"الموهبة في الطفل كالبذرة في الأرض، إن تعهدها صاحبها بالرعاية والسقي والحماية من الآفات غدت شجرة كبيرة، وإن أهملها هلكت وهي لا تزال بذرة في جوف الأرض لم تُعرف". كانت هذه من أبرز العبارات الذهبية للدكتور (نايف القرشي) في كتابه "طفلي.. أفكار عملية في تربية الأبناء".

 

في الوقت الذي تنصب فيه معظم الدراسات التربوية والمعلمين برعاية الأطفال العاديين بالمقام الأول؛ نهمل فيه غيرهم من الأطفال الموهوبين والمبدعين.

 

ذلك بالرغم من أن الاهتمام بالأطفال الموهوبين ورعايتهم يدخل في صميم الاستثمار الغني الذي يُعد بمثابة الورقة الرابحة في خدمة مستقبل المجتمعات ككل. وذلك، لأن أولئك الأطفال الموهوبين هم مفكري وعلماء المستقبل وصانعو حضارة الغد. 

 

ولعل الاهتمام بالأطفال الموهوبين ليس وليد العصر الحالي؛ وإنما اهتم العرب قبل الإسلام بأبنائهم ممن يظهر عليهم علامات النبوغ. كذلك الأمر في الحضارة الإسلامية؛ حيث بيّن العالم (الفارابي) في المدينة الفاضلة أن فئة الحكماء هم الأعلى مرتبة، وهي الفئة التي يجب أن تحكم لما تتمتع به من: الفطنة والذكاء وحب العلم.

 

بالإضافة إلى ذلك، اهتمت المجتمعات الغربية والأمريكية وغيرها في الخمسينات باكتشاف المواهب لدى الأطفال من خلال عدة طرق وأساليب إلى جانب الاهتمام بتطوير أولئك الموهوبين لما لهم من مستقبل مبهر يخدم المجتمعات لاحقًا.

 

ونظرًا لأن الطفل الموهوب مثل النبتة التي تحتاج إلى من يرعاها، فإنه يحتاج إلى من يقدر موهبته ويزيل من أمامه العوائق، ويكتشف المزيد عنه.

 

ولكن قبل أن نتعلم كيف يمكن الاهتمام بالموهوبين ورعايتهم، لا بد أن نتعرف على سمات الطفل الموهوب ونستكشف نقاط قوته، بالإضافة إلى الطرق الصحيحة للاستثمار فيه لتنمية مواهبه أكثر فأكثر.

من هو الطفل الموهوب وما الذي يميزه عن غيره؟

الأطفال الموهوبون ليس أولئك الأطفال التقليديين المتفوقين عن نظرائهم من الجانب الأكاديمي فحسب، بل أولئك المبدعين في عدة مجالات مختلفة كالأشغال اليدوية والمهارات الاجتماعية والتجارية الأخرى. 

 

تشير نظرية (رينزلي) إلى وجود تفاعل بين أهم 3 مكونات للموهبة وهم:

1.   الإبداع (الابتكار).

2.   الانهماك في أي نشاط بحماس.

3.   ارتفاع نسبة الذكاء في القدرات الخاصة والعامة.

 

وبناءً عليه، أظهرت الأبحاث تفوق الطفل الموهوب بالأداء المتميز بواحد من هذه المجالات على الأقل:



1.   القدرة العقلية العامة.

2.   الاستعداد الدراسي المتميز.

3.   التفكير الابتكاري والإنتاجي.

4.   القدرة على قيادة الآخرين.

5.   الفنون المسرحية والتشكيلية والفنية.

 

مما سبق؛ نستنج أن الذكاء المرتفع وحده لا يدل على الموهبة، وليس هو الشرط الوحيد للدليل على التفوق والموهبة.

 

هل يتمتع بعض الأطفال بالموهبة بينما يُحرم منها غيرهم؟

إذا لم يكن الطفل مصاب بالتخلف العقلي الشديد أو بأحد الإعاقات الذهنية، فإنه يكون موهوب بلا شك. فالأطفال موهوبون بالفطرة لكل منهم خيال إبداعي وإنتاجي بدرجات متفاوتة.

 

ولتنمو هذه الموهبة بصورة ارتقائية، لا بد من العمل على تنمية هذه الموهبة بطريقة جيدة وبخطة واقعية للحصول على نتائج ملموسة.

 

ولذلك، يعتقد العلماء أن الفترة الحاسمة لاكتشاف موهبة الطفل وتنميتها تظهر بين الثانية وستة سنوات من عمر الطفل. وهي تلك الفترة التي يتفاعل فيها الخيال والاستدلال.

