ابنتي المراهقة تبلغ من العمر 15 عامًا، ليست على قدر من الجمال، بل هي مقبولة الشكل، إلا أنها ترى نفسها قبيحة للغاية، وكثيرًا ما تشكو لي من ذلك، وأنها أقل جمالاً من صديقاتها وقريباتها اللائي في نفس سنها، أحيانًا أراها تقلب في صور الفتيات على الإنستجرام
ابنتي
المراهقة تبلغ من العمر 15 عامًا، ليست على قدر من الجمال، بل هي مقبولة الشكل،
إلا أنها ترى نفسها قبيحة للغاية، وكثيرًا ما تشكو لي من ذلك، وأنها أقل جمالاً من
صديقاتها وقريباتها اللائي في نفس سنها، أحيانًا أراها تقلب في صور الفتيات على الإنستجرام
وعيناها مغرورقتان بالدموع.
حاولت
كثيرًا إقناعها بأنها جميلة وليست قبيحة كما تعتقد، إلا أن محاولاتي كلها باءت
بالفشل، بل أحيانًا يشكل كلامي ضغطًا عليها فتكتئب وتنعزل في غرفتها بالأيام. فكيف
يمكنني علاج ذلك؟!
الجواب:
لقد
تحولت مواقع التواصل في حياتنا إلى سلاح موجه لعقول أطفالنا، تهدد كيانهم
وهوياتهم، تفتح عقولهم على عوالم القيم فيه إما مقلوبة أو ممسوخة، فالمشكلة في عقل
تلك الابنة ليست في مستوى جمالها، ولكن في مستوى الجمال الذي تحدده تلك العوالم
الافتراضية التي يعيش فيها أولادنا معظم أوقاتهم.
فمن
رسالتكم يظهر أن ابنتكم تقارن نفسها بنجمات الإنستجرام اللائي ينفقن الأموال
الباهظة لإبراز مفاتنهن على أكمل وجه، بينما هي ليس في يدها سوى القليل، وهذا ما
أكدته التسريبات التي خرجت من فم إحدى الموظفات العاملات في شركة
"فيسبوك" التي تحولت لـ"ميتا" لكي تواري تلك الفضائح، وهي
الموظفة "فرانسيس هاوجين"، التي كشفت في حديثها أمام الكونجرس الأمريكي
ومن قبله للتليفزيون الكثير من أسرار فيسبوك السيئة، وعلى رأسها معرفة الشركة
بتأثير إنستجرام السيئ على المراهقين وصغار السن.
فباحثو
إنستجرام وجدوا أن 32٪ من الفتيات المراهقات قلن: إن إنستجرام جعلهن يشعرن بالسوء
تجاه أجسادهن. وفي شريحة مؤرخة في العام 2019، أفاد الباحثون بأننا "نجعل
مشاكل صورة الجسد أسوأ بالنسبة لواحدة من كل ثلاث فتيات مراهقات".
كما
تمتلك فيسبوك دراسة داخلية توضح تأثير تطبيق الصور الشهير إنستجرام على المراهقين
وصغار السن لا سيما الفتيات، وأنه سبب رئيس للقلق والاكتئاب والأفكار الانتحارية.
نتائج
هذه الدراسة لم تكن مُفاجئة بالنسبة للباحثين الذين يدرسون تأثير وسائل التواصل
الاجتماعي على الأفراد والمجتمعات، فيوجد العديد من الدراسات الخارجية التي تحمل
النتائج نفسها وأكثر.
لكن
السيئ هُنا أن فيسبوك تأكدت بنفسها من هذه الأمور بالفعل، وامتلكت دراسات داخلية
أكثر دِقَّة توضح نفس النتائج السلبية، ومع ذلك تكتمت الشركة على الأمر، وفضلت عدم
الإفصاح به أو حتى اتخاذ أية إجراءات لحماية مستخدميها الصغار، والأسوأ من ذلك أن
الشركة كانت تخطط للسيطرة بشكل أكبر على الأصغر سنًا، والوصول إلى الأطفال بتطوير
تطبيق إنستجرام جديد للأطفال!
لذا
وبعد كل ما قلناه يقع عليكم كأسرة عبء كبير لدعم ابنتكم لتخرج من دائرة الاكتئاب
التي تعيشها:
فأولاً:
يجب عدم تركها لقمة سائغة لتلك التطبيقات الضارة، ولا أنصح بمنعها عنها دفعة واحدة،
ولكن إيجاد بديل يزاحمها حتى تتركه من تلقاء نفسها، والبديل هنا يكون من خلال
القيام بأنشطة عائلية جماعية تخرجها من غرفتها، وتجعلها تترك الهاتف الذي بيدها،
وتشارك معكم، فمن فوائد ذلك أنها تدعم أواصر العلاقة العائلية بينكم وبينها،
وأيضًا تجعلها تخرج من العالم المثالي الوهمي الذي رسمته تلك التطبيقات ورموزها في
عقلها. وحين ذلك إذا اتخذت الأسرة قرارًا بالمنع سيكون
سهل التطبيق.
ثانيًا:
يجب التحدث مع الابنة بالعقل، وإفهامها أن الجمال نسبي ويختلف من شخص لآخر، وجمال
الخلقة آخر ما نركز عليه؛ لأنه ليس بيدينا، فهي هبة ربانية، وكم من جميلة عانت
بسبب جمالها!! وكم من دميمة الخلقة رائعة الخلق أحبها الناس!!
ثالثًا:
إيجاد بيئة داعمة من المحيطين بابنتكم من صديقاتها اللاتي يخفن على نفسيتها، ويراعين
مشاعرها، ولا يتحدثن بفجاجة عن مظهرها أو شكلها.
رابعًا:
يجب على الأم التقرب من الابنة، واحتوائها وتقديم النصائح الداعمة لها في الأمور
النسائية كي تبدو جميلة، فتعلمها كيفية انتقاء الملابس وتناسق ألوانها، لكي تبدو
مقبولة المنظر، بما لا يخالف الدين والقيم.
إضافة تعليق