإسلام، فأرسلنا بدينه إلى خلقه لندعوهم إليه، فمن قبل ذلك قبلنا منه ورجعنا عنه،
ومن أبى قاتلناه أبدًا حتى نفضي إلى موعود الله".
3- قوله عندما سأله عن وعد الله لكم: "الجنة
لمن مات على قتال من أبى، والظفر لمن بقي".
4- تأثر رستم بشخصية ربعي وكلامه، حتى إنه صرح بذلك
أمام مستشاريه: أرأيتم من مَنطِقِه؟! أرأيتم من قوته؟! أرأيتم من ثقته؟! وقال: هل
رأيتم قط أعز وأرجح من كلام هذا الرجل؟! فقالوا: معاذ الله أن تميل إلى شيء من
هذا، تدع دينك إلى هذا الكلب!! أما ترى إلى ثيابه؟ فقال: ويلكم لا تنظروا إلى
الثياب، وانظروا إلى الرأي، والكلام والسيرة، إن العرب يستخفون بالثياب والمأكل،
ويصونون الأحساب.
5- قول المغيرة: إنا ليس طلبنا الدنيا، وإنما همنا
وطلبنا الآخرة، وقد بعث الله إلينا رسولاً، قال له: إني قد سلطت هذه الطائفة على
من لم يدن بديني، فأنا منتقم بهم منهم، وأجعل لهم الغلبة ما داموا مقرين به، وهو
دين الحق، لا يرغب عنه أحد إلا ذل، ولا يعتصم به إلا عز. وقول المغيرة أيضًا:
وإخراج العباد من عبادة العباد إلى عبادة الله. انظر معي هل رأيت وضوحًا أكثر من
ذلك.
أما عن وسائل
تعبيد الناس لله تعالى فقد حددها الله في قرآنه، والنبي -صلى الله عليه وسلم- في
مسيرته: الدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة، وكذلك الأمر بالمعروف والنهى عن
المنكر، والجهاد في سبيل الله لإزالة العوائق التي تحول بين الناس والإسلام.
ثالثًا: العمل
على إقامة شرع الله في الأرض والالتزام بأحكامه:
الخطوة التالية
بعد تعبيد النفس لله تعالى، ثم تعبيد الناس له، أن يكون هناك مجتمع يطبق فيه شرع
الله تعالى، ويتم فيه تعليم الناس دين الإسلام وأحكامه وشرائعه.
)فَلاَ
وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ
لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ
تَسْلِيمًا) [النساء: 65]، وقال
تعالى: (وَأَنِ احْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ
أَهْوَاءهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ عَن بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللّهُ
إِلَيْكَ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللّهُ أَن يُصِيبَهُم
بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ) [المائدة: 49]،
وقال تعالى: (إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ
النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللّهُ وَلاَ تَكُن لِّلْخَآئِنِينَ خَصِيمًا) [النساء: 105].
وفي الحديث عن
أبي هريرة عن النبي –صلى الله عليه وسلم- قال: "دعوني ما تركتكم؛ إنما أهلك
من كان قبلكم كثرة سؤالهم واختلافهم على أنبيائهم، فإذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه،
وإذا أمرتكم بأمر فائتوا منه ما استطعتم". [متفق عَلَيْهِ].
عن أبي هريرة –رضي
الله عنه- أن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- قال: "كل أمتي يدخلون الجنة
إلا من أبى"، قيل: ومن يأبى يا رسول الله؟! قال: من أطاعني دخل الجنة،
ومن عصاني فقد أبى". [رواه البخاري].
عن أبى نجيح
العرباض بن سارية -رضي الله عنه- قال: وعظنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-
موعظةً بليغةً؛ وَجلَتْ منها القلوب، وذرفت منها العيون؛ فقلنا: يا رسول الله،
كأنها موعظةُ مُوَدِّعٍ؛ فأوصنا؛ قال: "أوصيكم بتقوى الله، والسمع والطاعة؛
وإن تأمر عليكم عَبْدٌ حبشي؛ وإنه من يَعِشْ منكم فسيرى اختلافًا كثيرًا؛ فعليكم
بسنتي، وَسُنَّة الخلفاء الراشدين المهديين؛ عُضُّوا عليها بالنواجذ، وإياكم
محدثاتِ الأمور؛ فإنَّ كل بدعة ضلالةٌ، وكلُّ ضَلالَةٍ في النَّارِ". [قال
الترمذي: حديث حَسَنٌ صحيح].
فالآيات
والأحاديث واضحة في ضرورة الالتزام بشرع الله وأحكامه، وإقامة المجتمع المسلم وفق
ذلك، حتى نعبد الله تعالى حق عبادته، وبذلك نحقق أهداف المنهج النبوي في التربية،
وهكذا ينبغي أن تكون قضيتنا وهدفنا..
ختامًا..
مقارنة بين
مجتمع النبوة والقرون المفضلة توضح أثر تربيتهم على هذه الغاية وتلك الأهداف في
حياتهم وسلوكياتهم وواقعهم، وما حصله المسلمون من الراحة النفسية والطمأنينة،
وكذلك خضوع الأرض لهم وتغلبهم على أعدائهم رغم فارق القوة عدةً وعتادًا.
كذلك يبرز أثر
وضوح الغاية والهدف في حياة المسلم من وجود النموذج المسلم الملتزم بدين الله،
والذي يسعى والآخرة نصب عينيه، ويسعى لتعبيد نفسه لله ثم تعبيد الناس لله، ثم يكون
له دور في إقامة شرع الله في الأرض.
لذا ما أحوجنا لتحري منهجهم،
واتباع طريقتهم، واقتفاء أثرهم، وذلك بالعمل على إقامة المجتمع المسلم الذي تتضح
في حياة أفراده غايتهم وأهدافهم.
إضافة تعليق