 

ولكن، للأسف يركز الوالدين فقط في هذه الفترة العمرية على الاهتمام بالاستدلال فقط دون الخيال، نتيجة الاستعداد لدخول المدرسة. فيكون حينها الاهتمام بالجانب الأكاديمي يطغى على خيال وإبداع الطفل ومن ثم تندثر الموهبة التي تتغذى على الإبداع شيئًا فشيئًا بمرور الوقت.

 

السمات الأساسية التي تُظهر الموهبة عند الأطفال

التدخل المبكر من قبل الوالدين لتنمية المواهب لدى الصغار يكون أكثر فاعلية في إظهارها وتطويرها وتحسينها.

 

بناءً على تعريفات الموهبة التي تبناها أشهر العلماء والمفكرين؛ فإنه هناك عدد من السمات المشتركة التي أجمع معظمهم عليها في مختلف النواحي والتي تتمحور حول:



1.   الخصائص العامة للطفل الموهوب

  • يتعلم القراءة مبكرًا (عادة قبل سن دخول المدرسة ويكون لديه حصيلة لغوية مميزة).
  • يتعلم المهارات الأساسية أسرع وأفضل من غيره، ويحتاجون إلى القليل من التمرين والتدريب عليها.
  • يتيمز بالقدرة على تفسير التلميحات والإشارات مقارنة بالآخرين من نفس عمره.
  • شديد التساؤل ولا يأخذ الأمور على علاتها؛ دائمًا يتسائل (كيف؟، لماذا؟،..).
  • يعتمد على نفسه في سن مبكرة ويرفض التدخل والمساعدة.
  • يتمتع بالقدرة على الانتباه والتركيز لفترات طويلة.
  • لديه رغبات وهوايات فريدة من نوعها ويتمتع بطاقة غير محدودة.
  • يتعامل جيدًا مع معلميه ووالديه ويتواصل معهم بصورة مميزة، كما يفضل أن يتعرف على الأقران الأكبر سنًا.



2.            الخصائص الإبداعية والابتكارية

  • مفكر وقادر على التحليل والربط وتصور عدد من النتائج والاحتمالات بالموضوعات المطروحة للنقاش.
  • طرح البدائل والحلول والخيارات عند عرض المشكلات.
  • يتمتع بحب الاستطلاع والتخيلات الذكية والمزاح.
  • أنشط ذهنيًا من أقرانه ويتسم بالحساسية العاطفية تجاه الآخرين.
  • يتقن الأعمال الموكلة إليه ولا يفضل الأعمال الروتينية.



3.            الخصائص التعليمية

  • يتمتع بقوة الملاحظة والاهتمام بالتفاصيل الدقيقة.
  • يقرأ الكتب والمجلات المعدة للسن الأكبر.
  • يحب النظام والترتيب في الحياة عامة.
  • يتمتع بالقدرة على الإلمام بالموضوعات بسرعة واستراجعها أيضًا بسرعة وبدقة.
  • يقسم المواد الصعبة ويجزئها إلى مكونات أساسية ومن ثم تحليلها وفق نظام معين.



4.            الخصائص القيادية

  • اجتماعي ومرح.
  • يتحمل المسؤولية وينجز كل ما هو موكل إليه.
  • يدير الأنشطة التي يشارك بها.
  • يثق بنفسه جيدًا ولا يهتم بآراء من حوله فيه.



5.            الخصائص السلوكية

  • يميل للفضول والبحث، ولديه حافز داخلي للتعلم وإنجاز الواجبات المدرسية بمفردهم.
  • يستمتع بتعلم كل ما هو جديد، ولديهم القدرة على التركيز والانتباه أكثر من غيره.
  • أكثر استقلالية وأقل عرضة للضغط من الأقران.

 

ما هي أهم المشكلات التي تواجه الطفل الموهوب في المدرسة والأسرة؟

  • بالنسبة للأهل: يعرف الأطفال الموهوبين بطاقتهم العالية، مما يعتبره الأهل فرط حركة ونشاط، ففي الكثير من الأحيان لا يحتاجون سوى عدد ساعات قليلة جدًا للنوم.



  • أما من وجهة نظر الطب: وقد يقع الأهل والأطباء في مثل هذا الخطأ الشائع بالتشخيص الخاطئ، وذلك باعتبار الطفل مفرط الحركة فيضعونه تحت العلاج، بينما لو تأملنا الأمر جيدًا لوجدنا أن الطفل الموهوب يمتاز بالقدرة على التركيز لإنجاز مهام محددة، بينما على العكس الطفل المفرط لا يمكنه التركيز وإنجازاته شبه مكررة.

