ابني عمره خمس سنوات، في الصف الأول الابتدائي، نعيش في بلد أوروبي، وعندما دخل التمهيدي أصيب بحالة تأتأة تراوحت بين الحادة والعادية، وبدأت تقل تدريجيًا، والآن أفضل بكثير، هو ذكي لكن لا يركز، ومشتت الذهن، وحساس جدًا
السؤال:
ابني
عمره خمس سنوات، في الصف الأول الابتدائي، نعيش في بلد أوروبي، وعندما دخل
التمهيدي أصيب بحالة تأتأة تراوحت بين الحادة والعادية، وبدأت تقل تدريجيًا، والآن
أفضل بكثير، هو ذكي لكن لا يركز، ومشتت الذهن، وحساس جدًا، وعندما أطرح عليه بعض
الأسئلة يجيب إجابة خطأ على الرغم من أني أعرف أنه يعلم الإجابة الصحيحة، وعنده
مشكلة في التعبير عن نفسه أو عن أي شيء يقرؤهُ أو يراه، وأحيانًا لا يستخدم
الكلمات الصحيحة، ولا يستطيع أن يعطي جملة تامة مفيدة.
ما
يقلقني كثيرًا علاقته مع أصدقائه في المدرسة، وأقربهم هو ابن صديقتي الذي له كلمة
وتأثير كبير عليه، ألاحظ دائمًا أنه يقلده في كل شيء، وينتظره في كل شيء ليرى ما
سيفعل، وعندما يذهب للمدرسة ينتظره ليضع حقيبته في المكان المخصص ثم يتبعه، وفي
يوم من الأيام قالت المعلمة: اختاروا كُتبًا لتقرؤوها، فذهب ابني وأخذ كتابًا
وعندما رآه صديقه أعجبه الكتاب فأخذه وجلس يقرأ وابني يستمع له.
ومرة
أخرى كانوا يكتبون في اللوح المخصص لكل واحد، فسأله صديقه أن يعطيه الممحاة على
الرغم من أنهم لم يبدؤوا الكتابة، فسألت ابني: لماذا أعطيته وأنت ليس معك أخرى؟!
فقال: ممكن أن أستخدم يدي! وعندما يتسابقون يكون ابني دائمًا الأخير ويعيّروه بأنه
الخسران فيحزن، وعندما يفوز ابني -وهذا نادر- ويقول: أنا فزت، فيقول صديقه: بأن
هذا شيء غير مضحك، ويبدو عليه الغضب، فيسأله ابني إذا كان يريد أن يعيد السباق، ثم
يخسر ابني وعندها يفرح صديقه!!
يقول
لي ابني: إن صديقه هذا دائمًا يقول له: أنا أذكى وأفضل منك، وإنني أستطيع أن أفعل
كل شيء وأنت لا تستطيع، وأنا أسبقك في كل شيء وأنت تتبعني، وأنا من أقرر كل شيء،
حتى عندما يتسابقان يقول له: لا تتحرك حتى أقول، وعندما يجري هو يقول له: ابدأ؛
ليضمن فوزه، وابني لا يستطيع الدفاع عن نفسه أو حتى فرض رأيه ولو مرة واحدة، فقط
يصب كل اهتمامه حول صديقه.
رأيت
اختبارًا له في مادة الإملاء وكانت إجاباته كلها صحيحة، فقلت له: إنه تلميذ رائع،
فقال لي وهو مبسوط: لقد أخذت نفس درجات صديقي، وقبل عدة أيام عندما كان يستعد
للنوم جلس يبكي، وقال: إنهم في حصة الأعمال الفنية أراد أن يجلس جنب صديقه فأبعده
وقال: لقد حجزت الكرسي لصديقي الآخر.
سؤالي:
كيف أجعل لابني شخصية مستقلة ولها كيانها؟! وكيف يكون له كلمة بين أصدقائه؟! وكيف
أجعله يفكر في نفسه قبل أصدقائه؟! وكيف يكون أصدقاؤه محبين له ومحبين للجلوس معه
ويتبعونه؟! وكيف يكون واثقًا من نفسه يحبه كل الناس وذا شخصية مميزة؟! أرجوكم
ساعدوني، فأنا قلقة عليه جدًا، وأعتذر عن الإطالة.
