يشبه الروتين الخاص بأطفالك جهاز تحديد المواقع الملحق بسيارتك؛ فالطفل يحتاج دومًا أن يعرف أين يضع قدميه في يومه الفارق؛ فالروتين يشكل خريطة زمنية بالنسبة له، يحتاج فقط أن يعتاد هذا الروتين ليصبح مرشده الدائم خلال يومه.
يشبه الروتين الخاص بأطفالك جهاز تحديد المواقع الملحق
بسيارتك؛ فالطفل يحتاج دومًا أن يعرف أين يضع قدميه في يومه الفارق؛ فالروتين يشكل
خريطة زمنية بالنسبة له، يحتاج فقط أن يعتاد هذا الروتين ليصبح مرشده الدائم خلال
يومه، وبمجرد تعلمه مفهوم الوقت يمكنه اتباع هذا المرشد دون تدخلك.
يساعد الروتين الحياة الأسرية على السير بسلاسة؛ فاليوم
المخطط مسبقًا يمنح أطفالك الشعور بالأمان والثقة بأن كل شيء تحت السيطرة بإذن
الله، كما يساعد الأبوين على الشعور بالتنظيم والقدرة على التعامل مع ضغوط الحياة،
وإيجاد طريقة ووقت للقيام بأشياء ممتعة مع أطفالهم.
يمكن للروتين أيضًا أن يقوم بدور فعال كمساعد للأطفال من
ذوي الاحتياجات الخاصة؛ لأنهم عادة لا يحبون التغيرات الكثيرة ولا يجدون التأقلم
معها أمرًا سهلاً.
يتضمن هذا المقال: |
1-
أهمية الروتين. |
2-
فوائد الروتين للآباء. |
3-
عوامل إعداد روتين ناجح. |
4-
الروتين الأسري كأداة من أدوات ضبط
السلوك. |
5-
كيفية تحفيز أطفالك لتطبيق الروتين. |
أهمية الروتين:
أولاً: الأمان
والانتماء:
يساعد الروتين على توفير بيئة منزلية منظمة تتضمن أحداثًا
متوقعة تمنح الأطفال والمراهقين شعورًا بالأمان والطمأنينة، مع إحساس دائم بأنهم
مُعتنى بهم، كما تساعد الحياة الأسرية المنظمة الأطفال على التأقلم مع التغيرات
الرئيسة في حياتهم، مثل تغيرات النمو كالبلوغ أو التغيرات المرتبطة بأحداث جديدة
كالحصول على أخ جديد، وطلاق الأبوين، والمرض، أو الانتقال إلى منزل جديد.
كما أن الروتين الذي يتضمن الاستمتاع بالحياة وقضاء أفراد
الأسرة الوقت معًا يقوي العلاقات الأسرية، ويخلق لديهم شعورًا بالانتماء.
كأن يتضمن الروتين قراءة قصة معًا قبل النوم، أو الحرص
على مشاركة الوجبات مع العائلة.
ثانيًا: تنمية
المهارات والشعور بالمسؤولية:
يساعد احتواء الروتين المنزلي على مهام منزلية توزع على
أفراد الأسرة وفق تناسبها مع قدرات وعمر كل منهم؛ على تنمية وتطوير حس المسؤولية
لديهم، وزرع وصقل العديد من المهارات الأساسية، مثل الإدارة والتغلب على العقبات،
وتلك مهارات تُفيد الطفل طوال حياته.
كذلك فإن التدرج في منح الطفل المسؤولية وتقليل مقدار
المساعدة والمراقبة من قبل الأبوين؛ يبرز إحساس الطفل بالاستقلالية والاعتماد على
الذات.
ثالثًا:
العادات الصحية:
يمكنك توظيف حماس طفلك للالتزام بالروتين في تعليمه
عادات صحية يمارسها يوميًا كجزء من يومه، مثل غسل أسنانه، تناول الأدوية الخاصة
به، ممارسة التمارين الرياضية، أو حتى غسل يديه قبل الطعام وبعد استخدام المرحاض.
وبذلك فإنه بإمكان الروتين أن يساعد في
الحفاظ على صحة أطفالك الجسدية أيضًا؛ فالأطفال الذين يقومون بغسل أيديهم بانتظام
أكبر يكونون أقل عرضة للأمراض الشائعة، مثل نزلات البرد والنزلات المعوية وغيرها
من الأمراض الشائعة.
رابعًا: تخفيف
الضغط والتوتر:
يساعد الروتين المنتظم على تخفيف الضغط والتوتر عليك
وعلى أطفالك؛ فأنت لست بحاجة لإلقاء الأوامر ولا شرحها، وكذلك لستم في حاجة للجدال
بشأنها، والقليل من الضغط يعني الحفاظ على جهاز مناعي أقوى وأكثر صحة لك ولطفلك.
