الدكتور محمد بن عبد الله الدويش هو رئيس مجلس إدارة مؤسسة المربِّي، حاصل على الماجستير، والدكتوراه في التربية، من جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، تقلّد العديد من المناصب، ذات العلاقة المباشرة بالعملية التربوية، وله إنتاج بحثي ثريّ.
الدكتور محمد بن عبد الله الدويش هو رئيس مجلس إدارة مؤسسة المربِّي، حاصل على الماجستير، والدكتوراه في التربية، من جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، تقلّد العديد من المناصب، ذات العلاقة المباشرة بالعملية التربوية، وله إنتاج بحثي ثريّ، يزيد عن خمسة عشر عنوانًا، فضلًا عن إنتاجه المسموع الغزير فيما يتعلق بالجوانب التربوية، والدعوية.
قدّم عددًا كبيرًا من الدورات
للمؤسسات التربوية، والأفراد، واشترك في لجان لتأليف، وتعديل المناهج في وزارة
التربية والتعليم، وجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، وغيرها من الجامعات، وهو
باحث مناهج في إدارة تطوير الخطط، والمناهج في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
التقت (رواحل) بالدكتور محمد بن عبد
الله الدويش، وأجرت معه الحوار التالي:
1- رواحل: هل أنتم راضون عن الواقع
التربوي في الدول الإسلامية، سواء في المدارس أم المحاضن التربوية المختلفة؟
ولماذا؟
لست راضيًا عن الواقع الحالي للتربية
في الدول الإسلامية، والسبب هو أن المنتج التربوي لا يفي بتطلعات المجتمعات
الإسلامية؛ فالتربية هي التي تصنع الإنسان، وهو مفتاح التغيير، والتطوير في
المجتمعات، وحين يعاني مجتمعٌ ما من مشكلاتٍ في حياته الدينية، أو الدنيوية، فهذا
يعني أن التربية في هذا المجتمع لم تحقق له تطلعاته.
2- رواحل: كيف ينمّي
المربي قدراته، ومهاراته؛ كيلا يتجاوزه المتربِّي في ظل السماوات المفتوحة، والغزو
المعرفي الحالي؟
يحتاج المربِّي إلى جهد واسع، وكثيف؛
لكي يرتقي بخبراته، ومهاراته، ومن أبرز مجالات تطوير النفس:
1- القراءة الواسعة، والعميقة؛ فلها أثر في تطوير
معرفته، وتطوير شخصيته، ومن المهم الاعتناء بقراءة الكتب الرصينة في محتواها،
ولغتها، وعدم الاعتماد على المصادر الإلكترونية وحدها، فهي في الأغلب تقدِّم مادةً
هشةً، وضعيفةً.
2- متابعة البرامج الإعلامية، والمواد المرئية،
والمسموعة الجيدة، والرصينة.
وتتيح شبكة الإنترنت كثيرًا من هذه
المواد، التي تعفيه من متابعتها في أوقات البث التي قد لا تلائمه.
3- اللقاء بالشخصيات الناضجة، والواعية، والتحاور،
والتواصل معهم؛ فهذا له أثره في تطوير الشخصية، وفي تغيير أساليب التفكير.
4- حضور البرامج، والفعاليات التطويرية: مؤتمرات،
ندوات، ورش عمل، برامج تدريبية...إلخ.
5- تقويم النفس، واكتشاف مواطن القصور، والتواصل مع الزملاء، والأقران، والإفادة منهم.
3- رواحل: ما هي أهم الأدوات التي تعين
المربِّي على عملية التربية؟
الأدوات التي تعين المربِّي عديدة،
ويصعب حصرها؛ فهي محور رئيس من تخصص المناهج، وطرق التدريس، وهي مشمولة في: استراتيجيات
التعليم، ونشاطات التعلم، وتقنيات التعليم، والتقويم... وكل هذه مكونات رئيسة لهذا
المجال، وتحوي فروعًا عدة.
ويصعب على المربِّي الإحاطة بهذه التفاصيل، ولا يتوقع من كل المربين أن يكونوا مختصين بالتربية؛ ففيهم طالب العلم الشرعي، وطالب الهندسة، والطب، والإدارة، ومن يعمل في القطاع الخاص...إلخ. لكن لا بد للمربِّي من استيعاب الأسس التربوية في مجال عناصر المنهج، التي أشير إليها سابقًا، بالإضافة لبعض المباحث المهمة في علم النفس، والإدارة التربوية، وفلسفة التربية، وأصولها.
4- رواحل: هناك فجوة كبيرة بين جيل الآباء -وهم المعنيون أساسًا بالعملية
التربوية- وبين الأبناء، والمتربين، وكذلك بين المعلمين، والمتعلمين في المدارس،
والمحاضن التربوية، والمساجد، وهذه الفجوة تشكِّل حائطَ صدٍّ عنيفًا في عملية
التلقي، فكيف يمكن تجسير هذه الفجوة؟
تجسير هذه الفجوة يمكن أن يتحقق من خلال توعية الآباء، والمربين، وتأهيلهم في خصائص هذا الجيل، ومتطلبات تربيته، والتعامل معه.
