يبذل الآباء جهدهم وأموالهم في شراء العديد من الألعاب للطفل حتى لا يشعر دقيقة واحدة بالملل! ولكن رغم كل ذلك، يترك الطفل كل الألعاب ويتجه لاستخدام الهاتف أو التلفاز حتى يتخلص من الشعور بالملل. بينما قديمًا كنا لا نمتلك كل تلك الألعاب، وكنا قادرين على ملء أوقات فراغنا، وابتكار الألعاب الجماعية كعمل خيمة من الكراسي وأغطية الأسرّة أو عمل الطائرات الورقية وغيرها من الأنشطة الممتعة. فما الذي تغير؟! 

لماذا يشعر أطفالنا بالملل رغم توافر العديد من الرفاهيات والعديد من الألعاب التي تملأ غرفهم؟!

ولماذا يلجأ الآباء والأمهات للرضا الفوري للأبناء فور تفوههم بأنهم يشعرون بالملل؟ وهل الملل مفيد لطفلي أم لا؟ وهل التدخل الفوري لإرضاء طفلي دائمًا هو الحل الأمثل؟! وكيف يمكن أن نتعامل مع أوقات الملل؟

التعامل مع الملل قديمًا:

هل سألت نفسك من قبل كيف كان التعامل مع الملل قديمًا مع غياب التكنولوجيا؟

كنا نتعامل مع الملل بعادات وأنشطة بعيدة عن التكنولوجيا كالمشي أو الرسم أو الكتابة والحرف اليدوية وغيرها من الأنشطة التي تنمي الإبداع. و مع ازدياد التكنولوجيا ومرور الوقت ووفرة الألعاب للأطفال، فقد الطفل الاستمتاع بالألعاب العادية وازداد شعوره بالملل. وليتخلص الطفل من هذا الشعور يُسرع إلى أجهزة الكمبيوتر والشاشات المرتبطة بالإنترنت لساعات وساعات!

فما تأثير التليفزيون على الطفل عندما يشعر بالملل؟!

التليفزيون والملل[1]

الشاشات الإلكترونية في وقتنا هذا تجذب انتباه الطفل وتزيد من إثارته؛ حيث يعتاد الطفل على البرامج التي تبلغ الإثارة فيها حدًا عاليًا، وينظم الطفل نشاطه اليومي على هذا المستوى من الإثارة حتى أن سلوكه يبدو مشتتًا إذا انخفضت الإثارة عن هذا المستوى، ويستولى عليه الملل إلى أن يقوم بعمل شيء يستعيد به مستوى الإثارة الذي تعود عليه في سلوكه.[2]

ولذلك، ينصح الدكتور مارسي (طَبيبٌ نَفْسِيّ) ومؤلف كتاب (حماية عقلك من العصر الرقمي) بترك الأطفال يتعاملون مع الملل بعيدًا عن استخدام التكنولوجيا والإنترنت. وأضاف أن الاستخدام المفرط للشاشات الالكترونية للأطفال في سن مبكرة يعلمهم استخدام الشاشات كـ "منظم للحالة المزاجية" مما يعيق عمل المنظم الطبيعي للعواطف عند الطفل. بينما مفتاح تنظيم المشاعر عند الطفل هو قشرة الفص الجبهي (Prefrontal cortexويمثل الجزء الأعلى من الجهاز العصبي المركزي، وفي هذا الجزء تحدث أعلى أشكال الفكر والعاطفة وإدراك الذات والبيئة الاجتماعية. ولا تنضج هذه القشرة في سن مبكر، وللأسف عندما يلجأ الأطفال للشاشات الإلكترونية، يتعطل عمل قشرة الفص الجبهي.

