من المعلوم أن مهمَّة تربية الأجيال من أكبر المهمَّات، بل هي مهمَّة الأنبياء والرُّسل - عليهم الصَّلاة والسَّلام -، ولمن وفَّقه الله تعالى أن يكون في هذا الميدان فعليه بعد شكر الله - عزّ وجلّ - أن يقوم بهذا الأمر خير قيام،
من
المعلوم أن مهمَّة تربية الأجيال من أكبر المهمَّات، بل هي مهمَّة الأنبياء
والرُّسل - عليهم الصَّلاة والسَّلام -، ولمن وفَّقه الله تعالى أن يكون في هذا
الميدان فعليه بعد شكر الله - عزّ وجلّ - أن يقوم بهذا الأمر خير قيام، ولا يتمّ
له ذلك إلا إذا امتلك الأدوات والمعينات الّتي تؤهّله للقيام بدوره.
ومِن
أهمّ المهمَّات في ذلك: التَّطوير المستمرّ، والمواكبة للمستجدّات، خاصّة في هذا
العصر الّذي يتسارع فيه كلّ شيء، فالوسائل الّتي كانت في وقت قريب هي الرّائجة
وتؤدّي المهمَّة؛ تجاوزها الزّمن بسرعة إلى وسائل جديدة مؤثّرة في العمليّة
التّربويّة، ولذلك كان لزامًا على مَن هُم في ميدان التّربية مراعاة ذلك.
ومن
هنا يحتاج المشرف والمربي التّربويّ إلى أن يتعرّف على ما يستجدّ في ميادين التّربية،
كما أنّه يحتاج لتطوير مستواه باستمرار، ومواكبة مستجدّات العصر في هذا المجال،
وإذا قارنّا ما يقوم به بعض المشرفين والمربّين الآن فلن تجد فروقًا كبيرةً بينه
وبين ما كان يحدث قبل سنوات عِدَّة باستثناء بعض الحريصين والمهتمّين، لذلك كان
على المربّي أن يعتني بعملية المواكبة ليطوّر نفسه أوّلًا، ومَن يقوم عليهم ثانيًا،
ومن ثَمّ يحسُن بالمربّين أن يفعّلوا أساليب الإشراف التّربوي الّتي من خلالها
يتعرّف الوضع الحقيقي الحالي لمن يقومون بتربيتهم، ثمّ يقوم بعد ذلك بوضع خطة
مسترشدًا بما سبق عن التّخطيط التّربوي، ليتمكّن من تحديد مسار التّدريب التّربوي
الّذي يحتاجه للمستفيدين منه، ولنفسه قبل ذلك، مراعيًا في ذلك الاستفادة من خبرات
مَن سبقه من المربّين والمشرفين على المراكز التّربويّة، وبحسب إمكانيات الخطّة الّتي
وضعها.
التدريب
الذاتي:
كما
نقترح أن يكون هناك برنامج للتّدريب الذّاتي يمكن أن يقوم به المربّي وحده، أو
بالتّعاون مع بعض زملائه من المربّين والمشرفين، فيكوّنون فريق عمل يقوم بتجميع
أهمّ المهارات والخبرات الّتي يحتاجها المربّي والمشرف، ثمّ تكون تحت أيديهم
كالمنهج الّذي يكون كالمرجع للجميع.
كما
يمكن أن تسجّل ضمن نشرة تربويّة أسماء مواقع مميّزة تقدّم دورات مفيدة في المجال
توزّع على المربّين الّذين يحتاجون إلى دورات عاجلة في جوانب من احتياجاتهم الّتي
يرونها.
الاستفادة
من التقنية الحديثة:
ومن
خلال هذا يمكننا أن نستفيد من التقنية ونوفّر مصدرًا غير مكلف للتّدريب، يكتسب من
خلاله المتدرب -أيًّا كان- مصادر تدريب أخرى غير الجهات الرّسميّة؛ ما سيعمل على
توسيع أفقه، ويحفّزه على البحث عن مصادر تدريب جديدة، تساعده على النّموّ التّربوي
والملكة في هذا المجال، كما أنه سيكون على اطلاع مستمر على ما يستجد من أفكار
تخدمه في مجال عمله التّربوي.
