مجتمعات أكثر
انفتاحًا وشعارات زائفة تحيط بأبنائنا من كل حدب وصوب تسعى لإسقاط القيم والأخلاق
الرفيعة التي يجب غرسها في نفوس الأطفال منذ نعومة أظفارهم!..
ولعل الحياء
والعفة من أبرز هذه القيم التي أصبحت لا قيمة لها –من وجهة نظر نسبة كبيرة من
الأجيال الحالية- في ظل الانفتاح والتطور التكنولوجي والتعرض المبالغ فيه للشاشات،
ناهيك عن تساهل وتغافل الأسرة عن دورها الأول والرئيسي في اتباع أسس التربية
السليمة في ضوء القرآن والسنة.
ففي غياب تعزيز مفهوم العفة انتشرت الرذائل بشكل كبير في المجتمعات وأصبح الحرام حلالًا في ثياب وسياقات مختلفة بحسب الأهواء الشخصية.
وعلى الرغم من أن
خُلق العفة -بمفاهيمه المختلفة كما ورد في الكتاب والسنة- يُعد جزءًا أصيلًا من
الفطرة التي خلق الله بها الإنسان، إلا أنه كسائر الأخلاق الأخرى تتأثر بإهمالها
أو تنميتها بمقتضى النشأة الاجتماعية.
فكيف يمكن تحصين أبنائنا من الرذائل في ظل غياب مفهوم العفة؟ وما هو دور المجتمع والمؤسسات التربوية والدينية لدعم الآباء والأسر في التربية لتعزيز قيمة العفة في سن صغيرة؟
"للعفة
وجوه كثيرة".. مفهوم العفة وأنواعها
لا يقتصر مفهوم
العفة على وصف الخلق الذي يدعو إلى البعد عن الرذائل وحسب، بل يمتد ليشمل أكثر من
معنى ومفهوم.
فالعفة بشكل
عام تعني: الكف عما لا يحل، أي منع النفس عن كل أمر لا يحل لها. ويندرج تحت هذا
المفهوم عدة أنواع للعفة منها:
1.
عفة البصر عن النظر إلى
ما يغضب الله، وكذلك عن الحسد ونظرة العين.
2.
عفة الفرج عن ارتكاب
المحرمات.
3.
عفة البطن بالمأكل
والمشرب.
4.
عفة اليد عن سؤال
الناس.
5.
عفة القلب.
6.
عفة اللسان عن الغيبة
والنميمة.
7.
عفة السمع.
1.
فأما غض البصر
أ.
عن العورات والمحرمات
فيقصد به عدم
التطلع إلى العورات سواء ما وراء الثياب أو ما وراء الأبواب أو حتى في الصور
ومقاطع الفيديو؛ إذ أن كل الحوادث مبدؤها النظرة. وفي عصرنا الحالي أصبحت الهواتف
الذكية في أيادي الصغار بل والرضع كذلك دون رقابة أو ملاحظة فيتعرض الطفل إلى
مشاهد لا تناسبه ويقوم بتخزينها في عقله اللاواعي دون أن ينتبه إليه آباؤه.
لذا فإن الحرص
على تربية الأبناء على غض البصر من الطفولة يدفع عنهم الكثير من المآثم والشذوذ والمشكلات
الجنسية وغيرها لاحقًا.
كم سمعنا من
حوادث تحرش بين الأخوات أو بين الأصدقاء سببها -بحسب ما يفسره الأطباء النفسيين
والسلوكيين- هو التعرض لمشاهد جنسية أو تساهل الآباء في كشف عوراتهم أمام أبنائهم
أو السماح بالدخول عليهم في الأوقات التي نهى عنها القرآن الكريم في سورة النور في
قول الله تعالى:
"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا
لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا
الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلاثَ مَرَّاتٍ مِنْ قَبْلِ صَلاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ
تَضَعُونَ ثِيَابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ وَمِنْ بَعْدِ صَلاةِ الْعِشَاءِ ثَلاثُ
عَوْرَاتٍ لَكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ
طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ"[النور:58].
ب.
عن الحسد ونظرة العين
ويقصد به
التطلع إلى النعم التي أنعم الله بها على الآخرين وتمني زوالها، فنجد الكثير من
الأبناء يتطلعون إلى أدوات وألعاب أصدقائهم أو من يحيطون بهم ويتمنون لو يحصلون
عليها من أيادي أصحابها بل وربما يخططون لإيذائهم بسبب عدم قدرتهم على الحصول
عليها.