الشاشات الإلكترونية والرضا الفوري للأبناء:

 كلما زاد ارتباط الطفل بالشاشات الإلكترونية الجاذبة لانتباهه، شعر الطفل أنه لا داعي للشعور بالملل. وأكبر دليل على ذلك انظر إلى أماكن الانتظار في العيادات والمطاعم، تجد أن الآباء يمنحون الشاشات لأطفالهم للهروب من المعارك خارج المنزل ونوبات الغضب و لإلهاء الطفل أكبر قدر ممكن، ومع مرور الوقت يصعب على الطفل تحمل المشاعر السلبية والاحباطات كالغضب. وعندما يشعر بإحداهما يفر مسرعًا نحو الشاشات الإلكترونية.

ذلك الاستسلام للشاشات يفقد الطفل فرصة تنمية جزء أساسي من دماغه يُستخدم للتحكم العاطفي. فبدلاً من أن يتعلم كيفية إدارة مشاعره بنفسه أو مع الآخرين من خلال التعبير واللعب وغيرها من السلوكيات الجيدة الأخرى، "فيتعلم الأطفال تجاهل مشاعرهم أو إلهاء أنفسهم بالشاشات" و قد يؤدي هذا إلى ما يسميه علماء النفس عدم التنظيم العاطفي - ويسميه الآباء نوبة غضب .[3]

ناهيك عن أضرار الاستخدام المفرط للشاشات الذي قد يتسبب في تغيير الوصلات العصبية بالمخ، ويجعلهم أكثر عرضة لاضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه في المستقبل، والقلق، والاكتئاب. وهذا على عكس الهدف المنشود  وهو تعزيز الاستجابات الطبيعية للطفل لمشاعره السلبية، والسماح له باستخدام وتدريب قشرة الفص الجبهي مما ينعكس على تعاملاته مع احباطاته والملل في المستقبل.

الملل والأجازة الصيفية[4]

هل الشعور بالملل مسؤولية الآباء أم الأبناء؟!

يتحمل الآباء مسؤولية تسلية أطفالهم كل ثانية، وإبعاد الشعور بالملل عنهم. فيلجأون إلى الاشتراك في الإجازة الصيفية لأبنائهم  بالمعسكرات الصيفية والعديد من الأنشطة، و العديد من الكورسات وممارسة أكثر من رياضة واحدة، وغيرها من الأنشطة، حتى لا تتاح فرصة للطفل للشعور بالملل للحظة واحدة.

 فلم تعد حل مشكلة الملل مسؤولية الأبناء، بل اصبحت مسؤولية الآباء. فيشعر الآباء بالإنجاز عندما يزدحم جدول الطفل ولا يجد ثانية واحدة للملل حتى يخلد للنوم. بينما فالحقيقة أنه عندما يشعر الطفل بالملل، يبحث عن أشياء تثير انتباهه أو يجرب أشياء جديدة ويمرن عقله.

و يرى علماء النفس وخبراء التربية أن المبالغة في جدولة الأجازة الصيفية للطفل غير ضرورية وقد تمنع الأطفال من الإبداع واكتشاف ما يسليهم ويثير انتباههم. فدورك مرشد وموجه في حياة طفلك، تقول د. لين فراي فإن كنت تسعى طوال الوقت على ملء وقت فراغ طفلك، فكيف تملأ وقت فراغك؟ حتى يتعلم الطفل منك كيف يستغل وقت فراغه بعيدًا عن الشاشات؟!

فما فوائد الملل لطفلي؟

إننا نخاف من الملل، ونشفق على أبنائنا من المشاعر السلبية التي قد تصيبهم إذا تعرضوا لإحساس الملل[5]، ولكننا إذا أخذنا في الاعتبار أن الملل هو بوابة الطفل للإبداع واكتشاف نفسه والبيئة من حوله. سنسمح للطفل بتجربة الملل، ولن نتدخل إلا في توجيهه وإرشاده للاستفادة من هذا الشعور.

إليك فوائد الملل لطفلك:

وسيلة لتنمية الإبداع وتوليد الأفكار:

إن الشعور بالملل ينمي عند الطفل الإبداع.[6]فعندما يشعر الطفل بالملل، يستخدم خياله لإيجاد أفكار تخلصه من هذا الشعور، وتلك مهارة مهمة للتعامل مع احباطات الحياة والملل في المستقبل.

