في السنوات العشر الأخيرة اقتحمت الشاشات الصغيرة حياتنا بشكل فج (أجهزة تلفاز، هواتف محمولة، أجهزة لوحية، حاسبات، ألعاب فيديو...)، سيل من الشاشات يسيطر على عالمنا ويتحكم في أفكارنا وعقائدنا.
في السنوات العشر الأخيرة اقتحمت الشاشات الصغيرة حياتنا بشكل فج (أجهزة تلفاز،
هواتف محمولة، أجهزة لوحية، حاسبات، ألعاب فيديو...)، سيل من الشاشات يسيطر على
عالمنا ويتحكم في أفكارنا وعقائدنا.
وبعد أن كانت نصائح التربويين في أواخر
القرن الماضي تنحصر في التحذير من محتوى المواد المعروضة على أجهزة التلفاز؛ تراوحت
نصائحهم مؤخرًا بين المنع المطلق للشاشات في مرحلة الطفولة إلى الحد من وقت
الشاشات ووضع معايير للحكم على المواد المعروضة على الطفل.
والحق أن المنع المطلق يبدو صعبًا -تمامًا
كما يبدو إطلاق يد الأطفال وأعينهم على الشاشات أمرًا مستهجنـًا- فالشاشات بمختلف
أنواعها ليست شرًا محضًا؛ إذ لم يعد استخدامها قاصرًا على الترفيه فحسب، بل امتد
ليشمل التعليم والتواصل والعمل وغيره، ولا مانع من أن ينتفع الطفل بالمواد
التعليمية المعروضة أو يحسن مهاراته الإبداعية، أو يقضي وقتًا ترفيهيًا يُسمح
خلاله للوالدين بأداء مهامهم وأعمالهم، مع إبقائه منشغلًا بالأنشطة الطفولية
الأخرى كاللعب التخيلي والألعاب الحركية وتركيب المكعبات. وعليه فالحل الأمثل بين
الإفراط والتفريط هو وضع خطة للتحكم في (وقت الشاشات) كمًا ونوعًا.
خطة
مراقبة (وقت الشاشات):
هناك عشرة معايير نحتاجها عند وضع خطة
للتعامل مع (وقت الشاشات) لضمان عدم طغيانه على أنشطة الطفل الأخرى من جهة، وفي
الوقت ذاته ضمان تحقيق الاستفادة منه من جهة أخرى:
1- تحديد (الوقت) بما يتناسب وعمر الطفل،
3- الاتفاق المسبق مع الطفل فيما يتعلق بوقت الشاشات ونوع المادة المشاهدة، وكذا إمكانية تقسيم الوقت.
2- الانتقاء المسبق للمادة المعروضة الملائمة، ومن ثم عرض اختيارات متعددة للطفل
يتخير منها هو ما يرغب في مشاهدته.
4- كن حازمًا في متابعة هذه الخطة،
وصارمًا في بنود الممنوعات، (مثل المواد التي تحوي مخالفات شرعية، أو أفكار عقدية
وافدة، أو محتوى جنسي).
5- مشاركة الأبناء الأكبر سنًا في تقييم
ووضع الخطة.
6- مناقشة الأبناء في تقييم المواد
المعروضة، والتأكيد على القيم الإسلامية.
7- التأكد من تقليل سطوع إضاءة الأجهزة
وخفض أصواتها.
8- عدم وضع الشاشات في غرفة الأطفال،
والحرص على تكوين بيئة شاشات مناسبة تسهل مراقبتها، ومراعاة جودة الإضاءة والتهوية
فيها.
9- لا يجب أن يرتبط وقت الشاشات بمواعيد
الطعام حتى لا يتكون ارتباط شرطي بينهما يؤثر على عادات الطفل الغذائية، فيؤدي به
إلى البدانة أو أمراض التغذية.
10- لا تنفصل أنت عن هذه الشاشات حتى
تتمكن من معرفة أسرارها ومناقشة أبنائك عن محتواها.
