عَرّفت منظّمة الأمم المتّحدة للطفولة المهارات الحياتيّة بأنّها مجموعة من المهارات النفسيّة والشخصيّة التي تساعد الأشخاص على اتخاذ قراراتٍ مدروسة بعناية، والتواصل بفعاليّة مع الآخرين، وتنمية مهارات التأقلم مع الظروف المحيطةِ.

أيها المعلم الجبل! أحمالكَ عظيمة، ورسالتكَ سامية رفيعة، تخضع لها العقول، وتتوجه إليها العيون، يكفيك فخرًا تعاملك مع طلاب مختلفة بيئاتهم، وتعلم أفهامًا متفاوتة الاستيعاب، وتجذب إليك الطالب بتخطيط جادّ، ثم تقف أمامه بسيل العرق، فتبقى في عيون الآخرين أثرًا لمعلومة رسخت في أذهان طلابك، أو مواقف تربوية تقوّم أخلاقهم.

ولكي تكمل تلك الرسالة النبيلة للمعلم قررت وزارات التعليم في كثير من الدول مواد تعزز المهارات الحياتية في شخصية الطالب، خاصة في المرحلة الثانوية، ولاقت تلك المادة استحسانًا وتقبلاً كبيرًا من قبل المعلمين الذين عرفوا حاجة الطالب إلى مَن يُبصّره ويفتح آفاق تفكيره المحدودة إلى الإبداع والاكتشاف؛ لأن من سلبيات العملية التعليمية أن يصل الطالب إلى المرحلة الثانوية ولا يستطيع تحديد ميوله المهارية ولا اختيار مجال تعليمي أكاديمي يفيده في مجاله المهني.

ما المهارات الحياتية؟!

عَرّفت منظّمة الأمم المتّحدة للطفولة المهارات الحياتيّة بأنّها مجموعة من المهارات النفسيّة والشخصيّة التي تساعد الأشخاص على اتخاذ قراراتٍ مدروسة بعناية، والتواصل بفعاليّة مع الآخرين، وتنمية مهارات التأقلم مع الظروف المحيطةِ، وإدارة الذات التي تؤدي إلى التقدّم والنجاح.

فمادة المهارات الحياتية كالنبتة الخضراء وسط صحراء المواد الأكاديمية التي تخفف من حدتها وتلفت نظر الطالب إلى أن مستقبله المهني خليط بين الجانب الأكاديمي ومهاراته التي اكتسبها في حياته، فهي تساعد الطالب في اكتشاف ذاته وتنمية مواهبه، كالهواء الذي يلفح الجمرة المشتعلة ليزيدها توهجًا.

تتميز هذه المادة بالتدرج المنطقي الذكي؛ بحيث لا ينحصر الطالب في حدود المواد العلمية والأدبية، ولكن يجد ضالته التي لا تندرج في ظل المواد الأخرى، وينتقل من فضاء المعلومات والحفظ إلى فضاء آخر يقوم على بناء الإنسان، وتنمية العقل، وصقل المهارات، وهو ما يصرف عليه الطلاب مئات الآلاف في دورات التنمية البشرية بعد تخرجهم من الجماعة أو أثناء دراستهم بها.

كيف يدرسها المعلمون؟!

المرحلة الأولى:

تقدَّم مادة المهارات الحياتية للطلاب من خلال أنشطة واختبارات فكرية تعين الطالب على اختبار ذاته، وتقييمها، وتقويمها بعد ذلك، من خلال معرفة نقاط القوة التي يتميز بها وتنميتها، والتنبه بنقاطه التي تحتاج إلى تحسين وتطوير فيها، فيعمل على تقويتها من خلال التدريبات التي يوجهه إليها المعلم أو المرشد الأكاديمي.

فعلى سبيل المثال توجد وحدة في كتاب المهارات الحياتية للصف الأول الثانوي بعنوان: (اعرف ذاتك)، يهدف إلى إيجاد تصور كامل عن النفس والذات، ومعرفة نقاط القوة والضعف، وامتلاك رؤية متكاملة وواضحة للتخطيط الصحيح للحياة، من خلال نافذة (جوهاري) التي تفيد في معرفة الذات بشكل أوضح وأشمل من خلال أربعة مناطق:

1- المنطقة المكشوفة: وهي المعلومات التي أعرفها عن نفسي ويعرفها الآخرون، مثل: الاسم والعمل وغيرها.

2- المنطقة العمياء: وهي المعلومات التي لا أعرفها عن نفسي لكن يعرفها الآخرون، مثل: انطباعات الآخرين عن الشخص.

3- المنطقة الخفية: وهي المعلومات التي أعرفها عن نفسي ولا أريد أن يعرفها الآخرون، مثل: الأسرار.