أوضحت الدكتورة تيريزا بيلتون لبي بي سي[7]،الزميلة الزائرة في كلية التعليم والتعلم مدى الحياة في جامعة شرق أنجليا، إن التوقعات بضرورة أن يكون الأطفال نشيطين باستمرار يمكن أن تعرقل نمو خيالهم، وبسؤال الكاتبة ميرا سيال كيف ساعدها الملل في الصغر على الإبداع، صرحت أن الملل جعلها تلجأ للكتابة.

في هذا السياق قالت الدكتورة تيريزا بيلتون: "إن الشعور بالملل حفزها على التحدث إلى أشخاص لم تكن لتتعامل معهم لولا ذلك، وأيضًا دفعها لتجربة أنشطة جديدة لم تكن لتجربها في ظروف أخرى مثل التحدث إلى الجيران المسنين وتعلم خبز الكعك".

 يعزز الحافز الداخلي:

تقول الدراسات أن الأفراد الذين لديهم وقت أقل من الأنشطة المنظمة، لديهم فرصة كبيرة لزيادة:

-       طاقتهم الإبداعية.

-       مهارات حل المشكلات.

-       تنظيم الوقت.

-       تحفيز النفس.

 فالملل يعزز الحافز الداخلي وهو المحرك الأساسي نحو الإبداع.

الملل يزيد من التأمل:

يشجع الملل الطفل على التأمل، قضت  الكاتبة سيال ساعات من حياتها المبكرة وهي تحدق من النافذة عبر الحقول والغابات، تراقب تغير الطقس والفصول. مما دفعها للكتابة وتدوين الملاحظات، وكانت تلك بداية شغفها نحو الكتابة.[8]

الملل يعزز المرونة:

إن تجربة الملل تساعد الطفل على محاولة اكتشاف نشاط يُخلصه من هذا الشعور، وقد يتيح له ذلك تجربة أكثر من نشاط، حتى يصل إلى النشاط الذي يجذبه. و أثناء ذلك يتعلم الطفل المرونة في تحمل الإحباطات والمثابرة. لذا شجعه على الاستمرار في المحاولة، والوصول إلى النشاط الذي يفضله، وعلمه فن التعامل مع النشاط الذي لا يفضله.

يعلم الطفل مهارة إدارة الوقت:

من أكثر التحديات التي تواجهنا كأشخاص بالغين هي إدارة الوقت بشكل جيد، لذا فإن تجربة الملل تتيح للطفل الفرصة تجربة إدارة الوقت، وتحمل مسؤولية تنظيم وقت فراغهم بأنشطة مفيدة.

فرصة جيدة لاستكشاف النفس:

الملل هو بوابة طفلك للتعرف على نفسه والاهتمام بها واكتشاف عالمه الداخلي والخارجي؛ تلك الطريقة تساعده على اكتشاف من هو، وهي أول طريق الإبداع. 

فالملل يقدم لطفلك فرصة رائعة للخلوة بالنفس ومنح الاهتمام لنفسه بعيدًا عن زحمة الحياة…. لا تظن أن جلوس طفلك بمفرده مع هاتفه أو الإنترنت هي خلوة مع النفس؟. ولكن الجلوس مع النفس يكون بعيدًا عن (وسائل التواصل الاجتماعي والانترنت) مما يسمح للطفل التعرف على نفسه و أفكاره؛ وتلك مهارة مهمة للطفل تساعده على اكتشاف نفسه و التعرف على أفكاره، واكتشاف ما يُسعده من أنشطة. كتبت عالمة النفس فانيسا لابوانت في هافينغتون بوست : "يحتاج الأطفال إلى الشعور بالملل حتى يصبح العالم هادئًا بدرجة كافية بحيث يمكنهم سماع أنفسهم".  مما يسمح لهم بالبحث عن أنشطتهم ووسائل ترفيه بعيدًا عن إجبار الكبار. و هي تُعد وسيلة رائعة لاكتشاف هواياته التي قد تكون مصدر رزقه في المستقبل.

