ابني عمره سبع سنوات، بدأ يسألني أسئلة عن التكاثر وكيفية حدوث الحمل وكيف يأتي الأطفال، ترددت كثيرًا حينما سألني واندهشت من سؤاله، ومن شدة دهشتي لم أعرف كيف أجيبه
ابني عمره سبع سنوات، بدأ يسألني أسئلة عن التكاثر وكيفية حدوث الحمل وكيف يأتي الأطفال، ترددت كثيرًا حينما سألني واندهشت من سؤاله، ومن شدة دهشتي لم أعرف كيف أجيبه، فصرفت انتباهه لمشاهدة الكارتون، لكن عندما سألت صديقتي أخبرتني أنني لابد أن أجيبه ولا أتركه حائرًا، لكن لا أدري كيف أجيبه في هذه السن، فهو لا يزال صغيرًا، وقد لا يفهم الموضوع بصورة جيدة، فأرجو أن تفيدوني بذلك، وكيف يمكنني أن أروي ظمأه دون أن أفتح عليه أبوابًا قد لا تحمد عقباها..
الجواب:
بداية ما فعله طفلك ليس أمرًا مستغربًا،
ولا يجب التعامل معه على أنه أمر مستهجن، فهو تساؤل طبيعي، ولكن بداية علينا أن
نشرح بعض النقاط البسيطة حول التطور والنمو الجنسي لدى الأطفال قبل الشروع في
الإجابة على استفساركم.
يولد الطفل وليس لديه أية دوافع جنسية،
حتى نهاية مرحلة الطفولة المتأخرة (8 -10 سنوات تقريبًا) يمر بما يسمى مرحلة
"كمون جنسي"، في سن الثالثة تقريبًا يبدأ الطفل في السؤال حول بعض
الأمور الجنسية، ولكنها تكون أسئلة من أجل الاستكشاف فقط وليس لها أي دوافع جنسية،
فهو يريد فقط التعرف على وجه جديد من أوجه الحياة بالنسبة له، وذلك حين يلاحظ
الفروق الجسدية الظاهرة بينه وبين الجنس المقابل له سواء أكان ذكرًا أم أنثى،
فيبدأ في السؤال حول تلك الأمور في محاولة لفهم طبيعة ما يحدث حوله ليس أكثر،
وأكرر ليس لذلك أي دوافع جنسية، بل هو استكشاف محض.
ومع قرب انتهاء مرحلة الطفولة
المتأخرة والاستعداد لدخول لمرحلة المراهقة؛ تستيقظ الدوافع الجنسية لدى الطفل
وتبدأ في النشاط لكي يتم الطفل دورته الطبيعية في النمو.
ولكن مع الأسف مع تعرض أطفال العصر
الحالي لكم هائل من المثيرات الجنسية؛ سواء في الإعلانات أو الأفلام، بل إن الرسوم
المتحركة أيضًا لا تخلو في كثير من الأوقات من الإيحاءات الجنسية، ومع استخدام
الأطفال المبكر للتكنولوجيا وتعاملهم مع عالم الإنترنت، كل ذلك يحدث ما يمكن أن
نطلق عليه "طفرة جنسية مبكرة"، وهي تعني أن دوافع الجنس الكامنة في تلك
المرحلة من مراحل النمو لدى الطفل قد استثيرت بسبب عوامل خارجية.
لهذا قبل أي شيء يجب عليك كمربٍّ أن
تميز بين سؤال طفلك حول الجنس، هل هو للاستكشاف فقط؟! أم أن هناك شيئًا وراء
السؤال، وأن طفلك قد تعرض لاستثارة جنسية مبكرة دفعته لطرح هذا التساؤل عليك؟!
وقبل الخوض في كيفية الرد على هذه
التساؤلات من طفلك، لا بد أن نوضح كيفية التعامل مع تلك الأسئلة كوالدين:
أولاً:
التعامل مع تلك الأسئلة المحرجة
بجدية، وعدم الاستهزاء بالطفل أو تسفيه ما يقوله، أو أن تظهر عليك كمربٍّ آثار
الارتباك أو التلعثم، حتى لا يشعر الطفل أنه يسأل عن شيء مشين لا بد من ستره
وكتمانه.
