يعاني الكثير من الأطفال من بعض التحديات أثناء سنوات الدراسة أو في المرحلة السابقة لذلك و لا يملك كل الآباء الخبرة والمعلومات الكافية لفهم وملاحظة هذه التحديات للبدء في البحث عن سبل للتغلب عليها ومحاولة معالجتها، لذا من المهم فهم ما قد يمر به أبنائنا
يتمتع الأفراد
الذين يعانون من صعوبات التعلم عادة بمستوى متوسط من الذكاء أو أعلى قليلا منه
وعادة ما يكون هناك فارقا بين ما يتوقع منهم إنجازه وما ينجحون في إنجازه بالفعل.
و نظرا
لارتباط صعوبات التعلم بمجالات القراءة والكتابة والرياضيات فإنه عادة ما يتم
اكتشاف إحدى هذه الصعوبات و تشخيص علاماتها وأعراضها خلال سنوات الدراسة، غير أن
بعض الأطفال لا يتلقون تشخيصا مناسبا حتى يصلون للمرحلة الجامعية أو حتى يصلون
لمرحلة شغل الوظائف البالغين، بينما لا يتلقى أفراد آخرون تشخيصا ابدا و يمارسون
حياتهم لا يعلمون أسباب معاناتهم سواء في المجال الأكاديمي أو في الجانب الأجتماعي
وتكوين العلاقات بمختلف مستوياتها.
و ينبغي أن يتم الفصل جيدا بين صعوبات التعلم وبين مشكلات التعلم التي تنتج عن الإعاقات المختلفة سواء كانت حركية أو سمعية أو بصرية أو ذهنية أو غيرها من الإعاقات وكذلك الاضطرابات البيئية او العاطفية أو الاقتصادية أو الثقافية.
أنواع صعوبات التعلم:
أولا عسر القراءة (Dyslexia):
وهي حالة
شائعة يقدر بعض الخبراء انتشارها بنسبة من 5 إلى 10 % من أفراد المجتمع بينما يرجح
آخرون أن 17% من الأفراد يعانون من تحديات القراءة.
وهو عبارة عن
اضطراب في عملية معالجة اللغة حيث يشمل القراءة و الكتابة والفهم لأن المصابون
بهذا الاضطراب يجدون صعوبة في تحديد أصوات الحروف داخل الكلمة وبالتالي قراءتها
وفهمها، كذلك يصاحبه مشاكل مثل صعوبة تنظيم الجمل وتمييز الأصوات و كتابة الحروف
والأرقام بطريقة عكسية.
غالبا ما
يصاحب عسر القراءة ضعف في الإملاء حيث تختلط أصوات الحروف والأرقام ولا يمكن
للمصابين بعسر القراءة تميزها بدقة، كذلك يصاحبه عجز في الإدراك الصوتي والذي يعني
قدرة الفرد على تحديد وفهم البنية الصوتية للكلمات المنطوقة وذلك يتضمن المقاطع
الصوتية والأناشيد وغيرها.
وتتمثل الطريقة الوحيدة لتشخيص عسر القراءة في إجراء تقييم متكامل للطفل سواء في مدرسته او إحدى المراكز المتخصصة و يساعد التشخيص المصابون على الحصول على الدعم الذي يحتاجونه سواء في المدرسة او المنزل او مكان العمل.
الأسباب المحتملة لعسر القراءة:
لم يتمكن
الباحثون بعد من الجزم بأسباب عسر القراءة لكنهم يدركون جيدا أن الجينات والاختلاف
في بنية الدماغ يلعبون دورا أساسيا و ما يلي يمثل بعض الأسباب المحتملة لاضطراب
عسر القراءة:
1-
الجينات
الوراثية:
غالبا ما يكون
عسر القراءة متوارث في العائلات فقد وُجد أن حوالي 40% من المصابين بعسر القراءة
لديهم أشقاء يعانون مع القراءة أيضا، كما وُجد أن ما يصل الى 49% من آباء الأطفال
الذي يعانون من عسر القراءة لديهم نفس المشكلة، كما تمكن العلماء من إيجاد جينات
ترتبط بمشكلات اللغة والقراءة.
