د. خالد راتب
من نافلة القول أن نبين أن سيرة النبي صلى الله عليه وسلم تعد معلماً ومنهجاً تربوياً ومساراً حضارياً للعالم كله، فقد كانت حياته صلى الله عليه وسلم وكذلك تعاملاته مع الآخرين قائمة على البناء، بناء الإنسان والأوطان، وبناء العلاقات التي يسودها الود والسلام والرحمة والتسامح مع الآخرين، وكان منهجه صلى الله عليه وسلم يجمع ولا يفرق يبني ولا يهدم.
لقد عامل النبي صلى الله عليه وسلم الكون كله بمبدأ الإحسان حتى مع الحيوان، وأعطى الأمن والأمان للجميع، ولا يعتدي على أحد إلا على من يبدأ بالاعتداء على الدين أو على المسلمين أو يقف أمام تبليغ دين الله، فكان صلى الله عليه وسلم يستعمل الإحسان في موضعه ومع من يستحقه، وأما من سولت له نفسه وفهم الإحسان ضعفاً وتعدى على حرمات الدين وعلى المسلمين فإن النبي صلى الله عليه وسلم يستخدم معه القوة التي تردعه وتعيده إلى الصواب، ولقد قام اليهود بتحريض قبائل العرب ضد الرسول صلى الله عليه وسلم ، وتشكيل جيش موحد لحصار المسلمين في غزوة الأحزاب في السنة الخامسة من الهجرة، وأحاط الأعداء المسلمين من فوقهم ومن أسفل منهم، حتى زاغت الأبصار وبلغت القلوب الحناجر، ووصف القرآن الكريم هذه الحالة بأبلغ بيان: {إذْ جَاءُوكُم مِّن فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنكُمْ وَإذْ زَاغَتِ الأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْـحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا 10 هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْـمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا} [الأحزاب: 10، 11].
وغزوة الأحزاب تحتاج منا أن نتأمل فيها؛ كي نستخرج منها الدروس والعبر مما يفيد الأمة في حاضرها ومستقبلها، ومن الدروس والعبر المهمة في هذه الغزوة الآتي:
•
تحزب الأعداء على الإسلام والمسلمين يوجب اليقظة والحذر، والاتحاد والتعاون:
لقد شكل الأعداء جيشاً موحداً لحصار المسلمين وتحزبوا جميعاً على هدف واحد وهو القضاء على الإسلام والمسلمين، لكن الرسول صلى الله عليه وسلم كان على استعداد تام لمواجهة هذا التحزب بما يملكه من قوة، وطلب من نُعيم بن مسعود الذي أسلم ولم يعرف قومه بإسلامه، أن يخذِّل بين الأحزاب، كما تعاون صلى الله عليه وسلم مع أصحابه في تجهيزات الحرب حيث كان يحفر الخندق معهم؛ ليعلمهم قيمة التعاون والاتحاد في مواجهة العدو والأزمات التي تمر بالمسلمين.
• ترسيخ مبدأ الشورى والاستفادة من الخبرات والأخذ بالأسباب وإعداد العدة:
جمع النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه ليستشيرهم في خطة الدفاع عن المدينة وفك الحصار الذي قام به الأحزاب، فأشار عليه الصحابي سلمان الفارس رضي الله عنه قائلاً: يا رسول الله، إنا كنا بأرض فارس إذا حوصرنا خندقنا علينا، أي حفرنا خندقاً يحول بيننا وبين عدونا، فاستحسن النبي صلى الله عليه وسلم رأي سلمان، وأخذ بمشورته، وشرع في تنفيذ هذه الخطة، وبذلك يكون النبي صلى الله عليه وسلم قد أرسى ورسخ مبدأ الشورى، ومبدأ الاستفادة من الخبرات النافعة، فسؤال أهل الخبرة والاستفادة منهم منهج إسلامي، قال تعالى: {فَاسْئَلْ بِهِ خَبِيرًا} [الفرقان: 95]، كما أن حفر الخندق يدخل في مفهوم الأخذ بالأسباب وإعداد القوة، قال تعالى: {وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْـخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ} [الأنفال: 60].
• الأسباب بمفردها لا تصنع نصراً:
الأسباب بمفردها لا تصنع نصراً، ولكن لابد من التأييد الإلهي للمؤمنين، وهذا درس مهم للأمة الإسلامية، فقد كانت الأسباب متوفرة في غزوة حنين ولكن جاءت الهزيمة، ليبين لنا المولى سبحانه وتعالى ضرورة توجه المؤمن بقلبه إلى الله ليمده بمدد من عنده ويؤيده بنصره المبين، قال تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَّمْ تَرَوْهَا وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا} [الأحزاب: ٩].