خامسًا: ضبط
الساعة البيولوجية:
من أهم مميزات الالتزام بروتين يومي منظم ضبط مواعيد
النوم، وبالتالي ضبط الساعة البيولوجية الخاصة بأجساد أطفالك، وبالتالي يتم برمجة
أجسادهم على معرفة وتحديد متى يحين وقت النوم، هذا الأمر يصبح مفيدًا جدًا لهم حين
يصلون لمرحلة المراهقة وتبدأ ساعتهم البيولوجية في التغير مع ما يمرون به من
تغيرات جسدية ونفسية عديدة.
فوائد الروتين
للآباء:
يحتاج إعداد روتين جيد مناسب للأسرة جهدًا وتركيزًا وتدقيقًا
في كافة الجوانب، ولكن بمجرد الانتهاء من إعداده والبدء في تطبيقه واعتياد الأمر
تتحقق العديد من الفوائد:
1- يساعد
الروتين المنظم والمتوازن الأبوين على تأدية مهامهم الأبوية بشكل أفضل.
2- وسط صخب
وانشغال الحياة يُشعرك الروتين بالنظام والسيطرة؛ ما يقلل من الضغوط النفسية والعصبية عليك.
3- يساعد
الروتين أفراد الأسرة على القيام بالمهام اليومية الخاصة بكل فرد منهم بصورة أفضل،
وبالتالي يمكن أن يفسح وقتًا للقيام بالمزيد من الأنشطة.
4- يُجنبك الروتين في كثير من الأحيان الاضطرار لفض النزاعات والحيرة في اتخاذ القرارات.
عوامل إعداد
روتين ناجح:
الروتين الناجح هو الروتين الذي يلائم
احتياجات ومتطلبات أفراد الأسرة، ويتلاءم مع سمات كل منهم، ولكن بشكل عام هناك
ثلاث نقاط أو عوامل تساعد على نجاح الروتين:
1-
التخطيط الجيد:
يقاس نجاح الروتين أو تحديد مدى كفاءته بقدرة كل
فرد من أفراد الأسرة على معرفة وفهم ماهية دوره
وما يحتاج إلى فعله لإنجاز هذا الدور، ورؤيته وتقديره لما يقوم به كدور مسؤول
وعادل.
مثلاً إذا كان الروتين يتضمن قيام الأطفال بغسل أواني
العشاء يومًا واحدًا في الأسبوع، وكانوا يتناوبون في القيام بذلك؛ فمن علامات نجاح
الروتين أن يعرف كل منهم متى يحين دوره ويقوم بتنفيذه دون احتجاج أو إحساس بالظلم.
يمكنك الاستعانة بآراء أطفالك أثناء إعداد الروتين
الأسري إذا كانوا في مرحلة عمرية تؤهلهم لذلك.
2-
الانتظام:
يصبح الروتين الجيد بمرور الوقت جزءًا من حياة كل فرد من
أفراد الأسرة؛ كأن يتطلع أحد أطفالك طوال الأسبوع لزيارة جده بعد صلاة الجمعة مع
والده.
3-
التوقُّع:
من علامات نجاح الروتين الخاص بالأسرة أن الأشياء دائمًا
تحدث بنفس الترتيب، وبالتالي يعرف كل فرد ماذا يمكن أن يحدث طوال اليوم.
مثلاً إذا كان طهي الدجاج روتينًا معتادًا ليوم الأربعاء؛
فعند عودة الأطفال من مدارسهم تكون لديهم معرفة بأنهم سوف يتناولون الدجاج مثل كل
أربعاء.
الروتين الأسري
كأداة من أدوات ضبط السلوك:
يساهم الروتين في منح الأطفال فكرة كاملة عما هو مطلوب
منهم القيام به وما هو مقبول وما ليس بمقبول، وبالتالي يجب أن يتضمن الروتين
الأسري المُعد من قبل الأبوين خُططًا بديلة للأوقات التي يسيء فيها أطفالهم
التصرف، ومن الممكن أن يساعد الحديث بشكل متكرر عن أهمية الروتين على زيادة رغبة
الأطفال في الالتزام بالقواعد الأسرية دون تذمر.
كيف يعمل
الروتين إذًا على ضبط السلوك؟!
1- يؤدي
الالتزام بالروتين عادة إلى دفع الأطفال إلى أن يتعاونوا لإنجاز مهام
متسلسلة يرتبط كل منها بالآخر.