2-
تشريح
ونشاط الدماغ:
أظهرت الدراسات المختصة بتصوير الدماغ وجود اختلافات دماغية بين الأفراد المصابين وغير المصابين باضطراب عسر القراءة، حيث توجد هذه الاختلافات في المناطق المرتبطة بمهارات القراءة الأساسية مثل تمييز أصوات الحروف في الكلمات و التعرف على الكلمة المكتوبة من شكلها.
قد ترتبط بعض أعراض الإصابة بعسر القراءة بالعواطف والسلوك، فقد يتجنب المصابين بعسر القراءة القيام بالقراءة الجهرية أو حتى قراءة شيء لأنفسهم لأنهم يصابون بالتوتر والأحباط عند قيامهم بالقراءة.
ثانيا عسر الكتابة ( Dysgraphia):
وهو اضطراب عصبي يمكن أن يصيب الأطفال أو
البالغين ويرتبط بقدرة الفرد على الكتابة والقيام بالمهام الحركية الدقيقة، حيث
يعاني الأشخاص المصابون بعسر الكتابة من ضعف قدرتهم على تحويل ما يفكرون به الى
كلمات مكتوبة أو رسوم، و يعتبر ضعف القدرة على الكتابة هو السمة المميزة للإصابة
بعسر الكتابة ولكنها ليست العرض الوحيد.
ويعاني
الأشخاص المصابون باضطراب عسر الكتابة من صعوبة في المراحل المختلفة لترجمة
أفكارهم إلى كلمات سواء مرحلة التهجئة أو القواعد أو المفردات أو الاعتماد على
الذاكرة في مراحل تخزين الحروف وأرقام والقيام باسترجاعها مرة آخرى عند الحاجة
لتكوين الكلمات وكتابتها.
الأسباب المحتملة لعسر الكتابة:
يرتبط ظهور عسر الكتابة لدى البالغين بالإصابة بسكتة دماغية أو إصابة دماغية أخرى، وعلى وجه الخصوص يرتبط عسر الكتابة بالفص الجداري الأيسر من الدماغ، حيث يوجد بالدماغ فص جداري أيمن وفص جداري أيسر يتحكم كلا منهما في مجموعة مهارات مثل القراءة والكتابة والمعالجة الحسية مثل الشعور بالبرودة والحرارة والألم.
ثالثا عسر الرياضيات ( Dyscalculia ):
وهو مرتبط
بضعف قدرة الفرد على فهم الأرقام و تعلُم العلاقات والحقائق المرتبطة بالرياضيات،
وضعف مهارات إجراء العمليات الحسابية، وقد تبدو أبسط المفاهيم الحسابية مثل الأكبر
و الأصغر معقدة بالنسبة لهم، وهو اضطراب شائع حيث يعاني منه من 5 إلى 10% من
الأشخاص.
اضطراب عسر
الرياضيات هو اضطراب لا يمكن التخلص منه ولكن مع تعلم بعض الاستراتيجيات يمكن
للمصابين به تطوير مهاراتهم في الرياضيات وزيادة قدرتهم على حل المسائل وفهم
العلاقات.
يمتد تأثير
عسر الرياضيات كي يؤثر على مختلف المستويات المرتبطة بالرياضيات من العمليات
الحسابية البسيطة وحتى تعلم الجبر ويؤثر
على فهم وتحديد الفرد للكميات وبالتالي يؤثر على أنشطة الحياة اليومية مثل التسوق
و الطهي وتقدير الأوقات والمسافات فيما يمكن أن يسمى الحس العام بالأرقام.