الملل يحسن الصحة النفسية:

الملل يعطي لحياتنا معنى، فمن خلال الملل نشعر بقيمة الأشياء، ونعيد النظر لتلك الأنشطة البسيطة ولحياتنا ككل. فعندما يشعر أطفالنا بالملل، فإن ذلك يساعدهم على إيجاد قيمة في تجاربهم الخاصة وتطوير نظرتهم الفريدة للعالم، مما يجعلهم أقوى نفسيًا للمستقبل.

وسيلة لاكتشاف الأنشطة التي تُسعده:

 هذه واحدة من أهم المهارات الحياتية التي يمكن أن يتعلمها الطفل من خلال الملل، وهو أن يتعرف عما يسعده من أنشطة بعيدًا عن الشاشات الإلكترونية. وعندما تكون مسؤوليتك هي الترفيه عن طفلك في كل ثانية، يعتبر الطفل هذا حق مكتسب وأن مسؤولية الترفيه عنه هي مسؤولية الآخرين دائمًا.[9]مما يجعله يرغب في أن يحظى بمزيد من الاهتمام من الآخرين

وسيلة لجعل الطفل أكثر استقلالية:

الملل يجبر الطفل أن يخلق أفكارًا عن ما يُفضل فعله؟ وما الممكن فعله؟ ثم يدير تلك الأنشطة بنفسه بشكل مستقل، وهذه القدرة على شغل وقت فراغه بمفرده من علامات الأمان العاطفي.

وسيلة لتجربة أشياء جديدة:

في دراسة نُشرت عام 2012 في  مجلة[10]،  أوضح مارك فينسكي، الأستاذ المشارك في جامعة جيلف أن تعريف الملل يرجع ذلك إلى رغبتنا في الانخراط مع العالم، أو القيام ببعض الأنشطة العقلية الأخرى لإثارة انتباهنا، وعندما لا نستطيع القيام بذلك نشعر بالإحباط أو ما نطلق عليه الملل. وعندما نشعر بالملل سواء كنا كبارًا أو أطفالًا من الأنشطة المعتادة فإننا نسعى ونتحمس لتجربة أنشطة أخرى.[11]

الملل يدفع الطفل لتكوين صداقات جديدة:

الشعور بالملل وعدم استخدام الشاشات، يدفع الطفل لتطوير مهارته الاجتماعية من خلال السعي إلى تكوين صداقات. على سبيل المثال، التسكع مع صديق أو حيوانه الأليف، أو التحدث مع أخيه داخل المنزل. تصبح تلك الأنشطة أكثر متعة.

وسيلة لتعليم الطفل أن الحياة غير مثالية:

تقول عالمة النفس ستيفاني لي، أن الملل يساعد الأطفال على تقبل التجارب الأقل من المثالية. وأوضحت قائلة: "فالملل ليس سيئا ولا ممتعًا، بينما تتطلب مننا الحياة إدارة احباطاتنا وتنظيم عواطفنا عندما لا تسير الأمور مثلما نرغب، والملل طريقة رائعة لتعلم هذه المهارة ".[12]

فالانترنت يعكس لنا صورة مثالية للحياة؛ و تتلاعب وسائل التواصل الاجتماعي، بنظرتنا لذاتنا وللآخرين.. فتجعلنا نعتقد أن الحياة مثالية وينبغي ألا نشعر بالملل؛ مما يجعلنا نشعر بالسوء من الأشياء التي لم نحققها بعد. بينما الملل يعلمنا أن الحياة لا تسير على وتيرة واحدة، وأن السعادة لا تحتاج للكثير من السفر والأشياء، و أن هناك العديد من الأشياء البسيطة التي تُسعدنا.