5- رواحل: وهل هذه الفجوة مسؤولية جيل الكبار
وحدهم؟
المسؤولية ليست
على المربين وحدهم، لكنهم قادة الموقف التربوي، بمعنى أن من مسؤوليتهم دفع
المتربين، وتحفيزهم لأداء الأدوار المنوطة بهم في رَدْم هذه الفجوة، كما أن من
مسؤوليتهم التخطيط للمناهج، والبرامج التربوية، وتهيئة البيئة التربوية بما يعين
على علاج هذه الفجوات.
6- رواحل: في ظل التقاعس الواضح لكثير
من المربين عن أداء أدوارهم الفاعلة في المجتمع، هل يحسن بنا أن نوجِّه المتربين
إلى التربية الذاتية، والاكتفاء بها عن دور المربِّي؟ وهل هذا كافٍ؟
التربية ليست مجرد تحصيل معرفي، يمكن
تحقيقه من خلال برامج قراءة، وتعلّم ذاتي؛ فالتحصيل المعرفي هو أحد أهم الأدوات،
لكنه لا يكفي، فالتربية بناء، وتكوين للشخصية، وهو جهد معقّد، لا بد أن يتم عبر
عمليات من التخطيط، والتنفيذ، والتقويم، والمراجعة، كما أن التواصل الإنساني مهم
جدًا في بناء الشخصية؛ فكثير من المعاني التربوية لا يتم ترسيخها في النفس، إلا من
خلال النموذج البشري، والقدوة الصالحة.
وما الحل إذن؟
الحل يتمثل في الأمرين معًا:
الأول:
تطوير برامج للبناء الذاتي، والتربية الذاتية.
والثاني: تطوير أداء المربين، وتهيئة بيئات تربوية جاذبة، تستقطب المتربين، وتسهم في بناء شخصياتهم.
7- رواحل: كثير من الآباء، والمربين ذوي
التوجه الإسلامي لديهم تخوفات من الأساليب الحديثة في التربية، فهل ثمة تعارض بين
تلك الأساليب وبين التربية الإسلامية، والنبوية؟
الأساليب، والوسائل ليست مقصودة
لذاتها، فهي أداة لتحقيق الغايات، والغاية هنا هي بناء الإنسان، وتكوين شخصيته،
ولو كانت الوسائل التربوية، والدعوية توقيفية؛ لبيّنها النبي صلى الله عليه وسلم
بيانًا واضحًا جليًا.
وما فتئت أمة الإسلام تطوِّر، وتغيِّر أنماطَ التعليم، والدعوة، والإصلاح عبر القرون المتطاولة؛ فتعليم العلم الشرعي -على سبيل المثال- تطوَّرَ، وتغيَّرت أشكاله، ومناهجه، وأدواته تبعًا لتغيرات الواقع.
8- رواحل: كيف يمكن للمربين التعرف إلى
المنهج الإسلامي في التربية؛ لتطبيقه على أبنائهم، والمتربين؟
لست ممن يميل إلى أن نجعل التربية
الإسلامية، والنبوية قسيمة للتربية الحديثة، بحيث نجعل أنفسنا أمام خيارين: إما
التربية الإسلامية، وإما التربية الحديثة.
فنحن نحتاج إلى المنهج الشرعي، وتأصيله، ونحتاج إلى التجارب البشرية الناجحة في القديم والحديث، وتوظيفها بما يخدم مشروعنا التربوي؛ فالحكمة ضالة المؤمن.
9- رواحل: من وجهة نظركم، ما أهم
التحديات التي تواجه المربين في هذا العصر؟ وكيف يمكن التعامل معها؟
التحديات عديدة، ويصعب أن نحيط بها في
لقاء عاجل، ولعل أبرزها ما يلي:
1- وجود مناهج، وبرامج تربوية متكاملة.
2- تأهيل أنفسهم، وتطوير أدائهم التربوي.
3- إدارة الموارد، والأوقات؛ وبخاصة حين نعلم أن العمل التربوي
لمعظم المربين لا يتم من خلال تفرّغ، بل هو في فضْلة الأوقات.
4- كثرة المؤثرات، وتنوعها؛ مما يجعل المربِّي محاصرًا بكثير منها،
ومعظمها تسير في اتجاه مخالف يهدم ما يبنيه المربِّي.
5- ضعف جاذبية البرامج التربوية، وقلة إقبال المتربين عليها.
10- رواحل: في ختام هذا الحوار التربوي
الحافل، بماذا تنصحون القائمين على مجلة (رواحل)، وهي تخطو أولى خطواتها؟
الاستمرار، والعزيمة، وتحديد الهدف
بوضوح، واستحضار النية الصالحة -وفقكم الله، ونفع بكم-.
مصطفى محمد
ما شاءالله معلومات قيمة بالتوفيق