الجواب:
الأخت
الفاضلة: نشكر لك استشارتك لنا.
بخصوص
ابنك: فهو يعاني من حالة تأتأة نفسية، وضعف شخصية، وحساسية زائدة في العلاقات
الاجتماعية.
عادة
تلعب التنشئة الأسرية دورًا كبيرًا في مثل هذه المشكلات؛ من حيث التوجيه وأسلوب
العقاب، والمواقف المحرجة التي عاشها في الأسرة، أو أسلوب الحماية الزائدة من
الوالدين، فالإنسان من صنع أساليب التربية الوالدية، والخصائص الوراثية للأسرة،
حيث يلعب هذان العنصران الرئيسان دورًا كبيرًا في بلورة شخصيته.
لا
أعلم عن أسلوبكم في التربية، ولكن واضح أنها أثرت عليه، وأنه كان يحظى بحماية
ورعاية زائدة، وعند انتقاله إلى مدرسة أكبر -وهي المرحلة الابتدائية- لم يستطع أن
يتأقلم بشكل سريع أو صحيح، فكانت تلك النتائج التي بدأ بعضها يزول تدريجيًا مثل
التأتأة، وبقيت المشكلات الأصعب، وهي ضعف الشخصية.
ابنك
ذكي بدليل أنه استطاع أن يحتمي بصديقه، ليكون عونًا له في المدرسة، وهذه صفة
إيجابية يجب أن نوظفها لصالح عملية العلاج، ويحتاج إلى دعم نفسي منك بشكل كبير
جدًا، حيث تقومين بتشجيعه وفق الآتي:
-
إذا طُرق الباب دعيه يرد على الطارق أو يستقبله، واشكريه على ذلك.
-
اطلبي منه أن يرد على الهاتف وبنفس الطريقة وشجعيه.
-
كلفيه ببعض الأمور الصغيرة، وأثني عليه عند إنجازه.
-
اطلبي من صديقتك أن تضبط سلوك ابنها معه دون تعنيفه، بعدما تشرحين لها المشكلة.
-
تواصلي مع معلمته وأخبريها عن حالته، وسوف تقوم بمراقبة سلوكه وستتولى أمره في
الفصل.
-
في جلسة هادئة ومناقشة وحوار تحدثي معه عن شخصيته بإيجابية، ولا تذكري أن فيها
عيوبًا، مثل: إنك ذكي، وتستطيع أن تفعل الكثير من الإنجازات، واضربي له أمثلة على
ما قام به سابقًا.
-
تحدثي معه عن كيف يمكن له أن يتحدث مع الآخرين بأسلوب حواري، أي: ناقشيه بأسباب
عدم الإفصاح عن رأيه أمام الآخرين، وذكريه أنه ذكي وقادر على فعل ذلك.
-
قدمي له نماذج من أعمال أقرانه واطلبي منه أن يقلدهم.
-
لا تحاولي أن تحميه بدرجة كبيرة، ولا تجعليه يشعر بذلك، فعندما يطلب منك مساعدة لا
تكون تلك المساعدة في كل شيء؛ بل ناقشيه ووجهيه لما يجب أن يفعله، وراقبيه خلال
أداء تلك المهمة.
-
عندما يعود لك من المدرسة يشتكي من سلوك أحد؛ اجلسي معه جلسة مناقشة للموضوع، حتى
يتعلم بنفسه كيف يتصرف، مثال: قال لك: إن زميله أخذ قلمه ولم يعده.. اطلبي منه أن
يذهب له غدًا ويقول له: أعطني قلمي، وإذا لم يستجب لك؛ اذهب لمعلمتك وأبلغها عن
المشكلة (معلمته التي أبلغتِها عن مشكلته).
-
دربيه كيف يقول للآخرين: (لا)، دون أن يدخل معهم في صراع.
-
اشرحي له مفهوم الصداقة، وكيف لنا أن نساعد زملاءنا، وما الحدود التي يمكن لنا أن
نساعدهم فيها، وألا تكون على حساب حقوقنا أو كرمتنا.
أخيرًا:
نتمنى أن نكون قد أجبنا على تساؤلك، ويمكن لك التواصل مجددًا معنا عن أية مستجدات
لمشكلته. لك تحياتنا.
إضافة تعليق