البحث عن المعنى الحقيقي للحياة:

وفقًا لدراسة أجريت عام 2011، أجبر الملل الناس على التفكير في معنى حياتهم، مما دفعهم إلى البحث عن أنشطة ذات مغزى مثل التبرع بالدم والتطوع. في حين أن الدراسة فحصت البالغين فقط، الذين قد يكونون أكثر ميلًا للبحث عن هدف. إلا أن الملل يمكن أن يدفع الأطفال إلى القيام بأنشطة قد يجدها الكبار غير جذابة - كالمساعدة في إعادة أطباق السفرة إلى أماكنها، والمساعدة في الترتيب وغيرها من الأعمال المنزلية أو أنشطة تلهمهم لجعل العالم مكانًا أفضل مثل الرغبة في زراعة النباتات أو الاهتمام بالحديقة ونظافتها، أو المساعدة في الاعتناء بالحيوان الأليف.

يطور من مهارات التخطيط:

يساعد الملل أيضًا الأطفال على تطوير استراتيجيات التخطيط ومهارات حل المشكلات والمرونة والمهارات التنظيمية، وتلك المهارات يفتقدها الأطفال الذين يتدخل آبائهم في تنظيم حياتهم بشكل مبالغ فيه. فتقع على الطفل مسؤولية التخطيط لوقت فراغه وإدارة عواطفه.

كيف أساعد طفلي إذا شعر بالملل؟!

أغلب الآباء والأمهات يخشون على أبنائهم من الشعور بالملل، فعندما يخبرهم الطفل بأنه يشعر بالملل؟! يتسارع الآباء والأمهات بتقديم أفكار أو شراء ألعاب جديدة حتى لا يشعر الطفل بالملل؟! بينما من المفيد للطفل ونموه هو الشعور بالملل والتعامل معه بشكل صحيح؟ فالشعور بالملل ليس نهاية العالم؟!

     لا تخف من الملل:

الإنسان عدو ما يجهله، ولأننا لا نعلم ما هو الملل وما هي فوائده، لذا نخشى على طفلنا تجربته. تقول ساندي مؤلفة كتاب فن الملل، و محاضرة علم نفس في جامعة سنترال لانكشير "هو شعور وبالأساس هو بحث  عن محفز للدماغ الذي لم يتم تحقيقه. لذا إذا كنت تبحث عن شيء يثير إعجابك وتنخرط فيه، ولم تكن راضيًا، فإن هذا الإحباط يُسمى بالملل ".[13]

ونشعر بهذا الشعور منذ بداية حياتنا فهو المحرك الأساسي للطفل في سنواته الأولى لاكتشاف البيئة من حوله.

لذا إن التعامل المسبق مع الملل( ما قبل الملل) مفيد جدًا، فإذا أخبرك طفلك أنه يشعر بالملل وأسرعت بالتفكير عن حلول بدلًا عنه، للتخلص من هذا الشعور.

لن تتاح الفرصة له في التفكير في ما قد يشعره بالسعادة وملأ فراغه.

ابتعد عن الشاشات:

أول خطوة عندما يقول لك طفلك أنه يشعر بالملل، يتوجب عليه عدم استخدام الهواتف والانترنت والشاشات الإلكترونية.

عرف طفلك طبيعة الشعور:

أخبر طفلك أنه لا بأس أن نشعر بالملل من وقت لآخر، لن يؤذينا هذا الشعور، بل سيساعدنا كثيرًا في المستقبل. قد يكون هذا الشعور غير ممتع، لكنه ليس سيئًا على الإطلاق، وطريقة تعامل طفلك معه هي التي ستصقل مهاراته و تعلمه إدارة احباطاته، وتنظيم عواطفه عندما لا تسير الأمور كما يخطط لها، وتعمل على اكسابه مهارات حل المشكلات والمرونة والمهارات التنظيمية الأخرى.

كن قدوة لطفلك:

 رحب بالملل في حياتك أيضًا وكن نموذجًا يحتذى به، اجعل طفلك يراك كيف تتعامل مع الملل؟ وكيف تستجيب بطريقة إبداعية، كيف تلجأ إلى أنشطة بعيدًا عن هاتفك، تقرأ كتابًا، تمارس هواية أو نشاطًا يعيد شحن طاقتك نحو الحياة.