 

ما هي أهم مشكلات الأطفال الموهوبين في المدرسة؟

1.   وضع الطفل في قالب تقليدي ممل بالنسبة للأطفال الموهوبين هو أول حاجز يعوق إبداع الطفل. فيواجه الطفل الكثير من التحديات مع المناهج الدراسية والنظام المدرسي مما يفقده رغبته في الإبداع حتى تختفي موهبته تدريجيًا.

2.   إنجاز المهام المدرسية في وقت قصير مما يعاني الطفل من الفراغ؛ ويمكن لحل هذه المشكلة أن يتم تضمين الطفل إلى فصل المتفوقين إن أمكن أو يمكن ترشيحه لمساعدة زملائه في الصف لإنجاز مهامهم.

3.   شعور بعض الأطفال بعدم رضا المعلم عن تفوقه مما يدفعه لإخفاء هذا التفوق فيلجأون إلى شغل أنفسهم خلال شرح الدرس ببعض الأشياء التافهة.

4.   قد تتمثل مشكلة الطفل الموهوب في عدم وجود أصدقاء يشبهونه مما يدفعه للعزلة لاعتقاده أنه ينقصه شيء في شخصيته أو بأنه مختلف عن الآخرين حيث لا يجد من لا يفهمه أو يستوعب موهبته.

 

وسائل الكشف عن الموهبة في ضوء السنة النبوية

تتعدد وسائل وطرق الكشف عن موهبة الطفل، فتارة يكون من الوالدين، وأخرى قد يكون بتوجيه من معلمي الطفل أو الأقران وغيرهم. كذلك قد يشير إلى ذلك بعض الاختبارات والقياسات المعروفة للكشف عن الموهبة.

 

وقد كان النبي -عليه أفضل الصلاة والسلام- شديد الملاحظة والمتابعة لمن حوله ولأقرانه، فيكشف عن مواهبهم وقدراتهم الخاصة.

 

فقد كان النبي يقول في حديثه الشريف: "أَرْحَمُ أُمَّتِي بِأُمَّتِي أَبُو بَكْرٍ، وَأَشَدُّهُمْ فِي أَمْرِ اللهِ عُمَرُ، وَأَصْدَقُهُمْ حَيَاءً عُثْمَانُ، وَأَقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ اللهِ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ، وَأَفْرَضُهُمْ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ، وَأَعْلَمُهُمْ بِالْحَلَالِ وَالْحَرَامِ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ، أَلَا وَإِنَّ لِكُلِّ أُمَّةٍ أَمِيناً، وَإِنَّ أَمِينَ هَذِهِ الْأُمَّةِ أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ».

 

ويدل ذلك على أن النبي كان رائد مدرسة الموهوبين وراعيها ومكتشفها؛ فقد كانت فكرة البحث عن الموهوبين وتوظيفهم ورعايتهم تشغل بال النبي في دعوته لأصحابهم وتربيتهم. على سبيل المثال كان يختار النبي لكل صاحب موهبة مهمة خاصة لما يتميز بصفاتها:



  • أبو بكر الصديق: دليل الرسول إلى القبائل ورؤسائها خاصة في مواسم الحج حين كان يعرض دعوته عليهم.
  • بلال بن رباح: كان يختاره رسول الله في رفع شعائر الآذان لأنه أندى صوتًا.
  • أما في العمليات العسكرية فكان يختار (خالد ابن الوليد- عمرو بن العاص- علي ابن أبي طالب- أسامة بن زيد وغيرهم).
  • حسان بن ثابت وعبد الله بن رواحة: في الشعر فيأمرهم بهجاء قريش وأعداء الإسلام لما لهم من قدرة شعرية ممتازة.

 

وإيمانًا بأهمية الكشف عن الموهبة؛ كان النبي حريصًا عن الكشف عن المواهب لاستغلالها في خدمة الإسلام والبشرية، فقد كان يستخدم بعض الطرق والأساليب للكشف عن الموهبة التي تتلخص في الآتي:



  • استخدام أسلوب الملاحظة

ويعد هذا من أهم وأفضل الأساليب للكشف عن الموهوبين؛ فقد استخدم النبي هذا الأسلوب كثيرًا لملاحظة واكتشاف علامات الموهبة عند عدد كبير من الصحابة. حيث وجد أنه يتسم كلًا من:

  • في الإمارة والقيادة: ابن عباس وأسامة بن زيد.
  • في تعلم اللغات: زيد بن ثابت.
  • في الآذان: ابن محذورة.