• المنافقون واختلاق المعاذير:
في هذه الغزوة نزلت آيات من القرآن الكريم تفضح المنافقين والذين في قلوبهم مرض: {وَإذْ قَالَت طَّائِفَةٌ مِّنْهُمْ يَا أَهْلَ يَثْرِبَ لا مُقَامَ لَكُمْ فَارْجِعُوا وَيَسْتَأْذِنُ فَرِيقٌ مِّنْهُمُ النَّبِيَّ يَقُولُونَ إنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ إن يُرِيدُونَ إلَّا فِرَارًا 13 وَلَوْ دُخِلَتْ عَلَيْهِم مِّنْ أَقْطَارِهَا ثُمَّ سُئِلُوا الْفِتْنَةَ لآتَوْهَا وَمَا تَلَبَّثُوا بِهَا إلَّا يَسِيرًا 14 وَلَقَدْ كَانُوا عَاهَدُوا اللَّهَ مِن قَبْلُ لا يُوَلُّونَ الأَدْبَارَ وَكَانَ عَهْدُ اللَّهِ مَسْئُولًا 15 قُل لَّن يَنفَعَكُمُ الْفِرَارُ إن فَرَرْتُم مِّنَ الْـمَوْتِ أَوِ الْقَتْلِ وَإذًا لَّا تُمَتَّعُونَ إلَّا قَلِيلًا} [الأحزاب: 13 - 16].
ويحكي القرآن الكريم مشهداً آخر للمنافقين وهم ينسحبون من المعركة - كعادتهم - خوفاً من المواجهة وتخذيلاً للصف المسلم ناشرين الأكاذيب والأراجيف: {هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْـمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا} [الأحزاب: ١١].
هذه الآيات الكريمة وغيرها تبين حقيقة المنافقين وتعريهم أمام أنفسهم والمجتمع، وأنهم دائماً يختلقون الأسباب والمعاذير الكاذبة للفرار من المواجهة.
• الشدائد والمحن تمحص القلوب وتظهر معادن الرجال:
إن غزوة الأحزاب وما فيها من أحداث جثام تعد اختباراً وتمحيصاً للمسلمين، وهكذا الشدائد والمحن تميز الخبيث من الطيب، وتظهر أمر المؤمن والمنافق للناس في الأقوال والأفعال، قال تعالى: {وَلِيَبْتَلِيَ اللَّهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحِّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ} [آل عمران: 154]. يقول ابن القيم عن الحكمة من تمحيص القلوب، ومن الابتلاءات: «هو اختبار ما فيها [أي القلوب] من الإيمان والنفاق، فالمؤمن لا يزداد بذلك إلا إيماناً وتسليماً، والمنافق ومن في قلبه مرض لا بد أن يظهر ما في قلبه على جوارحه ولسانه، ثم ذكر حكمة أخرى: وهو تمحيص ما في قلوب المؤمنين وهو تخليصه وتنقيته وتهذيبه، فإن القلوب يخالطها بغلبات الطبائع، وميل النفوس، وحكم العادة، وتزيين الشيطان، واستيلاء الغفلة ما يضاد ما أودع فيها من الإيمان والإسلام والبر والتقوى، فلو تركت في عافية دائمة مستمرة لم تتخلص من هذه المخالطة ولم تتمحص منه، فاقتضت حكمة العزيز أن قيض لها من المحن والبلايا ما يكون كالدواء الكريه لمن عرض له داء إن لم يتداركه طبيبه بإزالته وتنقيته من جسده، وإلا خيف عليه منه الفساد والهلاك»[1].
وفي غزوة الأحزاب نرى المؤمنين قد ازدادوا إيماناً وتسليماً وزادتهم الشدائد إيماناً ويقيناً، قال تعالى: {وَلَـمَّا رَأَى الْـمُؤْمِنُونَ الأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إلَّا إيمَانًا وَتَسْلِيمًا 22 مِنَ الْـمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا 23 لِيَجْزِيَ اللَّهُ الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ وَيُعَذِّبَ الْـمُنَافِقِينَ إن شَاءَ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا 24 وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا وَكَفَى اللَّهُ الْـمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ وَكَانَ اللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزًا} [الأحزاب: 22 - 25].
• إن مع العسر يسراً:
إن الناظر بعين التأمل والتدبر في غزوة الأحزاب يجد أن من أهم معالمها التربوية معلم الابتلاء بالعسر الذي هو بداية الطريق إلى النصر والفرج واليسر، قال تعالى: {سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا} [الطلاق: ٧]، وقال سبحانه: {فَإنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا 5 إنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا} [الشرح: ٥، ٦]، أي إن مع الضيق سعة، ومع الشدة رخاء، ومع الكرب فرجاً. وفي هذا وعد منه سبحانه بأن كل عسر يتيسر، وكل شديد يهون، وكل صعب يلين. وتنكير اليسر أولاً وإعادته نكرة أيضاً إشعار بقلة طرق العسر وأسبابه وكثرة طرق اليسر وموجباته فلا تيأس من العسر الطارئ عليك أحياناً معهودة معدودة، عن يسر ملازم لك في أكثر الأوقات وأغلبها بل مصاحب معك في جميع حالاتك[2].
وهذا يوسف عليه السلام نموذج حي لكل من وقع في ضيق وكرب، فقد تآمر عليه أقرب الناس إليه، حتى باعوه بثمن بخس دراهم معدودة، فلئن مر عليه بمصر يوم نودي فيه عليه بالبيع فقد أصبح بمصر يوماً آخر وقد ملك جميع أملاكهم، وملك رقاب جميعهم، فيوم بيوم[3].