ولعل السبب
الرئيسي في وصول البعض إلى هذه المرحلة هو عدم تقوية النزعة الدينية عند الأبناء
بالرضا بالموجود وطلب المعونة من الله، والدعاء إلى الله بالبركة لصاحبها بدلًا من
تمني زوال النعم من أصحابها.
الحسد في
الكثير من الأحيان لا يتعلق بحاجة مادية أو مستوى اجتماعي ومعيشي معين؛ بل يعتمد
على نشأة وتربية الأبناء على العفة والصلاح.
2.
وأما عفة الفرج عن
ارتكاب المحرمات
فترتبط
ارتباطًا وثيقًا بعفة النظر كما ذكرنا؛ وكذلك حفظ العورات ووضع حدود جنسية والفصل
بين الأخوات من الجنسين في المضاجع قبل فترة البلوغ.
3.
وأما عفة المأكل
والمشرب
فيقصد به تجنب
المأكل والمشرب الذي حرمه الله كلحم الخنزيز وشرب الخمر وما يندرج تحته كما في
قوله تعالي في سورة البقرة:"حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير".
وكذلك يقصد به تحري الحلال في المأكل والمشرب من جهة أكل أموال المسلمين بدون وجه حق، أي بأنواع المكاسب غير الشرعية مثل الغش والربا والسرقة وغيرها.
4.
وأما عفة اليد
فتعني عفة المسلم عن طلب الحاجة من الغير، والاستغناء عن الناس وطلب الرزق الحلال والامتناع عن وضع اللقمة الحرام في جوفه.
5.
وأما عفة القلب
فيقصد به إصلاح
القلب باعتباره أهم عضو في جسم الإنسان؛ فيقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ألا
وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهو
القلب).
ومعنى استقامة القلب هنا هو أمتلائه بمحبة الله تعالى وحده وطاعته وكراهية معصيته.
6.
وأما عفة اللسان
فيمكن اختصارها
في الكف عن الغيبة والنميمة والكلام
الفاحش. وكذلك البعد عن الكذب والسخرية وإساءة الظن بالآخرين واتباع
عوراتهم؛ فإن أعظم ما يجب مراعاة عفته بعد القلب هو اللسان.
فاتباعًا لسنة
نبينا محمد يقول أنس بن مالك: (لم يكن النبي سبابًا ولا فحاشًا ولا لعانًا).
7.
وأما عفة السمع
فيعني البعد عن سماع الفحش والأغاني وكل ما يفسد الجوارح والقلب من مخالفات شرعية.
أهمية غرس العفة
للطفل المسلم
لعل غرس خلق
العفة في نفوس الأطفال في السنوات الأولى كما ذكرنا له العديد من الفوائد والقيم
الحقيقية التي قد نجني ثمارها في المجتمعات الإسلامية لاحقًا، والتي منها:
أ. تحقيق الإيمان والتسليم
لأوامر الله.
ب. حفظ الجوارح جميعها عما
حرم الله والتزامها فقد لما خلقت لها.
ت. النجاة من الوقوع في
الفواحش وحفظ الأعراض في الدنيا.
ث. السلامة من أضرار
الفواحش المختلفة في الآخرة، وفي الدنيا كتجنب التعرض للأضرار الاجتماعية والنفسية
والمرضية والخلقية.
ج. تعزيز قيمة الحياء التي تعزز قوة الإرادة والثقة بالنفس من الوقوع في
المعاصي والآثام وحماية النفس من ضعفها بارتكاب الفواحش بسهولة.
ح. دحض حب الظهور والاهتمام بآراء الجميع سواء في الواقع أو على مواقع التواصل
الاجتماعي بدلًا من محاولة إرضاء الله والنظر
إليه.
معوقات العفة
في رحلة التربية
إن خلق العفة
لا يتحقق في حياة الطفل المسلم في وجود أحد أو جميع المعوقات التالية:
أ. ضعف التربية الإيمانية
يعتبر ضعف
التربية الإيمانية من أكبر وأهم المعوقات والذي يندرج تحته المعوقات التالية
جميعها، لما للإيمان من أهمية كبيرة في استقامة الفرد وأخلاقه.
وباعتبار الأسرة هي المحضن الأول في حياة أبنائهم؛ لذا وجب تعليمهم الأخلاق والعفة والحياء وإلا يتعرض الطفل في سنواته اللاحقة إلى إخفاقات وانحرافات وعواقب وخيمة بسبب تقصير الأسرة في قيامها بدورها التربوي.
