وَجَب على دعاة اليوم اتخاذ وسائل أكثر تأثيرًا، وأوسع انتشارًا؛ للوصول لأكبر عددٍ ممكنٍ من شباب مجتمعاتنا العربية، والإسلامية، وإعادة نشر العلم، والدِّين بينهم، وحثّهم على أن يكونوا هم أنفسهم دعاة المستقبل.
تمر الأمة الإسلامية بشكلٍ عامٍّ، والمجتمع العربي بشكلٍ خاصٍّ، بتحدياتٍ دائمةٍ على مرّ الزمان، وكانت للدعاة مسبقًا مكانةٌ اجتماعيةٌ مرموقةٌ؛ لدورهم في نشر الدعوة، وأثرهم في إنارة حضارات بأكملها؛ من خلال نشر العلم، ونشر الدين.
ولكن الوضع الآن يختلف،
فالدعاة الحقيقيون لم يعد لهم الأثر المرجوّ في نشر الدعوة، خاصةً مع صَخَب الحياة،
وأنوار الإبهار التي تنشرها وسائل الإعلام مجتمعةً، والتي أغلبها يوجِّه الشبابَ بعيدًا
عن المسار الذي أمرنا الله باتباعه.
لذا وَجَب على دعاة اليوم
اتخاذ وسائل أكثر تأثيرًا، وأوسع انتشارًا؛ للوصول لأكبر عددٍ ممكنٍ من شباب مجتمعاتنا
العربية، والإسلامية، وإعادة نشر العلم، والدِّين بينهم، وحثّهم على أن يكونوا هم أنفسهم
دعاة المستقبل.
وما من شيءٍ أقوى من مواقع
التواصل الاجتماعيّ يمكِّن دعاة اليوم من تحقيق ذلك الحلم؛ لذا، وَجَب عليّ توضيح الأساليب
العلمية التي تعلمتها من خلال سنوات الخبرة في مجال التسويق الإلكتروني للإعلام -عسى
أن تكون بدايةً لغدٍ أفضل لأولادنا، وشبابنا-.
في الأسطر القليلة القادمة سأعرض عليكم وسائل التسويق الإلكتروني المناسبة، والاستراتيجية الملائمة، التي قد توفِّر لمجال الدعوة الدفعةَ الكافيةَ لتحقيقِ النجاح من خلال مواقع التواصل الاجتماعي.
تقوم قواعد التسويق الإلكتروني على ثلاثة عوامل أساسية:
1- الشريحة المستهدفة.
2- المحتوى.
3- وسيط نقل المعلومات.
ولتقديم خدمة عالية الجودة، عليك الالتزام بالتطوير، والتحسين الدائم لهذه العوامل، بداية بالشريحة المستهدفة، مرورًا بتطوير المحتوى، ووصولًا لوسيط نقل المعلومات.
تبدأ الخطوة الأولى بتحديد الشريحة المستهدفة، وذلك من خلال: دراسة الاستراتيجية الخاصة بالجهة الموجّهة للدعوة،
ولتحديد الشريحة يجب الإجابة عن
4 أسئلة:
أ- ما هي الشريحة العمرية؟
ب- ذكر أم أنثى؟
ت- ما هو المستوى الاقتصادي، والاجتماعي؟
ث- ما هي مجالات اهتماماتهم، وهواياتهم؟
ومن ثم؛ يتم تكوين شخصيةٍ اعتباريةٍ لكل شريحةٍ مجتمعيةٍ مستهدفةٍ من عملية التسويق الإلكتروني، ومن خلال هذا التصور يتم وضع استراتيجيةِ تكوينِ المحتوى لكل شريحةٍ مستهدفةٍ، بالإضافة إلى تحديد وسيطِ نقلِ المعلومات المناسب لتلك الشريحة.
استراتيجية المحتوى هي
خطة تكوين المحتوى، ووسائل نقله المناسبة، المتمثلة في:
1- خصائص اللغة المستخدمة
2- صفات العلامة التجارية المنوطة بنقل المعلومات.
