ولما كان التدافع بين معسكر المؤمنين -بما يمثلونه من منظومة قيم جوهرها تعاليم الوحي بالعدل والخير والإحسان- وبين معسكر الشيطان وجنده وأوليائه وما يمثلونه من منظومة من القيم المضادة من الشر والمنكر والفحشاء

يقول الله تعالى في كتابه: (وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ) [النحل: 78]، وقال تعالى: (إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا) [الإسراء: 36].

وفي السنة الأحاديث التي تحض على حفظ السمع والبصر واللسان كثيرة.

ولما كان التدافع بين معسكر المؤمنين -بما يمثلونه من منظومة قيم جوهرها تعاليم الوحي بالعدل والخير والإحسان- وبين معسكر الشيطان وجنده وأوليائه وما يمثلونه من منظومة من القيم المضادة من الشر والمنكر والفحشاء، كان لابد لمعسكر الشر أن يوجه سهامه لمعسكر الخير وفي كل المجالات والمستويات والشرائح والأفكار والمضامين.

وأهم ما توجه إليه من المفاهيم: مفهوم الحب، باعتباره مفهومًا يمس أهم علاقة اجتماعية في المجتمع بين مكونيه: الذكر والأنثى؛ ففي عصر ما قبل التكنولوجيا سمعنا عن زواج -رغم التحفظ عليه- يتم بين طرفين، ولا تكون الرؤية بينهما إلا ليلة الزفاف، كما كان دبيب الحب يتسلل إلى القلوب عبر صهر تصاريف الزمن لهما؛ حيث المحبة -كما يقول الطاهر بن عاشور- "انفعال نفساني ينشأ عند الشعور بحسن شيء: من صفات ذاتية، أو إحسان، أو اعتقاد أنّه يُحِب المستحسِنَ ويَجُر إليه الخير، فإذا حصل ذلك الانفعال عقِبَهُ ميل وانجذاب إلى الشيء المشعور بمحاسنه، فيكون المنفعِل محبًّا، ويكون المشعور بمحاسنه محبوبًا، وتُعدّ الصفات التي أوجبت هذا الانفعال جمالاً عند المحبّ، فإذا قويَ هذا الانفعال صار تهيّجًا نفسانيًا، فسُمي عشقًا للذوات".

ومع التطور ودخول عصر التكنولوجيا أصبحت المادة السمعية والمادة السمعية البصرية تستهدف غزو السمع والبصر كقنوات تأثير على تشكيل الوجدان والفكر والثقافة والمعرفة، وتم اختراق السمع والبصر عبر مفاتن المرأة بأفكار ومفاهيم عن الحب صنعت منه مفهومًا قريبًا من مفهوم العبودية، عبر الأغاني والموسيقى سماعًا، ثم عبر الأفلام والشاشة مشاهدةً، وأصبح الحب مفهومًا هلاميًا لا منطق له، ولا يقوم على أي أساس سوى تأثير كلمات الأغاني أو مشاهد عاطفية تقدمها المسلسلات والأفلام بين البطل والبطلة.

ومع تفسخ المجتمع صارت تقوم الروابط بلا أدنى وازع أخلاقي، بل وتطورت حتى أعطى الطرفان لنفسيهما ما ليس بحق من تلامس، بل ووصل إلى علاقة جسدية كاملة دون زواج تحت تأثير العاطفة المستلهمة من غزو السمع والبصر والفؤاد.

ودائمًا ما يطفو إلى ذهني الحكمة من حكم التصوير بين تحريمه أو جوازه للضرورة مع سرطان الكاميرا الذي غزا المجتمع في السنوات الأخيرة، عبر انتشار الهاتف المحمول في كل يد، وأصبحت الصورة والفيديو أسهل مادة يقدم من خلالها خلايا السرطان عبر التعري الغرامي أو التجاري.

إن انتشار الحب المجهل بين الشباب والفتيات، والذي يقوم بين أطراف لا يعرف بعضهم بعضًا عبر تصاريف الحياة، وتقتصر المعرفة فيه على القشور السطحية عبر تعزيز هذا المفهوم على يد نخبة عارية الهوية ممن يطلقون عليهم فنانين وفن؛ هو أخطر أدوات تخريب المجتمع.

الحب قيمة كبرى مطهرة عن الرجس، تقوم على حب الخصال الشماء من خلال علاقة أحاطها الشرع بميثاق غليظ، وهو المفهوم الذي يجب أن نتدافع به في وجه حرب المفاهيم، وهو أيضًا المفهوم الذي ينبغي على المربي أن يزرعه في ضمير الفتى والفتاة، ليتطور معهما بتطور حياتهما، ويطغى على المفهوم المغلوط السائد اليوم حتى يضمحل.

ما الفرق بين خجل الطفل وضعف شخصيته ؟ كيف أوازن بين تربية ولدي على التسامح وعدم تضييع الحق؟! أفكار عملية لمختلف المراحل.. كيف نرسّخ عقيدة أبنائنا حول فلسطين والأقصى؟ انكفاء النُّخب والقيادات الدعوية معرفة أحوال المدعوين.. طريق المربي للدعوة على بصيرة