المؤمن الداعية نشاطٌ صادقٌ، وحركة طاهرة، وخير يمتد في واقع الأمة لا يحمل معه الشر والفساد؛ لذلك يجب أن يدرب المؤمن تدريبًا قويًا، حتى ينمو خيره وبركته في جميع ساحات الإيمان وميادين العمل، على سلامة تصرف وصدق ممارسة وأمانة، طاعة لله ولرسوله.

المؤمن الداعية نشاطٌ صادقٌ، وحركة طاهرة، وخير يمتد في واقع الأمة لا يحمل معه الشر والفساد؛ لذلك يجب أن يدرب المؤمن تدريبًا قويًا، حتى ينمو خيره وبركته في جميع ساحات الإيمان وميادين العمل، على سلامة تصرف وصدق ممارسة وأمانة، طاعة لله ولرسوله، يبرز من خلال ذلك صدقه مع الله وولاؤه لله، ووفاؤه بعهده مع الله، وإخلاصه نيته لله، على نباهة وفطنة وحسن تقدير، وعلى هداية من الله ورحمة.

ومع نمو المسيرة يجمع المؤمنون من مختلف الميادين والمواقف زادًا إيمانيًا نابعًا من منهاج الله، غنيًا به، واعيًا للواقع الذي يعمل فيه. ومع نمو التجربة ينمو الزاد من جيل إلى جيل، حتى تستمر الأمة في مسيرتها على عزة وقوة. وإن انقطاع التجارب في حياة المسلمين، وتوقف الزاد وجموده، كان سببًا بارزًا من أسباب الضعف والفتنة.

لابد من تدريب المؤمن على أسلوب التفكير الإيماني وقواعد التدبر والتأمل، والدراسة والتحليل، وربط الأحداث بأسبابها ونتائجها. لابد من التدريب على التناصح والرأي والشورى، والسلوك الاجتماعي، وغير ذلك من القواعد الإيمانية التي سبق ذكرها، والقواعد التي لم نذكرها هنا ولكن ذكرها منهاج الله.

لابد من التدريب على المبادرة الذاتية ومعرفة الحدود والمسؤوليات، والموازنة بين ذلك ورد ذلك كله إلى منهاج الله عن يقين وإيمان، وعلم وخبرة. ومن خلال ذلك تنشأ قواعد تطبيقية تفصيلية يفرضها الواقع ويدفعها الإيمان ويصوغها منهاج الله. ويظل العمل بذلك ناميًا مستمرًا على طاعة لله وصدق، زادًا ناميًا من التجارب يحملها جيل إلى جيل حتى تقوم الساعة.

إن هذه الدراسة منطلق لا نهاية، ودافع لا عائق، وقوة لا ضعف، وجمع للجهود والعزائم والقلوب الصادقة، إلا من نفر به الهوى، وأبعدته الشهوة، وطلب الدنيا، وأفسدته شياطين الجن والإنس.

والعمل المنهجي الذي يحمل النية الصادقة والطريق المنهجي المدروس، والأهداف والوسائل والأساليب؛ إن هذا النهج بهذه الخصائص الإيمانية هو الذي يعين على توفير الجمع والقوة والنماء.

ولابد مع كل مرحلة وخطوة من مراجعة وحساب، وتقویم ودراسة، حتى يتثبت المؤمن والأمة من أن المرحلة استوفت الجهود وحققت الأهداف، ولتنتقل الأمة إلى المرحلة الثانية على نهج مدروس.

إن من أهم أسباب النجاح هو صدق النية والنهج والجهد، والابتعاد عن الرغبات، والتجرد من الهوى والشهوات. ولابد من التأكيد والتكرار على خطورة هذا الأمر، فنحن لسنا مكلفين بشق الصدور والاطلاع على النية. ولكن لكل منهج أماراته. فكم من الناس يخفي أهواءه وشهواته بين زخارف القول وزينة الكلام حتى ينبهر الناس!! فلا يسألون عن أمارات الصدق في الممارسة والتطبيق أو العلم والنهج، إلا بعد سنين طويلة يكون المصاب قد حل، والنكبة قد وقعت، ثم يدور التلاوم والعتاب، والهرج والشقاق.

أهم أسباب النجاح هو صدق النية والنهج والجهد، والابتعاد عن الرغبات، والتجرد من الهوى والشهوات

ولكن وجود النهج وتوافر الإشراف والمراقبة، والرعاية والتوجيه، من خلال نهج ونظام ووجود الطاقة البشرية المؤمنة المدربة، والمواهب الصادقة التي لم يتلفها الشيطان وتستهلكها الشهوات، ووجود الأهداف الواضحة، والميزان الأمين، كل ذلك يساعد المؤمنين على أن يميزوا.

وهذه الخصائص كلها حين تتوافر تخفف من الأخطاء من ناحية، وتساعد على معالجتها من ناحية أخرى. فليس الخوف من الخطأ؛ فكل بني آدم خطاء، ولكن الخوف من الهوى والفتنة التي يخفيها الخطأ في النفوس المريضة.

ولقد تعهد الله لعباده المؤمنين ألا يذرهم على ما هم عليه، حتى يميز الخبيث من الطيب. هذا في الحياة الدنيا، أما في الآخرة فللمنافقين والكاذبين والفاسقين عذاب عند الله عظيم: (وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ * وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ) [آل عمران: 140، 141]، (لِيَبْتَلِيَ اللَّهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحِّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ ۗ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ) [آل عمران: 154].

وكذلك: (مَّا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَجْتَبِي مِن رُّسُلِهِ مَن يَشَاءُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَإِن تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا فَلَكُمْ أَجْرٌ عَظِيمٌ) [آل عمران: 179].