وفى السنة المطهرة هناك مواقف متعددة وشدائد متتالية مرت برسولنا صلى الله عليه وسلم وأصحابه، وبرغم ذلك يبشر صلى الله عليه وسلم أصحابه بالخير والنصر، خرج البخاري من حديث إسماعيل، عن قيس، عن خبّاب بن الأرتّ، قال: «شكونا إلى النبي وهو متوسد بردة له في ظل الكعبة، فقلنا: ألا تستنصر لنا؟ ألا تدعو اللَّه لنا؟ قال: كان الرجل في من قبلكم يحفر له في الأرض فيجعل فيه فيجاء بالمنشار فيوضع على رأسه فيشق باثنين وما يصده عن دينه، ويمشط بأمشاط الحديد ما دون لحمه من عظم أو عصب ما يصده ذلك عن دينه، واللَّه ليتمن هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت لا يخاف إلا اللَّه والذئب على غنمه، ولكنكم تستعجلون»[4].
إن رد النبي صلى الله عليه وسلم على شكوى أصحابه بقوله: «واللَّه ليتمن هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت لا يخاف إلا اللَّه والذئب على غنمه» فيه بشارة بالفرج والنصر برغم الضيق والعسر، وقد توالت هذه البشريات لأصحابه وسط المحن والكروبات، ورأيناها في كل سنوات مكة في تعدي أهلها عليه، وعند عودته من الطائف، وفى الهجرة من مكة إلى المدينة، عند إحاطة المشركين بالغار {لا تَحْزَنْ إنَّ اللَّهَ مَعَنَا} [التوبة: 40]، وغير ذلك كثير.
وفي
غزوة الأحزاب وفي الظروف القاسية والشدائد المتتالية، والصحابة في حصار وجوع، وخوف
شديد يبشرهم صلى الله عليه وسلم بكنوز
كسرى، ودخول المدائن، وفتح اليمن، والشام والعراق، يقول البراء بن عازب رضي الله
عنه: «أمرنا رسول الله بحفر الخندق، قال: وعرض لنا صخرة في مكان من الخندق لا تأخذ
فيها المعاول، قال: فشكوها إلى رسول الله فجاء رسول الله، قال عوف: وأحسبه قال:
وضع ثوبه ثم هبط إلى الصخرة فأخذ المعول فقال: باسم الله فضرب ضربة فكسر ثلث الحجر
وقال: الله أكبر أعطيت مفاتيح الشام والله إني لأبصر قصورها الحمر من مكاني هذا،
ثم قال: باسم الله وضرب أخرى فكسر ثلث الحجر فقال: الله أكبر أعطيت مفاتيح فارس
والله إني لأبصر المدائن وأبصر قصرها الأبيض من مكاني هذا، ثم قال: باسم الله وضرب
ضربة أخرى فقلع بقية الحجر فقال: الله أكبر أعطيت مفاتيح اليمن والله إني لأبصر
أبواب صنعاء من مكاني هذا»[5].
إن
الأمة التي أمرت بالاقتداء بنبيها مأمورة أن تعيش بالأمل واليقين في نصر الله حتى
لو ضاقت عليها الأرض وأحاطت بها قوى الشر المزيفة، وأن تستحضر روح التوكل على الله
شريطة أن تصدق مع الله ببذل كل ما تملك، وأن تكون كما أرد الله ورسوله، ساعتها
تتحول ساعات العسر إلى يسر وساعات الضيق والكرب إلى فرج ونصر، قال تعالى:
{وَلَـمَّا رَأَى الْـمُؤْمِنُونَ الأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا
اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إلَّا إيمَانًا
وَتَسْلِيمًا 22 مِنَ الْـمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ
عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا
تَبْدِيلًا} [الأحزاب: 22، 23]، فكان الجزاء: {لِيَجْزِيَ اللَّهُ الصَّادِقِينَ
بِصِدْقِهِمْ وَيُعَذِّبَ الْـمُنَافِقِينَ إن شَاءَ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إنَّ
اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا 24 وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا
بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا وَكَفَى اللَّهُ الْـمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ
وَكَانَ اللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزًا 25 وَأَنزَلَ الَّذِينَ ظَاهَرُوهُم مِّنْ
أَهْلِ الْكِتَابِ مِن صَيَاصِيهِمْ وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ فَرِيقًا
تَقْتُلُونَ وَتَأْسِرُونَ فَرِيقًا 26 وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ
وَأَمْوَالَهُمْ وَأَرْضًا لَّمْ تَطَئُوهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ
قَدِيرًا} [الأحزاب: 24، 27].
[1]
زاد المعاد، لابن القيم 3/213.
[2]
فتح القدير، للشوكاني 5/564، والفواتح الإلهية 2/518.
[3]
لطائف الإشارات، للقشيري 3/409.
[4]
البخاري،كتاب المناقب، باب علامات النبوة في الإسلام.
[5]
أخرجه البخاري، كتاب المغازي، باب غزوة الخندق وهي الأحزاب.
إضافة تعليق