ب. وسائل الإعلام
يعتبر العصر
الحالي هو عصر انتشار وسائل الإعلام بقوة، وباعتبار ما تبثه هذه الوسائل من أضرار
وخيمة على الأطفال؛ فإنها تؤثر بشكل ملحوظ على معتقدات الأشخاص وأفكارهم
وسلوكياتهم.
كذلك تمجيد
أدوار المشاهير اللاأخلاقية، ونشر صور العارضات الفاضحة والزينة بالمجلات،
والتشجيع على اقتناء الكماليات الترفيهية بالإعلانات التجارية يشجع على فساد
القلوب والعقول مما يدفع إلى التطلع دائمًا والتخلي عن خلق العفة.
ناهيك عن دور الراديو والسينما في التحريض على الحب الحرام ولإقامة علاقات غير شرعية بين الرجل والمرأة وكلمات الحب التي تتردد دائمًا وتتمحور حول ضرورة إقامة الجنس بين الجنسين.[1]
ت. صحبة السوء الفاسدة
تعتبر الصحبة من أهم ما تؤثر على سلوكيات الأفراد، لذا
فإن مخالطة أصحاب السوء تدفع إلى ارتكاب المعاصي دون الشعور بذنب وتفسد الاخلاق
وتبعد عن العفة والحياء.
وتحدث تلك المفسدة من خلال:
-
التشجيع على ممارسة
الفساد بسبب تكرار مشاهدته وإلحاح صاحبه، بالإضافة إلى تهوينه في عينه.
-
قد يمتد الأمر إلى القيام
بأفعال غير أخلاقية.
-
تعريف الطفل بسلوكيات
فاسدة جديدة لم يكن يعرفها من قبل وتشجيعه على ارتكابها.
ث. الدعوات الغربية
المختلفة التي تدعو إلى الاختلاط والتبرج وتحرير المرأة.
دور المؤسسات الإسلامية والتربوية في تعزيز وغرس خلق
العفة
لغرس خلق العفة
لا بد من تكاتف جهود الأسرة مع المؤسسات التربوية والدينية كالمدرسة والمسجد
والمؤسسات الأخرى المعنية بتربية ونشأة الأجيال المسلمة.
وينقسم دور المؤسسات في المجتمعات إلى 3 أقسام
رئيسة وهم:
1.
المؤسسات غير النظامية
(الأسرة- المسجد- وسائل الإعلام).
2.
المؤسسات النظامية وهي
المدرسة والمؤسسات التربوية الأخرى المعنية بعمليات التربية
أولًا:
المؤسسات غير النظامية
ويقصد بها
الجهات القائمة على العملية التربوية بطريقة غير منظمة ولكنها مؤثرة في نشأة
الفرد، والتي تشمل:
أ.
الأسرة
للأسرة المسلمة
العديد من الأدوار التربوية التي لا يمكن لأي مؤسسة أخرى أن تحل محلها فتقوم
بتشكيل الجانب العقدي والأخلاقي والعقلي والعاطفي والجسماني.
ولغرس خلق
العفة في نفوس الأبناء لا بد الاهتمام بتنمية الجوانب التالية:
-
ترغيب الأبناء في طلب
العلم الشرعي خاصة، والعلم النافع عامة.
-
تقويم سلوكيات الأبناء
باستمرار وتشجيعهم على التحلى بالاخلاق الإسلامية.
-
لا بد من غرس مفهوم
استشعار مراقبة الله لكل الأقوال والأفعال؛ حيث يقمع هذا الشعور الشهوات التي
تكفيه عن المحرمات وكل ما يخدش العفة والطهارة خوفًا وحياءًا من الله. وذلك
امتثالاًا لقول نبينا يوسف حينما عرضت عليه الفتنة: "معاذ الله إن ربي أحسن
مثواي" يوسف 23
-
تعليمهم أسماء الله
الحسنى وكيف يمكن تطبيقها عمليًا؛ فالسميع يسمع كلماته، والبصير يراقب ويبصر
تصرفاته جميعها.
-
أن يكون الوالدان قدون
لأبنائهم قولًا وعملًا.
-
ترديد عبارات العفة
بمختلف أشكالها على مسامع الأبناء في الكثير من المواقف مثل: "الحياء، الستر،
العفة،...".