إننا نقدم نهجًا يحمل من المرونة واليسر ما يساعد على أن يستفيد منه الفرد المسلم والبيت المسلم، والمعاهد العلمية، وأن يطبق منها كل موقع ما يعينه على تحقيق الأهداف المرجوة.

إننا نرجو أن يعم هذا النهج مؤسسات الأمة، والأمة كلها، لإعداد الجيل الذي يعي حقيقة الممارسة الإيمانية في واقعنا اليوم، ومعنى العمل الصالح في حياة الإنسان على الأرض كلها، الجيل الذي تمضي معه الممارسة الإيمانية من لحظة استيقاظه ذكرًا ودعاءً وصلاة، ثم تمتد معه يومه كله، تبتدئ بالذكر والصلاة، وتمتد حتى تبلغ الجهاد في سبيل الله، تبتدئ بالجود بالوقت والجهد اليسير، وتمتد إلى الجود بالمال الوفير، وتمتد حتى تبلغ بذل الروح في سبيل الله.

وبمقدار ما تتعاون الأمة على تحقيق هذا النهج في الممارسة الإيمانية والعمل الصالح، تنمو وتقوى في إيمانها ونهجها وبناء أجيالها، على طريق النصر المتنزل من عند الله في الحياة الدنيا، وعلى درب ممتد إلى الجنة.

ولا يصدق التدريب ولا التربية ولا النهج كله، ولا يعطي نتائجه المرجوة إلا إذا صدقت النفوس العاملة نيتها، وإلا إذا صاحبتها النية الصادقة في مسيرتها، خالصة لوجه الله، تطرق أبواب الجنة بطاعتها وسعيها وجهادها، على صراط مستقيم بيّنه الله رب العالمين ورب العرش العظيم في كتابه العزيز، وسنه نبيه محمد -صلى الله عليه وسلم-، ولا تصح النية والصراط المستقيم على جهل وغفوة، فالعلم بمنهاج الله ضرورة لذلك كله.

لا يصدق التدريب ولا التربية ولا النهج كله، ولا يعطي نتائجه المرجوة إلا إذا صدقت النفوس العاملة نيتها،

والناس عامة -والمؤمنون خاصة- مبتلون في الحياة الدنيا؛ إنها سنة من سنن الله ورحمته. والابتلاء في الحياة الدنيا واسع ممتد متنوع، يخضع لسنن ربانية بالغة وحكمة ربانية غالبة، وعدالة قضاء من الله ورحمة قدر منه. ومن الابتلاء ما هو عقاب يمتد للكافر في الدنيا والآخرة حتى يكون عذابه العظيم في النار. ويمتد ابتلاء المؤمن في الدنيا حتى يكون كفارة له ورحمة من الله يدخل بها الجنة.

ومن الابتلاء ما هو تمحيص واختبار، وكشف للنية والنجوى والتفكير، وللعمل والسعي، حتى يميز الله الخبيث من الطيب، ويقيم الحجة على كل إنسان يوم القيامة. ويمضي الابتلاء والتمحيص كذلك على سنن ربانية ماضية وحكمة غالبة.

يوم القيامة تقوم الحجة على كل إنسان؛ فالأرض تشهد على الناس، والجلود تشهد على الإنسان، وتأتي الشهادة أيضًا من حيث لا نعلم نحن اليوم؛ فكل عمل ابن آدم مكتوب مسجل، نيته وفكره وسعيه، نجواه وسرة وعلانيته، كل ذلك مسجل على كل إنسان، وإذا كنا نحن البشر اليوم قد استطعنا أن نسجل حركات الإنسان بالصورة والصوت؛ فما أيسر أن يكون عند الله أعظم من هذه الوسائل كلها، مما لا يخطر على قلب بشر، ومما يسجل النجوى ولمحة الخاطر: (يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) [النور:24]، (وَبَدَا لَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا كَسَبُوا وَحَاقَ بِهِم مَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ) [الزمر:48].

ويشهد كذلك السمع والبصر والجلود: (حَتَّى إِذَا مَا جَاءُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ * وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ * وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلَا أَبْصَارُكُمْ وَلَا جُلُودُكُمْ وَلَكِنْ ظَنَنْتُمْ أَنَّ اللَّهَ لَا يَعْلَمُ كَثِيرًا مِمَّا تَعْمَلُونَ * وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخَاسِرِينَ * فَإِنْ يَصْبِرُوا فَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ وَإِنْ يَسْتَعْتِبُوا فَمَا هُمْ مِنَ الْمُعْتَبِينَ) [فصلت:20-24].

وكذلك قوله -سبحانه وتعالى-: (إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآَثَارَهُمْ وَكُلَّ شَيْءٍ أحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ) [يس:12]، وتشهد الأيدي والأرجل أيضًا: (الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ) [يس:65]، (فَلَا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ إِنَّا نَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ) [يس:76]...

فأين المفر؟! وأين الإنكار؟!

تسقط الحجة الباطلة، ويرى الإنسان كيف تشهد الأرض عليه، والملائكة والناس، ولسانه ويداه ورجلاه وسمعه وبصره وجلده، حتى يسقط في يده، فيعترف ويقر ويشهد على نفسه!

فالحياة الدنيا هي الفرصة الوحيدة للتوبة: (وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) [النور: 31].

ما الفرق بين خجل الطفل وضعف شخصيته ؟ كيف أوازن بين تربية ولدي على التسامح وعدم تضييع الحق؟! أفكار عملية لمختلف المراحل.. كيف نرسّخ عقيدة أبنائنا حول فلسطين والأقصى؟ انكفاء النُّخب والقيادات الدعوية معرفة أحوال المدعوين.. طريق المربي للدعوة على بصيرة