دينا خالد

استيقظ العالم، في يوم الإثنين 7 فبراير 2023، على أخبار الزلزال المفزع الذي ضرب تركيا وسوريا، وكان له عدد كبير من الضحايا- رحمهم الله- وكانت مشاهد الخراب التي خلّفها تملأ صفحات التواصل الاجتماعي أيضاً.

كنت أشاهد تلك المشاهد المؤلمة بقلب مفطور، حين فاجأتني ابنتي بالسؤال عن طبيعة تلك الصور؟

ليست ابنتي الوحيدة بالطبع التي تعرضت لتلك المشاهد رغماً عنها، فكيف يمكننا أن نتحدث مع الأطفال عن الموت والزلازل والكوارث الطبيعية؟ وكيف نتحدث معهم عن الحقيقة الأكبر والأكثر انتشاراً في الحياة وهي الموت؟

كيف نتحدث مع الأطفال عن الموت والزلازل والكوارث الطبيعية؟

يمتلئ العالم بالكوارث مِن حولنا، فما بين الحروب المنتشرة في كثير من بلداننا العربية، وحتى تلك الحوادث الطبيعية، مثل الزلازل التي تضرب بلادنا ويتعرض لها الأطفال، هناك بعض الخطوات الواجب علينا اتباعها لتقليل الأثر السلبي لتلك المشاهد على أطفالنا.

ومن أهمها:

1- اجعل طفلك يبدأ بالحديث

اترك لطفلك المجال بأن يتحدث عما شاهده، ساعِده في استخدام الكلمات المناسبة لوصف ما رآه، يساعدك هذا على أن تقف على حقيقة ما وصل لأفكار طفلك، وبالتالي يسهل عليك الحديث معه.

بالأمس مثلاً عندما سألتُ ابنتي عن مشهد أنقاض مبنى، وعن السبب الذي تعتقد أنه تسبَّب في هدمه، أخبرتني بأن ذلك منزل مهدود؛ لأنه بالتأكيد قد سحبه الفيل مثلما كاد فيل أبرهة أن يفعل بالكعبة- عمر ابنتي أقل من أربع سنوات- ومن هنا فهمت ما وصل لذهنها، وبالتالي كان من السهل أن أبدأ معها الحوار.

2- ساعِد الطفل على تسمية مشاعره

تساعد تسمية مشاعر الطفل في تحديد الطريقة المناسبة للتغلب عليها، مثلاً يمكن أن يشعر طفل في العاشرة من عمره بالظلم لوقوع تلك الكوارث الطبيعية، التي تقع فيُشرد الآلاف، بينما يشعر طفل أصغر بالخوف من احتمالية وقوع تلك الكوارث في بلده؛ لذا يجب أن تعرف حقيقة ما يشعر به طفلك لتساعده على تجاوزه.

ومن جهة أخرى، فإن معرفة ما يشعر به الطفل بالضبط، تساعد في التخفف من الضغط النفسي الواقع عليه، وعلى فهم مشاعره.

ويجب الانتباه لأن تسمع شكوى الطفل كاملة، وألا تُصدر عليه الأحكام مطلقاً.

3- إياك والكذب على طفلك

الكذب في المطلق مرفوض تماماً، فهذا يكسر جسر الثقة بينك وبين طفلك، لكن عليك في الوقت ذاته أن تعرض الحقيقة بأبسط الطرق، وبحسب فهم طفلك للموقف.

مثلاً بالأمس أخبرت طفلتي بأن ما حدث لا علاقة للفيل به، بل اسمه زلزال، وهو عندما يحدث يَهزُّ الأرضَ هزاً عنيفاً، قد يتسبب في تساقط بعض المباني.

4- أجِب عن أسئلة طفلك

لن يقف الحديث مع الأطفال على ما تخبرهم به بالتأكيد، فهناك سيل من الأسئلة يمكن أن يواجهك؛ لذا عليك أن تتحلى بالصبر، وأن تحكي القصص لمساعدتك على توصيل المعلومة للطفل بطريقة صحيحة، كما يمكنك استخدام الشبكة العنكبوتية من أجل البحث، وهناك المئات من قنوات اليوتيوب، التي تتحدث عن الظواهر الطبيعية للأطفال بطريقة مبسطة.

5- علّمه التعاون والمبادرة

بسبب مواقع التواصل الاجتماعي الآن، يمكن لطفلك أن يشارك في مساعدة أي منكوب على وجه الأرض، مثلاً ساعد طفلك أن يرسل التبرعات لأهل سوريا وتركيا، بعد المصاب الجلل الذي حدث أمس الأول.