-
التفريق بين البنين
والبنات في المضاجع امتثالًا لأمر النبي « مُرُوا أَوْلَادَكُمْ بِالصَّلَاةِ وَهُمْ أَبْنَاءُ
سَبْعِ سِنِينَ وَاضْرِبُوهُمْ عَلَيْهَا وَهُمْ أَبْنَاءُ عَشْرٍ وَفَرِّقُوا
بَيْنَهُمْ فِي الْمَضَاجِعِ» رواه أبو داود.
-
الحث على أداء الصلوات
حيث تدفع ترك المنكرات والفواحش.
-
الحرص على تعزيز مفهوم
الاستئذان قبل الدخول إلى البيوت أو الغرف حتى الأخوات وأفراد الأسرة بينهم البعض.
-
تجنب الأسباب التي تضعف
التمسك بالعفة مثل: كشف العورات والنظر إلى ما حرم الله والمجاهرة بالمعصية أمام
الآخرين.
-
تحذير الأبناء من إذلال
نفوسهم بالمسائلة ومساعدتهم على التعفف بالعمل ومساعدتهم على تنمية مهاراتهم
العقلية والاجتماعية واستغلالها بما لا يغضب الله.
-
ملء أوقات فراغ الأبناء
بالأعمال المناسبة بحيث يتجنبوا الملهيات ومضيعة الوقت في ما لا ينفع.
-
الحث على ضرورة اختيار
الصحبة الصالحة؛ وذلك من خلال مشاركتهم الحديث بشكل مستمر دون ترهيب حتى يتمكن
الوالد من التعرف على محيط الأبناء بكل أمان.
-
لا بد للأسرة من
الانتباه إلى ظاهرة التشبه بالجنس الآخر؛ حيث إنها ظاهرة أصبحت منتشرة بشكل كبير
في العصر الحالي.
-
الحفاظ على الفتيات من
التبرج ومظاهر الزينة والاختلاط المحرم؛ فالأم المسلمة هل لبنة المجتمع؛ لذا لا بد
من تحصينها من الشبهات والفتن.
-
لا بد من تقديم وتدريس
التربية الجنسية بالمدارس وداخل المنزل، وذلك بتهذيب الغريزة الجنسية بالعفة
والطهارة.
-
تعليم الأبناء المسلمين
اقتصار الحديث عن غيرهم بالكلام الطيب وألا يصدر إلا خيرًا أو ليصمت. وذلك عملاً
بحديث رسول الله: "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرًا أو
ليصمت".
-
مناقشة الأبناء في
التصرف الصحيح حينما يعرض عليهم أي موقف مخل بالآداب أو خادش للحياء مثل عرض الصور
الإباحية أو ظهور مقطع فيديو أثناء تصفح الإنترنت على سبيل المثال. وذلك بأن ننبهم
بضرورة ترك المكان أو إغلاق أعينهم أو يواجهوا الموقف بجرأة بدفع الشخص مرتكب هذا
الفعل.
ب. المسجد
لا يقتصر الدور
الحيوي للمسجد على مكان للعبادة لقراءة القرآن والصلاة فقط، بل يعد المسجد من أكبر
المراكز الدعوية في المجتمعات الإسلامية.
فيعتبر المسجد
يقوم بأهم دور بارز لتنمية خلق العفة ف المجتمع وذلك من خلال:
- تأديب المصلين
ومراعاتهم للآداب العامة للمسجد كالطهارة والابتعاد عن الثرثرة والتحلي بالسكينة
والاستماع بحرص إلى الخطب الدينية التي تقوم بتقويم خلق الأفراد.
- حث الأسر المسلمة على
ضرورة تحفيظ الأبناء القرآن والتزود بالعلم النافع والأحاديث النبوية وغيرها.
- بالنسبة للبنات
والفتيات؛ فيحث المسجد على ترك المزاحمة وترك الملابس الضيقة والشفافة التي لا
تليق للدخول إلى بيت من بيوت الله.
- يتمثل الدور القوي
للمسجد كونه المكان الذي يتوجه إليه المسلم لأداء العبادات والتوبة وطلب المغفرة
والعفو من الله.
- وكذلك هو ذلك المكان
الذي يطلب فيه المتعففين حاجتهم من الله.
- كما يظهر بالمسجد عدة
أوجه للبر مثل التصدق على المحتاجين والتعاون والتناصح وغيره.