اجعل توقعاتك واقعية:

لا تتوقع من الطفل أن يبقى مشغولًا في نشاط لمدة ساعتين! خاصة إذا كان صغير السن (في مرحلة ما قبل المدرسة) قد ينشغل في اللعب بشكل منفرد ومستقل لمدة 15 دقيقة، وبالطبع الأمر يختلف كل الاختلاف إذا كان الطفل يعاني من اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه، لأنه لا يستطيع إبقاء انتباه لمدة طويلة.

اطلب من طفلك قائمة بالأنشطة التي تسعده:

خصص بعض الوقت مع طفلك لمساعدته في إنشاء قائمة بالأنشطة التي تُسعده.. اجعل القائمة تتضمن أشياء استمتع بها في الماضي، وأشياء جديدة يرغب في تجربتها لأول مرة أو يرغب في تعلمها. بحيث يمكنه الرجوع إلى تلك القائمة عندما يشعر بالملل بدلًا من أن يُسرع إليك لتخلصه من هذا الشعور. مع مراعاة حاجة الطفل إلى التعرض للعديد من الخبرات لتطوير مهاراتهم مثل ألعاب البناء و المكعبات ( التي تنمي المهارات الحركية والإدراكية للطفل والانتباه والتركيز)، والانخراط مع الأطفال الآخرين( والتي يطور من خلالها المهارات الاجتماعية لديه واللغة والتواصل مع الآخرين) كما يحتاج أيضًا أن يكون نشيط بدنيًا ويمارس أنشطة حركية( لتطوير مهاراته الحركية الكبرى والصغرى) ويحتاج أيضًا إلى اللعب الحر. أكدت الأستاذة الجامعية وعالمة الاجتماع ومؤلفة كتب ساندرا ستون التي قضت حياتها المهنية بأكملها تدرس تأثير اللعب على الأطفال. أن اللعب الحر ( الذي يطلق فيه الطفل العنان لخياله دون قواعد) هو شيء أساسي وهام لتطوير الإبداع عند الطفل. وإن لم يفعل ذلك فإنه قد يواجه صعوبة في الحفاظ على انتباهه وتركيزه والبقاء في مزاج جيد.[14] 

أمثلة على بعض الأنشطة التي تناسب الأطفال صغار السن:

على سبيل المثال:

      الليجو وألعاب البناء.

      لعبة بناء حصن.

      إعادة تدوير الأشياء.

       التأمل في الطبيعة.

     ركوب الدراجات.

     الحرف اليدوية.

     زراعة النباتات.

      التلوين.

 

أما إذا كان الأطفال أكبر سنًا:

      قراءة كتاب.

      إنشاء بودكاست.

     إنشاء محتوى تعليمي.

      تعلم مهارة جديدة.

     الأعمال اليدوية.

     ممارسة الرياضة.

     تعلم لغة جديدة.

 

وفي كل مرة يخبرك طفلك أنه يشعر بالملل.. أطلب منه الرجوع إلى تلك القائمة التي أنشأها، وهكذا حتى تخرج أنت من العملية ككل وتترك الطفل يدير شعوره بالملل ويتعامل معها بشكل صحيح. وعندما يجد نشاط يفعله كافئه على ذلك وشجعه على الاستمرار. 

ماذا إذا رفض طفلي كل الأنشطة؟

اعرف السبب وراء شعوره الدائم بالملل؛ يشعر الطفل بالملل أو يكرر جملة أشعر بالملل كثيرًا:

      إما أنه معتاد على الترفيه الدائم لدرجة أن ليس لديه وقت لاكتشاف نفسه وهواياته و لا يعرف كيف يتعامل مع مشاعره وأفكاره.

      أو أن وقته منظم للغاية ( بتدخل من الأهل) للدرجة أنه غير معتاد على العثور على أشياء ممتعة يفعلها وقت الملل سوى استخدام الشاشات الإلكترونية.