ويمكن الاستعانة بمواقع وتطبيقات عديدة
للتحكم في وقت الشاشات؛ منها:
- تطبيق جوجل فاميلي (Google Family Link for parents) لأجهزة الأندرويد يمكّن الوالدين من التحكم في وقت الشاشات
والتحكم في الألعاب والتطبيقات.
- كما توفر مايكروسوفت خدمة شبيهة (Reimagine the family experience)؛ حيث توفر للمستخدم إنشاء مجموعة العائلة وضبط إعداداتها لتتمكن
من مراقبة (وقت الشاشة) وتحديد أماكن أطفالك، والحصول على موافقتك للشراء أو تحميل
الألعاب من المتجر.
- موقع هيلثي تشيلدرين (Healthychildren.org):
يوفر تصميم خطة للتحكم في وقت الشاشات؛ حيث يقدم خطة مناسبة لعمر الأطفال بناءً
على البيانات التي يكتبها المستخدم، ويسمح للوالدين فيها بإضافة معايير للخطة أو
التعديل عليها.
- أما موقع سكرين تايم لابس (Screentimelabs.com):
فيقدم 14 يومًا من التجربة المجانية
للتخطيط لوقت الشاشات، وإضافة المهام والواجبات للأطفال، وكذا التأكد من ملاءمة
تطبيقات الهواتف المحمولة، وفلترة المواقع الإلكترونية. وللموقع تطبيق على أندرويد
وأبل.
- وهناك محاولات إسلامية جادة في هذا
الشأن مثل (مركز تصنيف وتطوير الألعاب الإلكترونية)، ومقره بالرياض.
وقبل كل ذلك لا يجب أن نغفل أهمية غرس
الرقابة الذاتية عند الطفل، وتحصينه بالقيم الإسلامية، وغرس العقيدة الإسلامية
الصحيحة من سن مبكرة.
تطبيقات مفيدة للبراعم:
ولاستكمال الفائدة نقترح عليكم عدة تطبيقات وبرامج مناسبة لـ(وقت الشاشات) للبراعم؛
منها:
أولاً: تطبيقات تربوية إسلامية:
نبدأ بتطبيقات حفظ القرآن الكريم والسنة
النبوية المطهرة:
1- (عدنان معلم القرآن)
وهو تطبيق تفاعلي للأطفال لتعلم وحفظ
القرآن الكريم بصوت الشيخ محمد صديق المنشاوي لجزء عمّ والأحرف الهجائية وأكثر من اثني
عشر دعاءً وحديثًا للأذكار اليومية، وهو موجه للفئات العمرية من ثلاث سنوات حتى اثنتي
عشرة سنة.
والتطبيق حائز على جوائز عدة، ومتوافر
على أجهزة ويندوز وأبل وأندرويد ومايكروسوفت.
2- وللمطور نفسه أيضًا تطبيق (أذكاري
اليومية):
بواجهة رسومية مميزة، ومزود بأكثر من
عشرين ذكرًا موظفًا، يساعد الطفل على حفظه من خلال التكرار وجمع النقاط.
3- تطبيق (بستان الأحاديث):
اختار المطور عشرة أحاديث من الأربعين
النووية ليساعد الطفل على حفظها من خلال التكرار والكتابة، كما يعتمد التطبيق على
تسجيل النقاط لإضافة روح التنافس بين المستخدمين.
4- ومن التطبيقات التي تعنى بحفظ السنة
النبوية: (الحفاظ الصغار):
يعرض الأحاديث في خمسة مستويات متدرجة، وينتقل
الطفل إلى المستوى الأعلى بعد أداء اختبار قصير. نصوص الأحاديث فيه مشكولة؛ يقرأها
طفل صغير قراءة متقنة تساعد على الحفظ الصحيح. والتطبيق من إنتاج مجموعة زاد.