ج. وسائل الإعلام الإسلامية
إن وسائل
الإعلام بشكل عام تؤثر في سلوكيات الأفراد واتجاهااتهم. ولعل التأثير الفعال
والإيجابي لوسائل الإعلام الإسلامية (المرئية والمسموعة والمقروءة) يتمثل في 3
إتجاهات وهم: التربية والتنمية والترويح.
ولتحقيق
الفاعلية في تقويم سلوكيات الأفراد المسلمين وخاصة النشء فيما يخص العفة، فإنه لا
بد من الالتزام بالمعايير التالية:
-
عرض الشعائر الدينية
وحث المسلم على ترك المنكرات والشبهات من خلال البرامج الدعوية والفقهية البسيطة
التي تناسب أعمار الصغار والكبار.
-
بث بعض البرامج الدينية
التي تحث على نشر الآداب الإسلامية والبعد عن التشبه بالغرب وأفكارهم.
ثانيًا:
المؤسسات النظامية
يتم تعريف
المؤسسات النظامية بأنها الجهات التي تقوم بالعملية التربوية من خلال عدة أطر
منظمة، ومن أبرز هذه الجهات هي "المدرسة".
تعتبر المدارس
حاليًا هي المحضن الثاني للطفل بعد البيت؛ حيث يكتسب الطفل من خلالها العديد من
القيم والسلوكيات والمهارات والاتجاهات وغيرها. ولاكتساب وتوكيد خلق العفة في نفوس
الطلاب لا بد من تحقيق الأمور التالية:
-
ضرورة وجود مرشد على
علم وخلق يقوم بتوجيه سلوكيات الطلاب وتقويمها.
-
الاهتمام بالمناهج
الدراسية وعرض وسائل مختلفة وجذابة للتشجيع على تعلم الفضائل والأخلاق الرفيعة.
-
الالتزام بتدريس المواد
الدينية الإسلامية بالمدارس وذلك لغرس العقيدة والآداب التي تمثل اللبنة الأساسية
بالنسبة للنشء بوجه خاص.
-
الاهتمام بالتاريخ
الإسلامي وعرض سير الأنبياء والرسل والصحابة والتابعين، وكذلك سرد أكثر القصص
المؤثرة في إبراز قيمة العفة وغيرها.
-
عقد الندوات المختلفة
واستضافة بعض الشخصيات المؤثرة بموضوعات الانحرافات الفكرية وغيرها.
-
تشجيع الطلاب على
المطالعة والقراءة فيما يخص العلم الديني والشرعي ومن ثم إقامة المسابقات لتكريم
الأكثر تحصيلًا.
-
توضيح المفاهيم
المغلوطة الشائعة والمتداخلة ومناقشة الطلاب في هذه الأمور بحرية وأدب مثل: العادة
السرية، الشذوذ، وغيرها.
-
بيان أهمية العفة
وآثارها بالتركيز على جانب الراحة النفسية التي يشعرها من عاش عفيفًا، وكذلك عقوبة
من حاد عن الطريق واتبع أهوائه. وذلك كما
في قوله تعالى كما قال تعالى: ( مَنْ
عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ
حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا
يَعْمَلُونَ) (النحل:97)، ( وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً
ضَنْكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى) (طـه:124).
-
توجيه طاقات الطلاب نحو العمل النافع مثل ممارسة الرياضة
والحصول على بعض الدورات العلمية والتدريبية النافعة.
وأخيرًا وليس
آخرًا.. تقع مسؤولية غرس خلق العفة في نفوس الأبناء على عاتق المجتمع ككل بما يشمل
الأسرة والمؤسسات التربوية المختلفة كما ذكرنا، وذلك لتحصين الأبناء من الوقوع في
الفتن والشبهات التي تحيط بهم من كل حدب وصوب، والتي يعمد ببثها أعداء الإسلام في
عقول وقلوب أبنائنا.
فكما ذكرنا، لا
يقصد بالعفة خلق الحياء وعدم التعري فقط، بل ينبغي حفظ جميع الجوارح عما لا يرضي
الله. ولهذا تحتاج المؤسسات جميعها أن تعمل جاهدة على ابتكار حلولًا وأفكارًا
متنوعة تناسب احتياجات كل مرحلة عمرية بما يتناسب مع تطورات العصر الحالي.
حفظ الله أبنائنا ووقاهم شر الفتن ما ظهر منها وما بطن..
[1] منقول بتصرف من كتاب "المجتمع الإسلامي المعاصر في مواجهة رياح
السموم" للدكتور (أنور الجندي)، دار الاعتصام ص 139-140
إضافة تعليق