حاول أن يكون المبلغ المتبرع به، أو حتى الأشياء العينية التي يتم التبرع بها من ممتلكات طفلك الخاصة؛ لأن هذا يقلل من خوفه واضطرابه، ويساعده على تجاوز المشاعر السلبية بأخرى إيجابية.

ومن الواجب هنا أن أذكر أن تلك النقاط تحديداً للأطفال الذين لم يتعرضوا بشكل مباشر لإحدى الكوارث الطبيعية كالزلازل، بل مَن شاهدوها أو اطلعوا عليها من الأحاديث حولهم.

والآن يمكننا أن نوضح كيف يمكننا أن نشرح للأطفال فكرة الموت؟

الموت والأطفال.. كيف نهيّئ الأطفال لاستقبال مفهوم الموت، وكيف نتعامل معهم بعد حدوثه؟

بالتأكيد فإن شرح الموت للأطفال أمر ليس باليسير، حيث يتوقف بشكل كبير على عمر الطفل وإدراكه للأمور من حوله، لذا ينصح علماء التربية بأن يتم توصيل مفهوم الموت للطفل كما يلي:

1- تربية حيوان أليف

تساعد تربية الحيوان الأليف الطفلَ على اكتساب العديد من المهارات، لكنها تعرضه في الوقت ذاته لمفاهيم أخرى، مثل المرض وربما الموت.

بمعنى أن يمتلك طفلك عصفوراً مثلاً، فإنه سيبدأ في فهم أن الكائن الحي يجب أن يأكل ويُعتنى به من أجل الحياة، لكن أيضاً سيفهم أن هذا العصفور من الممكن أن يمرض، أو يموت، ومن هنا سيبدأ في فهم حقيقة الموت.

2- أخبِر طفلك بالحقيقة

عندما يموت أحد أفراد الأسرة لا تكذب على الطفل، مخبراً إياه بأن هذا الشخص قد نام، أو سافر لمكان بعيد، لأن هذا فضلاً عن أنه يسبب عدم ثقة الطفل بك، فإنه سيخلق خوفاً شديداً بداخل الطفل تجاه بعض الأفعال الطبيعية مثل النوم، أو السفر.

حيث سيترسب بداخله أن من يسافر لن يعود، وأن النوم يمكن أن يتسبب بالغياب التام والبعد عن الأحباب.

أخبِره بأنّ الموت هو نهاية رحلة الحياة، وبأنه بداية لعالم جديد، لا يمكننا أن نعرف ما يحدث به الآن، والأهم أن الغائب لا يعود.

3- تقبّل تقلبات الطفل المزاجية والسلوكية

قد يقابل موت أحد أفراد الأسرة تغيرات سلوكية حادة للطفل، فتراه كثُرت حركته بعد أن كان طفلاً هادئ الطباع، أو أنه أصبح شديد الانطوائية، لا يرغب في الكلام أو التواصل مع أحد.

عليك أن تراقب تلك التصرفات وتتحدث مع الطفل بحسب ما يريد، وأن تتيح له الفرصة للتعبير عن مشاعره بمفرده، كأن تسمح له بالرسم مثلاً.

بعد كل ما ذكرنا، ما زال هناك قرار واحد اتَّخذتُه بالفعل، وأريد أن أشاركه معك عزيزي القارئ، فرغم أن التعرض لحقيقة الحياة، وألّا نجعل أطفالنا يعيشون بفقاعة هوائية، تحجب عنهم أحداث الحياة، هو أمر مهم للغاية، فإنني كأُم أرى أنه من المسؤولية عدم تعريض الأطفال عمداً لمشاهد العنف، أو أي مشاهد قد تثير أسباب الخوف بداخلهم، مثل مشاهد الزلازل والموتى.

أخيراً، لا يمكنني أن أختم الحديث دون الدعوة بالرحمة لكل الشهداء، وأن يلهم أهلهم الصبر.

أما الأطفال، فالله وحده كفيل بهم.

ما الفرق بين خجل الطفل وضعف شخصيته ؟ كيف أوازن بين تربية ولدي على التسامح وعدم تضييع الحق؟! أفكار عملية لمختلف المراحل.. كيف نرسّخ عقيدة أبنائنا حول فلسطين والأقصى؟ انكفاء النُّخب والقيادات الدعوية معرفة أحوال المدعوين.. طريق المربي للدعوة على بصيرة