يتم تعريف الغضب عادة على أنه استجابة طبيعية وتلقائية للألم لدى الطفل، سواء أكان هذا الألم نفسيًا أم جسديًا، وحين يترافق الشعور بالألم مع الأفكار المثيرة للغضب مثل الحصول على تقييم سيئ أو توقع هذا التقييم أو شعور الطفل بأن شخصًا ما أراد عن وعي أو بغير

يتم تعريف الغضب عادة على أنه استجابة طبيعية وتلقائية للألم لدى الطفل، سواء أكان هذا الألم نفسيًا أم جسديًا، وحين يترافق الشعور بالألم مع الأفكار المثيرة للغضب مثل الحصول على تقييم سيئ أو توقع هذا التقييم أو شعور الطفل بأن شخصًا ما أراد عن وعي أو بغير وعي إيذاءه وجرح مشاعره، كما يمكن أن يُسبب الشعور بالرفض أو التهديد أو حتى عدم الراحة شعور الطفل بالغضب.

ويعد الغضب عاطفة اجتماعية؛ فدائمًا ما يكون لدى الطفل شخص مستهدف يوجه العضب نحوه، حتى وإن كان هذا الهدف هو الطفل ذاته، ويحفز الشعور بالغضب الطفل نحو اتخاذ الإجراءات ومواجهة التهديدات والدفاع عن نفسه بمهاجمة الهدف الذي يعتقد أنه السبب في شعوره بالألم.

ويجد معظم الأطفال صعوبة بالغة في تحديد الفرق بين مشاعر الغضب وبين السلوك العدواني، فيمكن أن يتحول الإحباط والشعور بالغضب سريعًا إلى تحدٍ وعدم احترام وعدوانية، وربما يمتد إلى ما يسمى بنوبات الغضب عند الأطفال.

وحين يتم ترك واهمال سلوكيات الأطفال العدائية مثل الشجار والبصق ومضايقة الآخرين دون رادع؛ يؤدي ذلك إلى مشكلات أكبر مثل المشكلات الدراسية وعدم القدرة على اكتساب الصداقات وضعف الصحة العقلية لدى الطفل عند وصوله لمرحلة البلوغ.

إدارة الغضب عند الأطفال:

لدى الأطفال الصغار الكثير لكي يغضبوا بشأنه؛ فهم كأطفال صغار لا يُسمح لهم عادة بفعل ما يريدون فعله (ولا يدركون نتائجه)، كما يفشلون كثيرًا في القيام بمهام أو إنجاز واجبات وفروض، ويخبرهم الكبار بما يجب عليهم فعله، بل ويجبرونهم عليها أحيانًا! وتعد هذه الأسباب من أهم مثيرات الغضب لدى الأطفال.

وفي المراحل العمرية الأولى لا يستطيع الأطفال السيطرة على ما يشعرون به من غضب، ويفتقرون إلى القدرة على الاستماع والبحث عن حلول مشتركة تُرضي الطرفين.

يحتاج الأطفال في البداية إلى فهم أنهم يمرون بحالة الغضب؛ حيث يمكنهم تعلم ربط الشعور بالغضب بالتغيرات الجسدية، مثل ثقل التنفس، وتسارع ضربات القلب، والشعور بالحرارة، وهنا يجب علينا مساعدة الطفل عن طريق تقديم تعريف لما يمر به كأن نقول له: "يمكنني أن أرى أنك غاضب الآن".

نحتاج أيضًا إلى مساعدته في التعرف على محفزات الشعور بالغضب، مثل:

1- أخذ طفل آخر ألعابه أو تهديده.

2-  قيام شخص بالغ بإحباط خطة الطفل التي يعتقد أنها ممتعة.

3- فشل الطفل في الوصول لهدف يريده بشدة.

4- شعوره بأنه يعاقب ظلمًا.

وبمرور الوقت يُساعد تعرف طفلك على المحفزات وتحديده الشعور بالغضب على الانتقال للمرحلة التالية، وهي تعلم إدارة هذا الغضب والتحكم به.

إرشادات لمساعدة الأطفال على تعلم إدارة الغضب:

أولاً: تحديد الفرق بين ما هو مقبول وما هو غير مقبول:

يجب على الوالدين إخبار الطفل أن من المقبول والطبيعي أن يشعر كل إنسان بالغضب، ولكن من غير المقبول أن يقوم الإنسان عند شعوره بالغضب بالتحطيم وركل الأشياء، يجب أن يشعر الطفل بأنه المتحكم في أفعاله، ويمكنه السيطرة عليها حين يشعر بالغضب.

أحيانًا ما يكون سبب تصرف الطفل بعنف هو إحساسه بالحزن أو الحرج؛ لذا ساعده على التعرف على سبب غضبه الحالي وتحديده، وحين يهدأ يمكنكم البدء في طرح حلول لحل المشكلة والتغلب عليها.

ثانيًا: تقديم نموذج واضح للطفل لإدارة الغضب:

تتمثل أفضل الطرق لتعليم الطفل التعامل مع غضبه في إظهار الكبار نموذجًا لكيفية تعاملهم مع مشاعرهم وعواطفهم عند الغضب، فحين يشاهدك أطفالك تفقد أعصابك وتخرج عن الإطار اللائق للتصرف؛ فغالبًا سوف يقومون بالأمر ذاته حين يشعرون بالغضب، بينما إذا شاهدوا تعاملك بطريقة مهذبة وودية سوف يتعلمون ذلك أيضًا.

فيمكن أن تقوم كولي آمر بالإشارة إلى الأوقات التي تشعر فيها بالغضب أو الحزن لكي يعلم الأطفال أن الكبار يغضبون ويحزنون أيضًا.