ثانيًا:
عدم التهرب من الرد على تلك الأسئلة
المحرجة، أو الرد عليه بأجوبة غير منطقية أو ساخرة؛ لأن الطفل ما سألك إلا لأنك
مصدر معلومات موثوق لديه، وكل ما ستقوله سيطبع في عقله حتى يكبر.
ثالثًا:
أن تكون إجابتك على قدر السؤال ولا
تسترسل، وأن تكون إجابتك تناسب مرحلة الطفل السنية والفكرية، وفي الوقت نفسه تكون
شافيه وترد على استفساراته كلها بشكل منطقي وعقلاني.
رابعًا:
إذا كان السؤال صعبًا والمربي لا
يعرف له إجابة، أو أن الإجابة الطبيعية لا تناسب تفكير الطفل في تلك المرحلة، يطلب
من الطفل مهلة للرد على أسئلته، ويبحث عن الإجابة المناسبة لطفله.
خامسًا:
لابد من التدرج في تعريف الطفل
بالأمور الجنسية منذ بداية نموه العقلي، فمع سن الثالثة نبدأ في التأكيد على
خصوصية أعضائه التناسلية وعدم رؤية الآخرين لها أو لمسها، وفي الخامسة نعرفه
بالفروق بينه وبين الجنس الآخر، وهكذا...
أما بالنسبة للرد العملي على تلك
الأسئلة المحرجة، فيكون بشكل علمي مدعم بالصور أو الفيديوهات ما أمكن حسب طبيعة سن
الطفل ونموه.
- فإذا سألك الطفل: من أين يأتي
الأطفال؟! فبداية خوفنا من الرد على ذلك السؤال يأتي لعلمنا نحن كبالغين بكل شيء
عن العلاقة الزوجية، ولكن الطفل غير ذلك، فمن الممكن الاستفادة من السؤال لتنمية
طفلك عقليًا، فتبادره بسؤال: ماذا تعتقد أنت؟! ونبدأ في سماع وجهة نظر الطفل حول
الأمر، وللتعرف على كم المعلومات التي لديه لتحديد ما إذا تعرض لاستثارة جنسية
دفعته لطرح هذا التساؤل أم أنه مجرد استكشاف. فإذا كانت إجابته صحيحة أو تقترب من
الصواب، يمكن التأكيد عليه والاكتفاء به.
أما في حالة ما إذا كان الجواب
غريبًا، نبدأ في التصحيح في حدود المسموح به حسب عمر الطفل، فمثلاً لو قال: يأتي
الأطفال من بطن الأم، فهي إجابة تقترب للصواب، يمكن إضافة تفاصيل حول شهور الحمل
التسعة وكيف يكبر الأطفال داخل الرحم، مع فيديو أو صور توضيحية. أما إذا كانت
الإجابة: من فم الأم، فهي إجابة خاطئة، هنا يجب توضيح صور للأم الحامل وتوضيح مكان
الطفل، مع عدم ذكر تفاصيل إضافية لم يسأل عنها الطفل حول العلاقة الزوجية.
- أما إذا سأل عن الأعضاء التناسلية،
أو عن اختلاف العضو بين الولد والبنت، فوضح له أن الله خلق الكائنات جميعًا نوعين:
ذكرًا وأنثى، واضرب له مثلاً بالتلقيح بين الزهور ودور الحشرات في ذلك الأمر،
ولمحاولة تبسيط أمر حدوث الولادة عند الإنسان كذلك.
في النهاية..
عليك كمربٍّ أن تغير من نظرتك نحو
الجنس حتى تستطيع أن تعبر بطفلك نحو بر الأمان في عصر اشتعلت فيه المثيرات الجنسية
بلا رقيب أو حسيب، فالإسلام تعامل مع الجنس على أنه فطرة لابد من رعايتها وتهذيبها،
وليس سترها وكتمانها، فهي ليست عورة، وإنما فطرة فطر الله خلقه عليها، ولكن لهذا
تفصيل آخر في رؤيتنا كبالغين نحو الجنس ورؤية الإسلام وتعامله معه، وأثر كل ذلك
على أطفالنا.
إضافة تعليق