  • استخدام طرق القياس والاختبار

 

تطورت العديد من الأبحاث والدراسات التي تكشف عن المبدعين والموهوبين حتى أصبحث لها نظريات خاصة ومدارس.

 

ولكن كان رسول الله قد استخدم هذه النظريات قبل مئات السنين للكشف عن المواهب. فقد كان يستخدم عليه الصلاة والسلام صيغة السؤال لقياس قدرة أصحابه على الفهم والاستيعاب والمقارنة. بالإضافة إلى تدريبهم على كيفية حل المسائل.

 

عن معاذ: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين بعثه إلى اليمن، فقال: " كيف تصنع إن عرض لك قضاء؟ " قال: أقضي بما في كتاب الله.

قال: " فإن لم يكن في كتاب الله؟ " قال: فبسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.

قال: " فإن لم يكن في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ " قال: أجتهد رأيي، لا آلو.

قال: فضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم صدري، ثم قال: " الحمد لله الذي وفق رسول رسول الله لما يرضي رسول الله ".



  • الترشيح

 

تعتمد التربية الحديثة أسلوب (الترشيح) للكشف عن الموهوبين وقدراتهم، سواء كان هذا الترشيح من الأهل أو المعلمين أو الأقران كما أشرنا سابقًا.

 

كذلك كان النبي يعتمد على ترشيح الأهل والأقران في الكشف عن الموهبة؛ وخاصة موهبة "زيد بن ثابت، حيث روى عن نفسه:

عن خارجة بن زيد، أن أباه زيدا، أخبره: أنه لما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة، قال زيد: ذهب بي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأعجب بي، فقالوا: يا رسول الله، هذا غلام من بني النجار، معه مما أنزل الله عليك بضع عشرة سورة، فأعجب ذلك النبي صلى الله عليه وسلم، وقال: "يا زيد، تعلم لي كتاب يهود، فإني والله ما آمن يهود على كتابي ".

 

وهنا اعتمد النبي على الترشيح ولكنه لم يكتف بذلك، بل سأله أن يقرأ عليه فقرأ عليه فأعجبه ذلك، فأمره بتعلم لغة اليهود لما يتمتع بموهبة القدرة على الحفظ.

 

الطرق العلمية والأساليب النبوية في رعاية الموهوبين 

بعد أن تطرقنا إلى الطرق النبوية في الكشف عن الموهوبين، حان الوقت لعرض أفضل الوسائل لرعاية أولئك الموهوبين واستثمارهم في ضوء السنة النبوية.



1.   إتاحة الفرص لإظهار المواهب

إن أهم ما يناله الموهوب هو  رعايته والاهتمام بموهبته وتنميتها، ولعل رسولنا الكريم انتقل بالموهوبين في عصره إلى عالم يحققون فيه ذواتهم ويطلقون عنان إبداعهم فيه.

 

فقد كان النبي يفتح المجال للتعبير عن الآراء وإظهار المواهب والإبداع؛ كما فعل مع زيد بن ثابت عندما لاحظ إبداعه وموهبته في الحفظ؛ كلفه بتعلم لغة اليهود وكتابة الوحي كاملًا.



2.            توظيف المواهب

تخسر المجتمعات الإسلامية الكثير من المواهب الرائعة نتيجة إسداء المناصب والأدوار لغير مستحقيها؛ مما نتج عنه هجرة الكثير من أصحاب المواهب ليستفيد الغرب من إبداعاتهم في المجالات المختلفة بدلًا عنا.

 

فقد كان الرسول يجالس المسلمين كبيرهم وصغيرهم للتعرف على إمكاناتهم وسماع آرائهم؛ فلما وجد أبا محذورة موهوبًا في حسن صوته، جعله يؤذن في الحرم المكي. كذلك ابن زيد الذي كان من أشجع الصحابة، فولاه النبي الإمارة والقيادة، حتى في التكاليف الكبيرة للغاية؛ فقد كان النبي ينتدبه لقيادة جيش كبير فيه من شيوخ الانصار والمهاجرين لقتال الروم.



3.            تنمية الميول الإبداعية

لقد راعى النبي كل صاحب موهبة وسعى لتنمية هذه الإبداعات والميول؛ فمن كانت ميوله في الإمارة أو القيادة أو العلم أو غيره ساعده على تنميتها وحثهم على المزيد لتطويرها.

