(نعم الجمل جملكما، ونعم العِدلان أنتما) .. جملةٌ كان يقولها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- للحسن والحسين حين كان يلاعبهما ويحبو بهما، ويرسل إليهما من خلال اللعب الثقة بالنفس والرضى والحب.
(نعم الجمل جملكما، ونعم العِدلان
أنتما)
جملةٌ كان يقولها رسول الله -صلى
الله عليه وسلم- للحسن والحسين حين كان يلاعبهما ويحبو بهما، ويرسل إليهما من خلال
اللعب الثقة بالنفس والرضى والحب.
ومن هنا كان اللعب منهجًا من مناهج
الحياة لا يمكن الاستغناء عنه، والتربية باللعب كانت ومازالت إلى الآن في تنوع
سريع وتطور مستمر، فصارت بذلك علمًا يُدرس وأسلوبًا يُنتهج لا يمكننا أن نربي
أبناءنا بدونه.
تقول الدكتورة سهير كامل أحمد:
"إن اللعب حتى مرحلة الطفولة المبكرة هو طريقة الطفل الخاصَّة للانفتاح على
العالم المحيط به، وإن الطفل يعبّر في أثناء اللعب عن إحساساته الكامنة حيالَ
الأفراد المحيطين به؛ وتكشفُ لُعَبُ الأطفال عن حياتهم الوجدانية
التخيُّليَّةِ". [سيكولوجية نمو الطفل].
أهمية اللعب للتربية:
اللعب
يساعد الطفل على إدراك محيطه بشكل أفضل ويعلمه كيف يتعامل معه.
يساعد
الطفل على اكتساب القيم والأخلاق، وخاصة إن كان المربي قدوة يحبها الطفل ويحترمها.
يجعل
الطفل إنسانًا مقبولًا اجتماعيًا؛ لأن اللعب يكسب الطفل المهارات الاجتماعية التي
تساعده على كيفية التعامل مع الآخرين.
يُكسب
الطفل سرعة البديهة، ويكشف عن جوانب من شخصيته، تمكِّن المربي من اكتشاف مزايا
وعيوب شخصية الطفل؛ لتطويرها أو معالجتها.
يعلمه
التعاون مع الآخرين واحترامهم، واحترام القوانين والانتماء لأمته ودينه.
أنواع اللعب:
أولًا: اللعب الإيجابي:
1- اللعب القولي (الحُقن التربوية): وهو عبارة عن إرسال كلمات وجُمَل تزرع في شخصية الطفل الصفات الإيجابية وتغرس فيه حب القيم والمبادئ، ومن ذلك:
نقرأ له بعض القصص، ونريه بعض البرامج المناسبة لعمره التي تشجعه على الصدق والشجاعة وحب العلم والمعرفة، وخاصة القصص التي يُنتقى لها الوقت والمكان المناسبين:
• قبل
النوم: قصص الأنبياء.
•عند
الأكل: آداب الطعام.
• عند
الاستحمام: نعت الطفل بأنك نظيف وجميل، وذلك أثناء لعبه بالماء والصابون.
2- اللعب
البدني والحركي: وهو من العناصر المعزِّزة لتربية الطفل واكتشاف القدرات والصفات
التي يتمتع بها الطفل، ومنها:
المسابقات
الرياضية: (الركض، الفروسية، السباحة، الرماية) تزرع فيه حب المنافسة والتحدي
والصبر والمقاومة، وتزرع فيه أيضًا العمل على تحقيق الهدف والمثابرة للوصول إليه.
الرياضات
البدنية: (كاراتيه، جمباز، كرة القدم والسلة وغيرها) تزرع فيه الثقة بالنفس
والشجاعة.
3- اللعب
بالمشاهدة: أن نقوم بعرض بعض الفيديوهات والمقاطع القصيرة أو مايراه خلال حياته
اليومية في الشارع أو المدرسة، ثم نطلب رأيه بما رآه، وهنا يأتي دور (العملية
التربوية) في تعزيز القيم التي يراها وتنفيره من الصفات السلبية.