4- المنطقة المجهولة: هي المعلومات التي لا أعرفها عن نفسي ولا يعرفها الآخرون، مثل: المستقبل.

ومن هنا نجد أنه كلما اتسعت المنطقة المكشوفة كان الطالب أقرب للاتزان، وكلما ضاقت اتسع الجهل عن نفسك، وكلما اتسعت المنطقة العمياء أدت إلى ابتعاد الطالب عن مجتمعه وعدم تقبلهم، وكلما اتسعت المنطقة الخفية أدت إلى غموض الطالب وابتعاده عن الآخرين، وكلما اتسعت المنطقة المجهولة يصل الطالب إلى مرحلة عدم الوضوح وعدم القدرة على اتخاذ القرارات ومواجهة التحديات.

المرحلة الثانية:

بعد معرفة الطالب لذاته ينتقل إلى مرحلة إعمال الفكر وتحفيزه من خلال مقياس (هيرمان) الذي يقوم على تحديد نمط تفكير الإنسان من نواحٍ أربع:

1- التفكير التحليلي والرقمي.

2- التفكير الموجه أو التنفيذي.

3- التفكير العاطفي.

4- التفكير الإبداعي.

ولابد على الطالب من معرفة ما يتميز به من ذكاءات متعددة يمارسها في أنشطته الحياتية وكيفية استثمارها بطرق متعددة من الوسائل والاستراتيجيات التي تنميها، لاسيما أن الإنسان يمتلك جميع الذكاءات ولكن يختلف كل فرد في نسبة وجود كل ذكاء منها؛ لأنها تعتبر قدرات متفاوتة.

المرحلة الثالثة:

وبعد فهم الطالب لذاته ومعرفته لنمط تفكيره وتعدد ذكاءاته، ينتقل إلى استثمار موارده التي يمتلكها وقادر على تحقيقها، خطوة أولى يخطها الطالب لبدء تعلم تحقيق الأمنيات:

الأولى: كتابة الرؤية، وتمثل مستقبل الطالب المرتبط بالاجتهاد والنجاح.

الثانية: صياغة الأهداف الخاصة به من خلال قاعدة الأهداف الذكية.

الثالثة: توافر العوامل المعينة على تحقيق أهدافه.

الرابعة: ترتيب أولوياته من خلال مصفوفة ترتيب الأولويات.

الخامسة: إدارة الوقت، من خلال أربع ركائز: التخطيط - تحليل الوقت – التنظيم - المتابعة.

ماذا بعد؟!

بعد أن اشتغل الطالب على تقوية ذاته وتنميتها وتطويرها، ينتقل الطالب إلى مرحلة تحديد المسار العلمي الذي رغب به ويصبو إليه، تبدأ رحلة تحديد المسار من المرحلة الثانوية، ثم تحديد تخصصه الجامعي، وينتهي بمستقبله المهني الذي اجتهد من أجله، من خلال أربع خطوات:

الأولى: معرفة ذاته ورغباته وميوله.

الثانية: الاستطلاع والبحث عن التخصصات التي توافق رغباته وطموحاته.

الثالثة: وضع خطة متكاملة تحدد مساره العلمي والعملي وفق مهاراته وقدراته.

الرابعة: يتخذ قراراته، ويواجه تحدياته.

من خلال هذه الخطوات يصل الطالب إلى صورة كاملة في ذهنه عن مستقبله الذي يرمي إليه؛ حيث إن هذه الخطة تتسم بالواقعية والمرونة، تعتمد على شخصية الطالب وقدراته والمحفزات الداخلية والخارجية التي تحيط به.

وأخيرًا..

على جميع المحاضن التربوية الاهتمام بتدريس المهارات الحياتية التي تهدف لتطوير وبناء الإنسان وتوجيهه التوجيه الأفضل؛ فهي مادة بها رحيق الخبرة الذي يوفر على الطالب خطأ التجارب وقلة التكيف مع الظروف الحياتية، لا سيما أن الكثير من مخرجات المؤسسات التربوية الرسمية وغير الرسمية تفتقر إلى المهارات الحياتيّة، وبالتالي يفشل الكثيرون في حياتهم الوظيفية والشخصيّة؛ بسبب غياب هذه المهارات.

ما الفرق بين خجل الطفل وضعف شخصيته ؟ كيف أوازن بين تربية ولدي على التسامح وعدم تضييع الحق؟! أفكار عملية لمختلف المراحل.. كيف نرسّخ عقيدة أبنائنا حول فلسطين والأقصى؟ انكفاء النُّخب والقيادات الدعوية معرفة أحوال المدعوين.. طريق المربي للدعوة على بصيرة