كأن يبدأ وقت الترفيه بعد انتهاء الفروض المدرسية وغلق
الكتب، فإذا كان أحدهم لا يفهم جزئية معينة سيقوم الأكبر منه تلقائيًا بمحاولة
مساعدته وشرح ما يحتاج من أجل إنجاز الفروض وبدء الترفيه.
2- عند الالتزام
التام بالروتين المُعد يعرف أطفالك أن هناك دائمًا بدائل غير مرغوبة للأنشطة التي
تقومون بها معًا إذا أساؤوا التصرف، وبالتالي يحاولون قدر الإمكان الالتزام
للوصول إلى ما هو مخطط أصلاً.
مثل اعتياد أحد الأبوين على قراءة قصة ما قبل النوم
للأطفال، أو الحداء في السيارة في الطريق للتمارين.
3- يوفر
الالتزام بالروتين خطة جيدة لحصول الأطفال على مقدار كافٍ من النوم، ووجبات غذائية
منتظمة، وأوقات كافية للعب والأنشطة، وبالتالي فمن المرجح أن يتصرفوا بشكل
جيد وملائم.
نصائح لاستخدام
الروتين كمحفز لضبط السلوك:
1- لتجنب افتعال أطفالك للمشكلات
والشجار لأسباب غير مهمة؛ عليك بتخصيص بعض الوقت بعد عودتهم من المدرسة وعودتك من العمل مباشرة للاسترخاء
وطرح الإرهاق جانبًا قبل البدء في المهام
الروتينية المخططة مسبقًا.
كأن يلعب كل صغير بلعبة يحبها، أو يراجع بعض محفوظاته من
القرآن، أو يجلس على الأرجوحة، أو يقود دراجته في الفناء لوقت قصير.
2- منح بعض
الدقائق المستقطعة بين كل مهمة وأخرى يخفف من الضغط على أطفالك، ويمنحهم شعورًا بالحرية من
آن لآخر.
3- ربط
الأنشطة المملة ببعضها يشجع أطفالك على إنجازها بشكل أسرع؛ كأن ينقل ملابسه التي تحتاج
للغسيل إلى الحمام أثناء ذهابه لغسل أسنانه.
4- وضع الحدود
الزمنية يمكن أن يُحفز أطفالك لإنهاء ما يقومون به؛ كتخصيص وقت قيامك بإعداد الطعام لإنهاء
الأطفال الفروض المدرسية، أو تحديد وقت ألعاب الفيديو
بنصف ساعة.
5- يحتاج طفلك
إلى
شرح جيد للروتين لكي يفهم ما تتوقع منه القيام
به، حتى الصغار منهم يمكنهم فهم شرح بسيط ومنسق تقدمه بحُب.
6- يساعد
الحديث عن أهمية الروتين على حث أطفالك على الالتزام به؛ كشرح أهمية
تناول الغداء مبكرًا يوم الخميس ليتبع ذلك زيارة الجدة.
7- ضع الروتين بلغة أطفالك بكلمات وأفكار يمكنهم فهمها وتطبيقها دون لبس.
كيفية تحفيز
أطفالك لتطبيق الروتين:
1- تصميم الروتين على ملصق ملون، مع بعض
الكلمات المرحة والعبارات التي يعتادون استخدامها ورسومات كاريكاتيرية، وتعليق الملصق في مكان يمكن
لجميع أفراد الأسرة رؤيته بوضوح.
2- إيجاد طريقة تُذكّر أطفالك بانتهاء المهلة
الزمنية للنشاط أو المهمة التي يقومون بها، مثل منبه أو جرس يوضع في غرفهم دون
الحاجة لتدخل أحد الأبوين.
3- بعض المهام المنزلية تشجع طفلك وتمنحه شعورًا
بالمسؤولية؛ كأن يُطلب منه تجهيز المائدة قبل وضع الطعام، أو غلق محابس المياه قبل
السفر.
4- المديح يصنع المعجزات، وتأكد أن تمدح سلوك طفلك
بشكل محدد؛ مثل: كم كان هذا تصرفًا عطوفًا!! يا له من ترتيب رائع! وهكذا...
وفي النهاية يجب أن نؤكد أنه من السهل المبالغة في وضع
روتين مضغوط دون أى متنفس، ولكن من الجيد أن يكون للأطفال وقت فراغ من أجل اللعب
والمرح والإبداع.
كما أن الروتين لا يعني أنك وأسرتك صارمون، أو لا
تتمتعون بالمرونة؛ فبإمكانك دائمًا إجراء تعديلات مناسبة لجعل
إضافة تعليق