      و قد تكون وسيلة من طفلك ليحظى ببعض الاهتمام، فكلما ناقشت رفضه للقائمة، حاز على اهتمام منك.

إذا رفض طفلك الأنشطة، في هذه الحالة، عليك إعادة توجيه طفلك، وامنحه خيارين من القائمة. وإذا رفض الخيارين( دعه يختار منهم لمدة خمس دقائق ) وإن لم يختار شيء، أخبره إن لم يختار فأنك سوف تختار بدلًا منه وعليه الالتزام بتأدية هذا النشاط. 

تذكر أن عدم القدرة على التخطيط قد يعيق طفلك على الاستمتاع بالملل:

فقد يحتاج إلى مساعدتك في البداية، لتضعه على أول الطريق بأن تعلمه كيفية التخطيط لأداء المهام. على سبيل المثال، يريد طفلك صنع طائرة من الورق! ساعده على التخطيط المسبق للأمر.. بسؤاله ما الأدوات اللازمة لهذا النشاط؟ وما هو تسلسل الخطوات لأداء النشاط؟ ثم يبدأ في تنظيم خطواته وتجهيز أدواته حتى يتقن التحضير للنشاط وأدائه بمفرده.

أما إذا كان الطفل صغير السن واختار نشاط بناء مكعبات، يمكنك مساعدته على التفكير خارج الصندوق، علمه كيف يفكر بشكل مختلف. على سبيل المثال، يمكنه بناء مزرعة للحيوانات، وعليه التفكير بالأدوات اللازمة…سوف يحتاج إلى مكعبات وحيوانات.. ثم اسئله هل يمكن للحيوانات كلها أن تعيش في نفس المكان؟؟ لا.. لذا يمكننا تصنيفهم، وهكذا أضف جو من المرح وعلمه التفكير خارج الصندوق والإبداع أثناء اللعب.

و ختامًا إن الشعور بالملل شعورًا طبيعيًا، امنح الطفل الفرصة لتجربته وتوجيهه ليتعلم كيفية التعامل معه بعيدًا عن الشاشات الإلكترونية. فمحاولتك للتدخل لمنع هذا الشعور قد يقتل الإبداع بداخل طفلك، ويمنعه من اكتساب العديد من المهارات.

المصادر:

https://www.metroparent.com/parenting/advice/boredom-is-ok-for-kids/

https://www.psychologytoday.com/us/blog/shouldstorm/201812/boredomtunity-why-boredom-is-the-best-thing-our-kids

https://journals.sagepub.com/doi/abs/10.1177/016344301023006007

Drawing on a study of stories written and told by 10- to 12-year-old children, this article discusses the meaning of `imaginative response', suggesting several senses in which imagination may be

https://raisingchildren.net.au/about-us/media/media-releases/boredom

https://qz.com/704723/to-be-more-self-reliant-children-need-boring-summers

https://www.huffingtonpost.co.uk/entry/why-letting-children-get-bored-can-be-positive_uk_643e4691e4b04997b56d04d0


[2] من كتاب التليفزيون وأثره في حياة أطفالنا.. فوائد ومخاطر ل ويلبور شكيرا.

[5] من كتاب فنون التعامل مع الأبناء

[7]الدكتورة "تيريزا بيلتون"، الزميلة الزائرة في كلية التعليم والتعلم مدى الحياة في جامعة شرق أنجليا، و باحثة في تأثير التلفزيون ومقاطع الفيديو على صناعة القصص للأطفال الذين تتراوح أعمارهم ما بين 10 و 12 عامًا.

https://www.bbc.com/news/education-21895704

[10] “Perspectives on Psychological Science”اسم المجلة

ما الفرق بين خجل الطفل وضعف شخصيته ؟ كيف أوازن بين تربية ولدي على التسامح وعدم تضييع الحق؟! أفكار عملية لمختلف المراحل.. كيف نرسّخ عقيدة أبنائنا حول فلسطين والأقصى؟ انكفاء النُّخب والقيادات الدعوية معرفة أحوال المدعوين.. طريق المربي للدعوة على بصيرة