كما أن الخطة تضع قواعد، وسياسات النشر، والرد على تفاعليات القراء.
والهدف من استراتيجية المحتوى
هو تحديد الكلمات، والبيانات المستخدمة لخلق محتوى واضحٍ، قادرٍ على خلْق تجربةٍ تفاعليةٍ
مع المتلقّي، وكلما زاد التفاعل زاد معه ارتباط المتلقّي بالعلامة التجارية.
ومن ثم؛ يصبح المتلقي داعيةً، ومروِّجًا لنفس العلامة التجارية.
فمثلًا، عندما نريد استهداف
شريحةٍ مجتمعيةٍ من الشباب (سن 18 إلى 24) من مستوى اقتصاديٍّ، واجتماعيٍّ مرتفعٍ،
فإننا أولًا نريد تحديد خصائص الشخصية الاعتبارية لتلك الشريحة، مثل الاهتمامات، فنجد
مثلًا أن تلك الشريحة مهتمةٌ بمشاكل العلاقات الشخصية، يحبّون الظهور، ولفت الانتباه؛
مما يدعم وجودهم بكثافةٍ على مواقع التواصل الاجتماعيّ، ويهتمون بالمظهر الخارجيّ،
والموضة، والفنّ، والرياضة، والتكنولوجيا، ودائمًا ما يستخدمون هواتفهم النقّالة، حتى
وإن كانوا يشاهدون التلفاز، أو مشتركون في جلساتٍ اجتماعيةٍ مع العائلة، أو مع أصدقائهم؛
مما يجعل الوصول إلى تلك الشريحة من خلال الهواتف النقّالة هو الوسيط الأكثر تأثيرًا.
كما تتميز تلك الشريحة
بفترة انتباهٍ قصيرةٍ، تتراوح ما بين 14 إلى 19 ثانية في حالة القراءة، وتصل إلى
39 ثانية في حالة الفيديو.
كما أن الفترة المتاحة
للفت انتباههم تتراوح ما بين 3 إلى 7 ثوانٍ؛ مما يعني أنّ المحتوى إن لم يظهر خلالَ
الفترةِ المتاحة لجذب انتباههم، فإنهم سيفقدون الاهتمام، ويتوجّهون إلى الموضوع التالي.
تلك الخصائص يمكن ترجمتها
إلى عواملَ مؤثّرةٍ في استراتيجية المحتوى، فمثلًا قِصر الفترة المتاحة للفت انتباههم
تعني أنه لا بدّ من أن يكون المحتوى الموضوع صغير سعةِ التحميل -عدد الكيلوبايت قليل،
وهو عاملٌ متغيرٌ من مجتمعٍ لآخر؛ طبقًا للسرعات المتاحة من قبل مزوّدي خدمة الإنترنت
في هذه المنطقة- لذا تصبح الصور المصحوبة بتعليقٍ هي من أكثر الوسائل انتشارًا.
كما أن قصر فترة الانتباه
التي تتراوح بين 14 إلى 19 ثانيةٍ في حالة القراءة لا تسمح بأكثر من 150 إلى 250 كلمةٍ
-عدد الكلمات متغيرٌ داخل الشريحة؛ طبقًا لسرعة المتلقّي في القراءة-.
كما أن تلك الشريحة تتميز
بانجذابها لموضوعات الساعة، أو ما يسمى بالـ (Trending topics)؛ لذا يمكن استقطابهم من خلال تفاعل العلامة
التجارية مع المتابعين في موضوعات الساعة؛ بما يتناسب مع السياسة التحريرية الخاصة
بالمحتوى.
كما يمكن لفت انتباههم
من خلال مناقشة الموضوعات محل انتباههم -مثل الموضة، والفنّ، والرياضة، والتكنولوجيا،
وحب النجاح- من خلال خلق محتوى تعليقيٍّ، والذي من شأنه أن يقدّم العلامة التجارية
تعليقًا على موضوعاتٍ محل اهتمام القرّاء.