الأسباب المحتملة لعسر الرياضيات:
1-
الجينات
والوراثة:
حيث تظهر الأبحاث وجود جينات تعب دور في المشكلات المتعلقة بالرياضيات، كما أن عسر الرياضيات ينتشر عادة في العائلات.
2-
تطور
ونمو الدماغ:
أظهرت دراسات تصوير الدماغ وجود اختلافات بين الأشخاص المصابون بعسر الرياضيات و الأشخاص غير المصابين به ترجع لاختلاف طريقة تنظيم الدماغ وآلية عمله.
وتمتد الأبحاث لما هو أبعد من تحديد أسباب اضطراب عسر الدماغ إلى محاولات اكتشاف طرق لجعل الدماغ أكثر قدرة على القيام بالعمليات الحسابية وفهم علاقات الأرقام.
رابعا اضطراب المعالجة السمعية ( APD):
يواجه
المصابون باضطراب المعالجة السمعية صعوبات في معالجة الأصوات بحيث يصعب عليهم
تحليل وفصل وترتيب الأصوات و أيضا لا يعانون في تصفية الأصوات المختلفة مثل فصل
الأصوات والضوضاء في خلفية مقطع ما عن الشرح الذي يتم تقديمه، فهو اضطراب قائم على
اساءة تفسير الدماغ للمعلومات التي ترد إليه من الأذن.
الأسباب المحتملة لاضطراب المعالجة السمعية:
لا تكون الأسباب دائما واضحة ومحددة ولكن يمكن أن تتضمن:
1- الالتهاب العادية التي تصيب الأذن.
2- سبب مرتبط بالجينات.
3- إصابة بالدماغ.
4- مضاعفات وقت الولادة.
5- غالبا ما يعاني من اضطراب المعالجة السمعية الأشخاص المصابون باضطرابات اخرى متعلقة باللغة والانتباه والتعلم مثل عسر القراءة أو ارتباط فرط الحركة وتشتت الانتباه ADHD .
خامسا اضطراب معالجة اللغة ( LPD):
يعتبر اضطراب
معالجة اللغة أحد فروع اضطراب المعالجة السمعية ويرتبط بمواجهة الفرد صعوبة في
معالجة اللغة المنطوقة سواء كانت المستقبلة (المسموعة) أو اللغة التعبيرية، ووفقا
للجمعية الأمريكية لصعوبات التعلم فإن اضطراب معالجة اللغة يعني وجود صعوبة في
الربط بين مجموعة الأصوات التي تكون الكلمة ثم الجملة ثم القصة.
وينقسم الى
اضطراب اللغة التعبيرية بمعنى ضعف قدرة الفرد على التعبير عن أفكاره بالكلمات
واضطراب اللغة المُستقبلة وهو يؤثر على قدرة الفرد على فهم ما يقوله الآخرون، ويعد
اضطراب معالجة اللغة اضطراب شائع في الولايات المتحدة الأمريكية حيث يقدر العلماء
أن 5% من الأطفال يعانون منه.
يؤدي الاكتشاف
المتأخر أو التشخيص الخاطئ لاضطراب معالجة اللغة إلى مضاعفات عديدة ومتنوعة تمتد
من سنوات الطفولة وحتى البلوغ قد تكون اجتماعية مثل الانطواء والخجل وقد تصبح
نفسية مثل الاكتئاب والاحباط الشديد.
ومن الشائع أن يتم تشخيص اضطراب معالجة اللغة بشكل خاطئ على أنه اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه او اضطراب طيف التوحد أو تكاسل من الطفل او الشخص المصاب.
الأسباب المحتملة لاضطراب معالجة اللغة:
اضطراب معالجة اللغة هو اضطراب عصبي وعادة ما يكون غير معروف الأسباب ولكنه يؤثر على المهارات اللازمة لفهم المعلومات مثل الانتباه والذاكرة وبالتالي يمتد تأثيره ليشمل التعلم والقراءة والإملاء.
