لم
تكن أحداث الزمن من المهمات التي تشغلني..
ولم
يسبق لي أن أعطيت أذني لسماع أخبار من هنا وهناك، لقلة الثقة بأي جهة تنقل الخبر..
غير
أن الوضع اختلف مع مرور الزمن، حتى صرنا نعاين الأحداث قبل وصول الخبر..
أجدك
تتساءلين! لم هذه المقدمة..
أتراني
أستطيع إيصال رسالة لكل فتاة ضاقت بها الأيام، وتسارع بها الزمان، فغدت الصغيرة
كبيرة، وقُتِلتْ طفولةٌ بريئة..
أتراني
أمسح عنك آلاما وأحزانا.. برحلة توعوية نافعة..
أم
تراني أشد على يديك وأغمض عينيك عن دنيا زائلة، دنيا خُلِقنا بها لتكون ممرًّا
للآخرة، لا مستقرًّا.. فكما نعلم يقينًا أنها فانية..
تعالي
معي أختاه لنسبح في أعماق بحر لُجِّيٍّ، وننظر بعين الرضا تارة والغضب أخرى..
نرضى
بما يرضاه الله لنا، ونغضب مما يغضب خالقنا..
نرى
أشلاء ودماء.. نرى أطفالًا يُتّمت، وأضلعٍ تكسرت، وجماجم تحطمت، أيفزعك سوء
المشهد؟؟ نعم ولا بدّ..
ولكنها
الحقيقة.. هذه حرب بين الشيطان والإنسان منذ أن خلق الله سيدنا آدم وزوجه..
نعيش
أحداثًا لا يمكننا تجاهلها.. حتى بتنا نتكلم فيها بأغلب مجالسنا..
ولكن..
ومن بين ذلك الركام.. أرى نورًا يشعّ في الظلام.. ها هو هدفي من هذا المقال.. فلن
أسلّط الضوء إلا على أوكسجين الحياة، الذي به انتعشت أرواح تلك الأبدان المتشققة،
وانتشت به قلوب الصادقين المؤمنة، وطارت به فرحًا عقول المذهولين ألـمًا، وتلاشت
به صعصعة الرؤوس التي صارت بالدماء مُضرّجة..
وهل
هناك ما يزيل تلك الأسقام الكاوية!
إنه
ذلك النور الذي أحدّثك عنه يا صغيرتي.. هو كنزُ من فقد، ومستراح من كُبِد،
هو
الملاذ والسكن، والدفء والسعة والأمن، يرتل القلب منه آيات بينات، فيطبطب على كل
ألم ويرقى بروح تعشق السلام، فتعيش هذا الحبور في دنياها قبل أخراها..
نعم
ياصغيرتي.. لقد فهمتِ القصدَ وأصبتِ الـمُبتغى.. فهل هناك كلام يُقال أمام تلك
الفواجع.. بل إن القلب ليخرس، وإن اللسان لَيُبلع، ولكن كلام ربنا العظيم يعلو على
كل ما يحدث، ويبسط هيمنته فيحتوي كل شِدّةٍ وصَاخّة، ويطوي كل رزيّةٍ وضيقٍ وطامة،
وتنطق منه السعادة فتجعل أكبر خطب وبلاء في مهب الريح، وقد عاينَت أبصارنا قوة
قلوب كنا نبحث عن سرها.. فهل أولئك الذين يُقَتَّلون بشر مثلنا.. أو أننا يجب أن
نسأل أنفسنا.. هل نحن بشر مثلهم.. ومن أين لهم بمتابعة الحياة مع كل ما أصابهم..
حتى وجدنا ذلك السر المكنون، والكنز المصون، لم يكن لهم صبر لولا عقيدة راسخة،
وقلوب راضية، وألسن للقرآن مرتلة، ونفوس مطمئنة زاكية.. حفظوه رغم الدمار،
واحتضنوه وهم يخرجون من تحت الأنقاض، وعاشوا معانيه فكان لهم حرزًا من كل يأس،
وهدوءًا واطمئنان..
فلْتهن
أمامك كل أحداث الدنيا إذا كان معك القرآن.. فاصحبيه يا أختاه، تمسّكي به فهو حبل
الأمان، حافظي عليه ولا تفرّطي فيه ولا تنشغلي عنه، فستجديه بر الأمان فهو حصنك
المنيع.. ولكن اعلمي بأنه عزيز، فلا تهمليه، وأعطِهِ أنفس أوقاتك، وتذكري قول
مولاك عنه: (وإنّه لكتابٌ عزيز) إنه مفتاح كل شيء..وهذه رسالتي.. فلا تضيِّعيها..
والسلام.
إضافة تعليق