ومن خصائص استراتيجية المحتوى
أيضًا: تحديد أوقات النشر، والمزيج الخاص بأنواع المحتوى، سواء كان كلماتٍ، أم صورًا،
أم فيديو، أم صوتيات؛ بناء على أيهم الأكثر تفاعلًا مع القرّاء والمتابعين، وأيهم الأنسب
في النشر في أيٍّ من الأوقات، وذلك بمتابعةٍ مستدامةٍ لإحصائيات الحسابات الخاصة بالنشر
على مواقع التواصل الاجتماعي، بالإضافة إلى متابعة معدلات التحويل (Conversion rate) الخاصة بتحويل المتابعين على مواقع التواصل
الاجتماعي لزيارة الموقع الإلكتروني، أو التطبيق الخاص بالهواتف النقالة.
ومن ثم؛ يتم استحداث جداول
نشر بصفة دورية تحدد نوع المحتوى، وأوقات نشره للوصول إلى أعلى نسبةِ تفاعل.
كما يتعيّن على القائمين
على وضع ومتابعة استراتيجية المحتوى الاهتمام بثلاثة عوامل أساسية طوال فترة وجود العلامة
التجارية هي:
1- زيادة رأس مال العلامة التجارية (Increasing brand equity).
2- زيادة التفاعل (Increasing Engagement).
3- زيادة معدلات التحويل (increasing conversion rates).
ويلي ذلك، الجزء الأهم،
وهو القياس، والتعديل، وبه يقوم العاملون بقياس قوة العلامة التجارية، بالمقارنة مع
المنافسين في معدلات النمو، والحصة السوقية، كما يقومون بقياس استقبال المجتمع من خلال
استخدام أدوات متابعة العلامة التجارية على مواقع التواصل الاجتماعي؛ ليحدّدوا عدد
التعليقات الإيجابية، والسلبية التي يصدرها المجتمع، وتغيير استراتيجيات المحتوى لتصبح
أكثر تقبّلًا، وأوسع انتشارًا.
وأخيرًا وسيط نقل المعلومات،
وهو جزء بالغ الأهمية، ولكنه جزءٌ تقنيٌّ بحتٌ.
هناك وسائط متعددةٌ لنقل
المعلومات إلكترونيًا، فهناك:
- المواقع الإلكترونية.
- تطبيقات الهواتف النقالة.
- مواقع التواصل الاجتماعي.
- خدمات البريد الإلكتروني.
- تطبيقات الدردشة الإلكترونية.
- خدمات الرسائل القصيرة.
- المكالمات على الهواتف المحمولة.
- الكتب الإلكترونية.
- تطبيقات الألعاب.
كما أن أنواع المحتوى المقدّم من خلال كل وسيطٍ تنقسم إلى 4 أنواع -كلماتٍ، صوتٍ، صورٍ، فيديو-، ويتم اختيار المزيج؛ طبقًا لقابلية الشريحة المستهدفة على التفاعل مع كل نوع من أنواع المحتوى، من خلال الوسيط المحدد لنقل المعلومات.
وتتجه معظم العلامات التجارية
إلى خلق ما يسمى بالقنوات المتكاملة، أو (Omnichannel)؛ وذلك حتى توفّر وجودها من خلال كافة الوسائط
الإلكترونية؛ لتصبح ملائمةً لكافة الشرائح المستهدفة.
ولكن يبقى حجر الركن في
وسائط نقل المعلومات هو الموقع الإلكتروني، حتى وإن كان الوجود من خلال مواقع التواصل
الاجتماعي هو الأكثر تفاعلًا مع المتلقّي، إلا أن الموقع الإلكتروني، وتطبيقات الهواتف
النقالة، هي المصدر، والمرجع، كما أنها الأكثر مصداقيةً، والأقوى في الوجود من خلال
الأثير الإلكتروني.
ولتدعيم الوجود من خلال
الموقع، والتطبيق يجب انتهاج وسائل التسويق المناسبة، والتي تتركز في وسيلتين أساسيتين
هما:
1- التسويق الوارد (Inbound marketing).
2- تحسين نتائج محركات البحث (Search Engine Optimization).
إضافة تعليق