ثانيًا: التطبيقات المهارية:
5- بعد نجاح تطبيق (كريم وجنى) أطلقت
مؤسسة الملكة رانيا تطبيقها (عالمنا) الذي يستهدف تحفيز التعلم التفاعلي وتعزيز
المهارات الاجتماعية للأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين ثلاث وست سنوات، والمساهمة
في رفع استعدادهم للالتحاق بالمدرسة.
يستهدف (عالمنا) عدة جوانب أساسية من
تطور الطفل الاجتماعي والعاطفي أهمها: الثقة بالنفس والوعي الذاتي، وبناء
العلاقات، وإدارة المشاعر والسلوك، والصحة والرعاية الذاتية، واستيعاب العالم، عن
طريق القصص والألعاب المتنوعة.
ثالثًا: اللغة العربية:
في سني العمر الأولى تكون الأولوية في التعلم للقراءة والكتابة والحساب، وهناك
العديد من التطبيقات التي تقدم لطفلك الحروف العربية وكلماتها الأولى؛ من أهمها:
6- تطبيق (سراج):
بقناته على اليوتيوب وتطبيقه على المتجر
يقدم أيضًا تجربة رائعة تفاعلية في تقديم الحروف العربية، وتتميز برسوماتها
المبهجة، والأداء المتقن للممثلين. وهي أحد إصدارات مؤسسة قطر.
ثالثًا: القصص:
تشكل القصص والحكايات أداة تربوية مهمة،
ووسيلة أساسية لغرس القيم والمعارف، وطريقة مثالية لتعلم اللغة بالغمر. ونرشح لكم
التطبيقات والمنصات التالية:
7- منصة (عصافير):
تعتمد عصافير في تصنيفها للكتب تصنيف
عربي21 الذي يتدرج حسب مستوى صعوبة القراءة وفقًا لعدد الكلمات في كل مقطع، وتقدم
كل قصة بصورة مكتوبة ومسموعة حسب اختيار الطفل. وهناك تطبيقات تابعة للمنصة نفسها
على كل من متجري آبل وجوجل.
8- تطبيق (نوري):
أكثر من 500 عنوان عربي بين الكتب
العلمية والقصص الخيالية وقصص الأنبياء وغيرها، ينشرها التطبيق بالتعاون مع دور
نشر عربية عديدة، يمكن تحميل الكتب وقراءتها أو الاستماع إليها دون الحاجة للاتصال
بالإنترنت. تقدم المنصة تجربة مجانية، ويتطلب متابعة استخدام التطبيق دفع اشتراك
بسيط يبدو أوفر بكثير من شراء كل العناوين المتوفرة على المنصة.
9- (كادي ورمادي):
تطبيق كادي ورمادي هو تطبيق إلكتروني
تعليمي ترفيهي يُحمَّل على الأجهزة الذكية، يأخذ الأطفال الى عالم كادي ورمادي
الافتراضي الترفيهي الذي يحتوي على أربعة أقسام رئيسة: القيم والأخلاق - اللغة
والأدب – الاجتماعيات - العلوم. وفي التطبيق مجموعة مختارة من قصص الأطفال
التفاعلية والألعاب الذهنية والأنشطة الفنية التابعة لها ومقاطع الفيديو
التعليمية. يعزز التطبيق قيم القراءة والبحث العلمي ومهارات القرن الواحد والعشرين
للتَّعلُّم.
وهو متوافر على متجر جوجل ومتجر أبل.
أخيرًا نذكركم أن الحياة خلف الشاشة
أوسع وأرحب، وأن فرص التعلم في بيئة الطفل الحقيقية ثرية وملهمة، وأن توجهنا
للتعلم الإلكتروني يجب أن يضبط كمًا وكيفًا حتى لا تفقد الطفولة براءتها وسعيها
للاستكشاف وشغفها باستخدام حواسها في التعلم عن العالم.
إضافة تعليق