سادسا صعوبات التعلم الغير لفظية ( NVLD):
و هي صعوبات
مرتبطة بتحليل وفهم السلوكيات غير اللفظية و الإشارات الاجتماعية مثل فهم لغة
الجسد وتعبيرات الوجه ونبرة الصوت بمعنى أكثر دقة هو صعوبة في فهم الجوانب غير
اللفظية للتواصل.
وتشير الأبحاث
الى ارتباط صعوبات التعلم غير اللفظية بضعف في ثلاثة مهارات اساسية وهي المهارات
الحركية والذاكرة التنظيمية البصرية المكانية والمهارات الاجتماعية.
وعلى عكس
المتوقع فإن الأفراد المصابون بصعوبات التواصل غير اللفظية لديهم حصيلة لغوية
واسعة وقدرة قوية على القراءة وغيرها من المهارات اللغوية.
الأسباب المحتملة لصعوبات التعلم غير اللفظية:
عادة ما ترتبط
صعوبات التعلم غير اللفظية بالجانب الأيمن من الدماغ كما ترتبط بعض المشاكل أثناء
الحمل بزيادة احتمالية الإصابة به ومن هذه المشاكل:
1- التدخين او تناول المشروبات الكحولية أثناء الحمل.
2- مرور الأم بساعات طويلة من المخاض.
3- التفاف الحبل السري حول رقبة المولود.
4-
الولادة المبكرة.
ترتبط الإصابة بصعوبات التعلم غير اللفظية أحيانا بإصابة أحد
أفراد الأسرة بالتوحد أو اضطرابات صعوبة التعلم الأخرى.
سابعا العجز الإدراكي
البصري ( VMD):
يواجه الأفراد الذين
يعانون من العجز الإدراكي البصري صعوبة في القدرة على التنسيق بين اليد والعين
ولذلك غالبا ما يفقدون القدرة على متابعة أماكنهم أثناء القراءة ويجدون صعوبة في
استخدام الأقلام المتنوعة بين الرصاص والحبر ويصعُب عليهم القيام بالمهارات
الحركية الدقيقة مثل القص واللصق واستخدم الغراء.
كما أن المصابين أحيانا يخلطون بين الأحرف المتشابهة و احيانا
اخرى يظهرون نشاطا غير عاديا للعين عند قيامهم بالقراءة.
الأسباب المحتملة
للعجز الإدراكي البصري:
على الرغم من أن التفسير العلمي للعجز الإدراكي البصري يتمثل في
عدم قدرة الدماغ على معالجة الإشارات المرئية التي تقوم العين بإرسالها الا ان
اسباب انعدام هذه القدرة غير محددة بدقة، وتشير بعض الأبحاث الى مشكلات مثل
الولادة المبكرة أو انخفاض الوزن أثناء الولادة أو إصابات الدماغ على أنها تقع ضمن
نطاق المسببات.
عادة ما يتم الإشارة إلى صعوبات التعلم على أنها
(إعاقات خفية) حيث يبدو الطفل أو الفرد المصاب بها طبيعيا تماما وعلى الرغم من ذلك
يعجز عن تحقيق وإثبات المهارات المتوقعة من شخص في عمره.
وعلى الرغم من أن صعوبات التعلم تمتد مدى الحياة
ولا يمكن التخلص منها الا ان الدعم والتشخيص المبكر يساعدون الأشخاص المصابين
بصعوبات التعلم بالشكل الكافي لتحقيق النجاح في المدرسة والجامعة وبيئة العمل
والعلاقات الاجتماعية.
المصادر:
1- What is dysgraphia? By James Roland.
2- Auditory processing disorder (APD).
3- What Is a Language Processing Disorder? By Devon Frye.
4-
7 Learning Disabilities Every Psychology
Professional Should Study.
5- Processing Disorder - Language or Auditory.
6- Nonverbal Learning Disability.
7- What Are Processing Disorders?
8- What is dyscalculia? By understood team.
9-
Types of Learning
Disabilities by LDA team.
إضافة تعليق