4- اللعب
الذهني: هو تعريض الطفل لألعاب الذكاء والألغاز والتي تهدف لتنمية ذهن الطفل؛ ما
يدفعه إلى تقبل المعلومات وإبداع طرق لحل المشكلات والعمل بها في حياته بشكل أسرع،
ومنها:
ألغاز الذكاء (كوضع أشياء مختلفة في كيس ثم تغميض عيني الطفل وسؤاله عن ماهية هذه الأشياء)، والحيل الرياضية (ألعاب الحساب والعمليات الرياضية).
الألعاب اللغوية (السؤال والجواب، الذاكرة، صحيح وخطأ)، ومهارات التناظر (الفروقات بين الصورة) والترتيب والتركيب.
ثانيًا: اللعب السلبي:
هو الذي يهدف إلى نفور الطفل من
صفات سلبية سواء كانت من صفاته أم من صفات غيره من مجتمعه المحيط به، فعلى المربي
أن يجنب الطفل مثل هذه الألعاب، مثل:
الألعاب
التي تزرع فيه الأنانية: (خمسة أطفال يتسابقون إلى أربعة كراسي، والذي لا يحصل على
كرسي يخسر).
الألعاب
التي تشجعه على الجشع والطمع (مسابقات الأكل).
الألعاب
الإلكترونية (تعلمه الكسل والخمول والروتين وتحطيم الذكاء والإبداع عنده).
الألعاب
التي تحتوي على إهانة النفس وإشعارها بالدونية (لعبة الكف والضربة الأقوى، تمثيل
أدورا الحيوانات).
الألعاب
التي تحتوي على مخالفات شرعية (الألعاب التي تعطي الطفل ادعاء قوة خارقة، أو تحوي
رموزًا تخالف العقيدة مثل الصليب، أو تحتوي على أغانٍ وموسيقى).
مرحلة ما بعد اللعب:
وتهدف هذه المرحلة إلى تثبيت ما تم
زرعه خلال اللعب والتأكيد عليه:
هل
سيكون وراءها تعليم إيجابي أم سلبي؟!
هل
ستترك وراءها ذهنا نشيطًا أم محبطًا؟!
هل
ستدرب الطفل على المجاهدة والصبر لإتمامها؟ أم أنها ستجعله يمل منها بسرعة؟!
لأجل كل ذلك تأتي أهمية وخطورة هذه
المرحلة، فإذا ما لاحظ المربي ضعفًا وترددًا عند الطفل ساعده وقوى من عزيمته، وإذا
فشل شجعه على تكرار اللعبة ليُثبت ذاته، وإذا أحسن إتقان اللعبة أثنى عليه، وهكذا.
معايير اللعبة التربوية:
الواقعية:
أن تلامس اللعبة مشكلات الواقع التربوي والاجتماعي.
الشمول:
أن تكون اللعبة شاملة لنفس الطفل وجسمه وذهنه ودينه.
الوضوح:
أن تكون سهلة ومناسبة لعمر الطفل.
إمكانية التطبيق: أن تلائم نفسية الطفل وتدفعه إلى لعبها وعدم إجباره على ممارستها.
توجيهات هادفة:
الألعاب
التربوية مهمة في بناء نفسية الطفل وتنمية مهاراته، فيجب انتقاء الألعاب ومراقبة
الطفل ومشاركة الأهل أو الآخرين في اللعب.
ويجب
التنبه إلى التدرج في الألعاب التربوية وانتقاء الألعاب بحيث يكون الطفل قد أدرك
كيفية اللعب الصحيح ويبتعد عن الألعاب السلبية، ومن ثم يبدأ بتكوين نفسه ويشغل
ذهنه في ابتكار واختراع أفكار وألعاب جديدة يحبها ويتعلمها.
حرمان
الطفل من اللعب قد يؤدي إلى سلبيات كثيرة، منها شعوره بالنقص أو دفعه للسرقة أو
الكذب أو الانطواء الاجتماعي.
من خلال ما تقدم يتبين لنا وجوب الصبر والمجاهدة في بناء الطفل وتربيته، ودعم ذلك كله بالدعاء والتضرع لله -سبحانه وتعالى- أن يصلح الأولاد ويربيهم، ويعيننا على فعل الأسباب الموجبة لصلاح أبنائنا.
إضافة تعليق