أنا محفِّظ قرآن بأحد المساجد في ضاحيتنا، ولدي في حلقتي سبعة فتيان، جميعهم في سن المراهقة.. تسري بينهم ولله الحمد روح المنافسة، ومستواهم متقارب، إلا أنني في الفترة الأخيرة لاحظت على ثلاثة منهم تكاسلاً عن أداء بعض الطاعات
السؤال:
أنا محفِّظ قرآن بأحد المساجد في ضاحيتنا، ولدي في حلقتي سبعة فتيان، جميعهم في سن المراهقة.. تسري بينهم ولله الحمد روح المنافسة، ومستواهم متقارب، إلا أنني في الفترة الأخيرة لاحظت على ثلاثة منهم تكاسلاً عن أداء بعض الطاعات التي كانوا يواظبون عليها من قبل، كالصلاة في وقتها، وقراءة الورد اليومي، بل وأحيانًا مقدار الآيات التي أقررها عليهم.. فأرجو توجيهي للوسائل التي يمكنني من خلالها بث الهمة العالية فيهم مرة أخرى.
الجواب:
أشكرك
كل الشكر لسؤالك القيم، ومتابعتك وملاحظتك الدقيقة لتلاميذك، وتركيزك على السلوك
مع الحفظ، وهذا مما يغفل عنه الكثير من المحفِّظين وتشكر عليه.
يحصل في
بعض الأحيان أن يصاب المرء ببعض الفتور والتكاسل في أداء بعض الطاعات وخصوصًا لدى
الفتيان في هذه السن، ومما لا شك فيه أن للمرحلة العمرية التي يمر بها الفتيان مع
ما يرافقها من تبدلات فيسيولوجية ونفسية ومشاعر جياشة دور كبير في تحديد سلوكهم
وتصرفاتهم، فمع التطور الفيسيولوجي الحاصل يطرأ تبدل في المحاكمة والمنطق
والاحتياج، وكل هذا يجب مراعاته من المربي في تعامله مع أبنائه وطلابه.
ولا بد من تلمس الحاجات الحقيقية لكل فتى؛ إذ إنها
ليست واحدة لدى الجميع، ولاقتراح العلاج لا بد من معرفة الأسباب الحقيقية لهذا
الفتور والقصور والتكاسل فيما ذكرت عن أداء بعض الطاعات ومعالجتها، كل على حدة،
وهذه الأسباب قد تعود إلى العوامل البنيوية التكوينية للفتى نفسه، أو للبيئة
المحيطة به في البيت والمدرسة، وهي عوامل متغيرة وليست ثابتة، وأيضًا تختلف من فتى
إلى آخر، وفي هذه الحالة ننصح بدراسة كل فتى بصورة مستقلة عن أقرانه وتحديد
الأسباب والحلول، ومن ثم أساليب الترغيب والتحفيز الناجعة معه. وهذا يقتضي ما يلي:
- القرب
من الفتى أكثر، والإحاطة بأموره الشخصية، وتلمس حاجاته غير المشبعة، ومحاولة
إشباعها.
- تعزيز
بناء الهوية الشخصية بما يتناسب مع قيمنا السامية، بتذكيرهم بأقرانهم من أبناء
المسلمين الأوائل، والذين كانوا قادة في أعمارهم وفتحوا البلاد، ودانت لهم العباد،
وكتب ذكرهم التاريخ.
- الاجتهاد
في بناء شخصيته، والارتقاء بها، وتزويده بالمهارات الأخرى الضرورية للتعامل مع الآخرين،
ومنها مهارات التواصل مع الآخرين، ومهارات التفوق الدراسي.
- تغيير
طرق التدريس التقليدية إلى الطرق الحديثة التي تعتمد بصورة أكثر على المشاركة
والمرح، واستخدام ما يسمى باستراتيجيات التعلم النشط.
- توجيهه،
وإعانته في حل مشكلاته الخاصة، سواء في البيت أم في المسجد أم المدرسة، وهنا قد
تكون المشكلة التي تشغله مادية أو معنوية، وبالتالي تستدعي طرقًا مختلفة في الحل.
- التقييم
المستمر للطلبة، ومراقبة تطورهم، ومدى تأثرهم بالآخرين والبيئة المحيطة، أو أقران
السوء إن وجدوا، ودراسة طرق التقويم.
- المتابعة
اللطيفة مع التشجيع، مع تجنب التركيز على النقاط السلبية باستمرار؛ لأن التركيز
على أي سلوك يعززه لدى الفرد.
- تغيير
طرق التحفيز والتشجيع التقليدية بما يتناسب مع اهتمامات كل فرد فيهم.
- تزويدهم
بجداول المتابعة الذاتية، والتي تعزز لديهم مبدأ المراقبة الذاتية.
- تجنب
المقارنة بالآخرين؛ لأن هذا التصرف يؤدي إلى النفور بل إلى كراهية من تقارنه به.
- غالبية
الفتيان في هذا الوقت يعانون من بعض الضغوط النفسية التي تعود إما إلى الظروف
المادية أو النفسية في البيت أو البيئة المحيطة، وهذه الضغوط تحتاج إلى تفريغ، لذا
ننصح باتباع بعض تقنيات التفريغ، ومنها الرياضة أو الرحلات الترفيهية والدعوية.
- أخيرًا
لا تنس أن تتوجه إلى من بيده مفاتيح القلوب سبحانه، والدعاء لهم بظهر الغيب أن
يحفظهم ويصلح حالهم.
إضافة تعليق