لا ينبغي للداعية المربي الاكتفاء مع المدعوين بالحديث الشخصي، والمشافهة، أو بالدعوة إلى لقاء عام، أو محاضرة، أو إهداء كتاب، وشريط فحسب
لا
ينبغي للداعية المربي الاكتفاء مع المدعوين بالحديث الشخصي، والمشافهة، أو بالدعوة
إلى لقاء عام، أو محاضرة، أو إهداء كتاب، وشريط فحسب... بل إن من وسائل الدعوة إلى
الله تعالى-: المراسلة، حتى ولو كان القرين أو المدعو قريبًا؛ فإن للرسائل
المكتوبة أثرًا خاصًا في النفس، وقد يعجز الإنسان أحيانًا عن تبليغ مكنونات قلبه
مشافهة، فيكون بتسطير المكتوب أثر أبلغ على القارئ.
بالإضافة
إلى أن الكتابة تجعل ألفاظ الكاتب دقيقة مركزة منتقاة، كما تدعو القارئ إلى
استعادة القراءة، والنظر الطويل، والمتأمل.
إن
فن رسائل الإخاء قديم، وأثره في النفوس معروف، ولقد تبادل العلماء الفقهاء رسائل
المودة، والنصح، وازدحمت كتب الأدب بنماذج منها، والتي لا يعني الداعية ما ورد
فيها من تملق ورياء، أو من أشواق، وغزل.. ولكن نعني بها رسائل الدعاة، وما اشتملته
من نصح، وموعظة، أو ما تضمنته من مناقشة، وحوار، أو ما تكون قد حملته من اعتذار،
أو عتاب.
ورغم
ما حصل اليوم من تطور في أساليب الاتصال، إلا أن للرسائل طعمًا خاصًا، لا يزال
يؤدي دوره في مجالي الدعوة والتربية. إن أحد الاستدلالات الظاهرة ما أورده القرآن
الكريم عن نبيه وهو يراسل ملكة سبأ برسالة لطيفة، فيها الدعوة إلى الله -عز وجل-
لتسجل بذلك أول رسالة دعوية ، وتحدد أحد الرسائل المهمة، فقالت عنه:
(إِنِّي
أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ) [النمل: 29] ، وكيف لا يكون كريمًا، وفيه من
كرم الأنبياء وعزة المرسلين.
ويؤخذ
من صفات هذه الرسالة، ما ينبغي أن تكون عليه رسائل الدعاة، والتي منها ما ذكره
القرطبي بقوله: "وقيل: وَصَفَتْه بذلك لما تضمن
من لين القول، والموعظة في الدعاء إلى عبادة الله -عز وجل- وحسن الاستقطاف،
والاستلطاف، من غير أن يتضمن سبًّا، ولا لعنًا، ولا ما يغير النفس، ومن غير كلام
نازل، ولا مستغلق على عادة الرسل في الدعاء إلى الله -عز وجل-… ألا ترى قول الله -عز
وجل- لنبيه -صلى الله عليه وسلم-: (اُدْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ
الْحَسَنَةِ} [النحل: 125]، تفسير القرطبي.
إضافة تعليق