ومن أسباب الفتن، قلة العلم بالشرع أو بالواقع، فيتصرف الدعاة بجهل. فتزداد أهمية العلم مع مراتب المسؤولية، وفى الحديث الصحيح عن عبد الله بن عمرو -رضى الله عنهما-: سمعت النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: "إن الله لا ينزع العلم بعد أن أعطاهموه انتزاعًا،
1- ترئيس الجاهل فتنة:
ومن أسباب الفتن، قلة العلم بالشرع
أو بالواقع، فيتصرف الدعاة بجهل. فتزداد أهمية العلم مع مراتب المسؤولية، وفى
الحديث الصحيح عن عبد الله بن عمرو -رضى الله عنهما-: سمعت النبي -صلى الله عليه
وسلم- يقول: "إن الله لا ينزع العلم بعد أن أعطاهموه انتزاعًا، ولكن ينتزعه
منهم مع قبض العلماء بعلمهم، فيبقى ناس جهال، يستفتون فيفتون برأيهم، فيضلون
ويضلون".
(وفى الحديث: الزجر عن ترئيس الجاهل؛
لما يترتب عليه من المفسدة، وقد يتمسك به من لا يجيز تولية الجاهل بالحكم، ولو كان
عاقلاً عفيفًا).
ويقاس على ذلك، كل مسؤولية مهمة في
ركب الدعوة؛ إذ ينبغي للمسؤول عنها أن يكون عالمًا بها، شرعًا وواقعًا، حتى تصح
العبادة بالنية الصادقة، ويسلم العمل من الخطأ، وحتى لا تحدث القالة والتلاوم،
ويشتد الجدل والتخاصم، حتى تتهيأ مبررات الفتن.
2- نفرة القلوب:
وقد يكون يلي أمرًا، أو يتصدر
لمهمة، له القدر الكافي من العلم، وعنده الموهبة الجيدة في التخطيط، ولكنه لا يملك
القلب الرحيم الذى يشد إليه الأتباع، ولا النفس الصافية التي تقرّب إليها الأرواح،
فينفض عنه الناس، وتكون إمارته مدعاة للفتنة؛ لما تجره من الخلاف عليه، وافتراق
القلوب عنه.
ومن الأمثلة في ذلك الإمام الجليل
ابن حزم؛ فهو مع علمه الواسع، لم ينتشر مذهبه بين الناس، فقال فيه أبو مروان ابن
حيان، بعد أن مدحه مدحًا رائعًا: (وكان يحمل علمه هذا، ويجادل عنه من خالفه، على
استرسال في طباعه، ومذل بأسراره، واستناد إلى العهد الذي أخذه الله على العلماء:
ليبيننه للناس ولا يكتمونه، فلم يك يلطف صدعه بما عنده بتعريض ولا بتدريج، بل يصك
به من عارضه صك الجندل، وينشقه إنشاق الخردل، فتنفر عنه القلوب، وتوقع به الندوب،
حتى استهدف لفقهاء وقته، فتمالؤوا عليه، وأجمعوا على تضليله، وشنعوا عليه، وحذروا
سلاطينهم من فتنته، ونهوا عوامهم عن الدنو منه) [سير أعلام النبلاء].
فانظر -أيها الداعية- كيف شُنّع على
علمه، وحُذّر من فتنته، وهو العالم النحرير، فكان لابد للأمير من عدم الفظاظة، وقد
قال تعالى عن نبيه -صلى الله عليه وسلم-: (وَلَوْ كُنْتَ فَظًا غَلِيظَ الْقَلْبِ
لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ) [آل عمران :159].
إضافة تعليق