 

فقد كان حذيفة بن اليمان يتمتع بالتفكير الابتكاري؛ فقد ألف الناس أن يسألوا عن الخير لفعله، بينما حذيفة كان يسأل رسول الله عن الشر لاجتنابه. فيقول: "كانَ النَّاسُ يَسْأَلُونَ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ عَنِ الخَيْرِ، وَكُنْتُ أَسْأَلُهُ عَنِ الشَّرِّ مَخَافَةَ أَنْ يُدْرِكَنِي".

 

وبينما كان أصحابه ينكرون هذا التفكير، إلا أن رسول الله منحه مكانة عظيمة عرفانًا بكفاءته وتقديرًا لموهبته، فيكون صاحب سر رسول الله صلى الله عليه وسلم.



4.            إثراء الموهوبين

يهدف هذا الأسلوب إلى تزويد الموهوبين بالخبرات والمعارف التعليمية بشكل أكثر عمق مما يقدم لغيرهم ممن هم في نفس المستوى والسن. فلا بد أن يحصل الموهوب على ما يناسب استعداده العقلي الذي يفوق غيره لمساعدته على تحقيق ذاته.

 

فقد كان النبي يعطي لابن عمر ما يناسبه من العلم والتوجيه لما شهد له بالتوجه للعلم وميوله للاستزادة من العبادة وموهبته في حفظ العلم.

 

معاملة الموهوبين في السنة النبوية

بين التربويين أفضل الأساليب لمعاملة الموهوبين، وقد كان النبي قد حاز كمال هذه الصفات جميعها في تعامله مع أصحاب المواهب والإبداعات. ومن بين أبرز هذه الصفات التي يجب توافرها في معاملة الموهوبين:



1.   حسن العشرة والمخالطة

فقد كان النبي يجالس أصحابه ويخالطهم ويصافحهم ويعلمهم. وخاصة الأطفال؛ فقد كان عليه الصلاة والسلام يلاطفهم ويكني كل منهم ويمسح على رؤوسهم وصدورهم.



2.            العطف والحنان

كان الرسول عليه الصلاة والسلام: "ليس منا من لم يرحم صغيرنا ولا يوقر كبيرنا".

وبينما كان رسول الله رحيمًا وعطوفًا مع المسلمين أجمع، فإنه كان مع أصحاب المواهب أشد عطفًا ورحمةً لتفجير طاقاتهم وتشجيعهم على المزيد من الإبداع.



3.            تحقيق الذات

ويتمثل في حث رسول الله للمسلمين وخاصةً أصحاب المواهب على تحقيق ذواتهم لما لهم من أثر نفعي على المجتمع الإسلامي ككل.

 

توصيات خاصة في اكتشاف ورعاية الموهوبين

1.   ضرورة الاهتمام بأصحاب المواهب ورعايتهم مع وضع خطط منطقية وعملية من خلال تكاتف المجتمعات العربية والإسلامية.

2.   الاستفادة من التجارب الحية لرعاية الموهوبين في بعض الدول العربية كالأردن ومصر وبعض دول الخليج.

3.   لا بد من التركيز على منهج السنة النبوية في تعزيز رعاية الموهوبين واكتشافهم، وكذلك في التاريخ الإسلامي وأبحاث علماء المسلمين.

4.   إعادة النظر في البحوث الحديثة الغربية مثل اليابان والولايات المتحدة وألمانيا وغيرهم من الدول التي أقامت بالفعل مدارس وكليات وجمعيات خاصة لرعاية الموهوبين. مع إعادة هيكلة هذه النظريات والدراسات بحسب ما يتكيف مع حضارتنا وديننا.

 

بالطبع إذا أردنا الكشف عن موهبة الطفل بطريقة علمية، فيتم ذلك من خلال المختصين بحسب عدد من القياسات والاختبارات المناسبة لتحديد ميول ومواهب الطفل في أي مجال وبأي درجة، وكيف يمكن تنمية هذه الموهبة وكيف يمكن استثمارها والتعامل معها بشكل سليم.

 

ما الفرق بين خجل الطفل وضعف شخصيته ؟ كيف أوازن بين تربية ولدي على التسامح وعدم تضييع الحق؟! أفكار عملية لمختلف المراحل.. كيف نرسّخ عقيدة أبنائنا حول فلسطين والأقصى؟ انكفاء النُّخب والقيادات الدعوية معرفة أحوال المدعوين.. طريق المربي للدعوة على بصيرة