وكما
نأمل هنا أن تضطلع إدارات المراكز التّربويّة الحكوميّة والأهليّة بدورها الحقيقي
ولا تظل تراوح مكانها على برامج تربويّة غير مدروسة -في غالبها- أو متكرَّرة، وعلى
مربّين يراوحون مكانهم من غير تطوير ولا تأهيل ولا تدريب ولا مواكبة.
دراسات
ميدانية لرفع الواقع:
وعلى
مَن هم في الميدان تجميع الاحتياجات العمليّة من خلال زيارات الأندية والمدارس
وأماكن وجود المستهدفين عمومًا، وإقامة لقاءات عامّة مع العاملين في الميدان للتعرّف
على حاجاتهم عن كثب، ثمّ لا تكتفي بذلك، بل يجب أن تحدّث معلوماتها باستمرار. ولا
يوجد مانع من أن تستفيد من إدارات التّدريب في المؤسّسات الكبرى النّاجحة.
كما
أن الدّورات الّتي يتمّ القيام بها ينبغي أن يكون التّسجيل فيها بناءً على حاجة
المتدرّب الفعليّة، فلا يرشّح المربّي المحتاج للتّطوير إلا عن طريق مسؤوله ومشرفه
المباشر؛ لأنّه أدرى بحاجته وبالمـَوَاطِن الّتي تحتاج إلى تطوير عنده، كما أنّه
من الضّروري أن توضع البرامج المناسبة لدوره وحاجته، حتّى يرشّح لها.
بمعنى
أنّنا يجب أن نركّز على الجانب الاحترافي في التّدريب وتطوير البرامج، وتصميم
الحقائب، بخلاف ما هو موجود الآن من أعمال لا ترقى لتتناسب مع حاجة الميدان في عصر
المعرفة.
ويمكننا
أن نستثمر أدوات التّقنية الحديثة الّتي تساعدنا على التّدريب عن بُعد، والتّدريب
الآلي من خلال تقسيم البرامج التّدريبية وتصميمها بحسب الوقت والكمية والمحتوى الّذي
نستطيع أن نتحكّم فيه بشكل أكثر دقّة وأعظم فائدة.
وباختصار
فإننا بحاجة إلى الآتي:
أولًا:
تحديد
دقيق لاحتياجاتنا من التّدريب والتّطوير في ميادين التّربية.
ثانيًا:
تصميم
حقائب مميّزة من فرق متخصّصة يُنتقى لها مدربّون متخصصّون مناسبون.
ثالثًا:
كلّ
ذلك يحتاج إلى ميزانية وافرة. وبغير ذلك فسيبقى الحال على ما هو عليه، والمراكز
التربوية الّتي لا تعرف قيمة التّدريب ستبقى بخيلةً في الإنفاق عليه؛ ما يضرّ
بالميدان التّربوي.
وختامًا:
فإنّنا نرتقب ذلك اليوم الّذي يتّجه فيه المربّون والمشرفون - على تربية الأجيال -
إلى التّدريب وإلى تطوير أنفسهم، وإلى المواكبة، حتّى لا تتجاوزهم هذه الأجيال
بوسائلها المتجدّدة السّريعة الإيقاع؛ إذ يجب أن يبقى الأصل في التّوجّه نحو التّدريب
هو النّمو المهني، واكتساب المهارات الجديدة المعينة على هذه المهمّة الكبيرة
العظيمة.
واللهَ
نسأل التّوفيق والسّداد للمربّين والمعلّمين والمشرفين على الشّباب، وأن يجعل
اللهُ ما يقومون به في موازين حسناتهم، وصلّى الله وسلّم وبارك على سيدنا محمّد
وآله وصحبه أجمعين.
إضافة تعليق