فمن المقبول أن تشير إلى غضبك بسبب تعطل السيارة أو الازدحام المروري؛ لأن ترجمة ما تشعر به في شكل لفظي سوف يعلم أطفالك التحدث عن عواطفهم ومشاعرهم، وحتى حين تفقد صبرك وهدوءك أمام الأطفال فيجب أن تتصرف بمسؤولية وتعتذر عما بدر منك وما وجب عليك فعله كبديل عما حدث.

ثالثًا: وضع قواعد للغضب:

في حين تتغاضى بعض الأسر عن صفق الأبواب أو رفع الأصوات لا تسمح غيرها من الأسر بهذه السلوكيات؛ لذا يجب وضع قواعد منزلية واضحة ومحددة ومكتوبة بشكل واضح للجميع حول ما هو مقبول وما هو غير مقبول من سلوكيات في حالة الغضب، ويجب أن تدور هذه القواعد حول التصرف باحترام تجاه الآخرين، مثل:

1- منع العنف الجسدي.

2- منع إطلاق الألقاب.

3- منع التصرف بشكل غير مهذب.

4- منع إلقاء وركل وتحطيم الأشياء.

وبهذا يعرف الأطفال الحدود التي لا يمكنهم تجاوزها عند شعورهم بالغضب.

رابعًا: تقديم مهارات وطرق صحية للتعامل مع الغضب:

يحتاج الأطفال إلى تعلم طرق ملائمة للتعامل مع غضبهم، فبدلاً من أن تخبره "لا تضرب أخاك" اشرح له ماذا يجب أن يفعل حين يشعر بالغضب من أشقائه؛ كأن تخبره باستخدام النقاش اللفظي بدلاً من العنف، أو الخروج من المكان لتجنب الشجار مع إخوته حتى يهدؤوا.

ويمكن أيضًا أن تقوم بسؤال الطفل: "ما الذي يمكن أن تفعله حين الاختلاف مع أخيك بدلاً من ضربه؟"، وتبدأ معه في طرح الأفكار للمساعدة على التصرف بشكل أفضل في المرات القادمة.

يمكن أيضًا مساعدة الطفل على تحديد مجموعة من أدوات التهدئة التي يستطيع استخدامها عند الشعور بالغضب، وتجهيز صندوق ممتلئ بهذه الأدوات، مثل:

1- عطر محبب، أو كريم مرطب له رائحة مهدئة في حالة البنات.

2- الاستماع إلى نشيد أو سورة قرآنية مفضلة لديهم.

3- ورق ملاحظات.

4- أدوات وأقلام تلوين.

التركيز على حواس أخرى في وقت الغضب يشتت الذهن عن سبب الغضب، ويساعد على تهدئة أجسادهم وعقولهم.

كذلك يمكن استخدام أداة الوقت المستقطع لمساعدة الطفل على الهدوء عن طريق تعليمه أن بإمكانه إعطاء نفسه وقتًا مستقطع قبل أن يتسبب بإيقاع نفسه في المشاكل، أو يقوم بإحراج نفسه، وذلك بأخذ بضع دقائق للهدوء وأخذ بعض الأنفاس العميقة قبل اتخاذ أي تصرف.

وأيضا يجب إرشاد الاطفال وتعليمهم مهارات حل المشكلات، وبذلك يمكنهم معرفة أن بإمكانهم حل المشكلة والتركيز على التفكير في طريقة مناسبة للخروج من الموقف، بدلاً من الغضب والتصرفات غير اللائقة.

خامسًا: تقديم عواقب التصرفات:

امنح أطفالك امتيازات إيجابية لأفعالهم عندما يقومون باتباع قواعد إدارة الغضب، وامنحهم عواقب سلبية عند قيامهم بكسر هذه القواعد.

استراتيجيات إدارة الغضب عند الأطفال:

أن تطلب من طفلك أن يتوقف عن غضبه حالاً، أو ينسى فورًا أنه غاضب؛ درب من دروب المستحيل؛ فحتى لو أجبر نفسه على إخماد مشاعره في الوقت الحالي فسوف تظهر بشكل أكبر مخلفة آثارًا أكثر حدة وتدميرًا في وقت لاحق، بل إن المفتاح لمساعدة طفلك هو بسؤاله: هل سينجح التصرف بعنف في تحقيق ما تريد؟! وحين يبدأ بالتنفس والتفكير سيهدأ تدريجيًا.

يحتاج طفلك إلى المساعدة والكثير من التدريب والممارسة لكي يتمكن من إتقان مهارات التحكم في الغضب، والتي تتمثل في:

1- الخطوة الأولى: التوقف:

إذا شعر طفلك بأن شعوره بالغضب يخرج عن سيطرته فمن المهم أن يتم فصله عن الشخص أو المؤثر الذي يثير أعصابه ويؤجج غضبه، وهنا يجب تدخل شخص بالغ لأخذ الطفل لغرفة أخرى بعض الوقت.

2- الخطوة الثانية: الهدوء:

يجب أن تعلم طفلك استخدام أساليب تهدئة عندما يشعر ببدء مشاعر الغضب؛ كأن يأخذ عدة أنفاس عميقة، أو يتناول كأسًا من الماء، أو يشتت انتباهه ويصرف نفسه عن التفكير بسماع شيء محبب أو قراءة قصة أو القيام باللعب منفردًا.

3- الخطوة الثالثة: التفكير:

بعد أن يهدأ الطفل يجب أن يسأل نفسه: والآن ماذا أريد أن يحدث؟!

على أن يتضمن تدريبه المسبق أن الانتقام والعنف غير مطروحين كحلول، ولا يستحقان العناء، قد لا يمكنه محو ما فعله الطفل الآخر أو الشخص الآخر وتسبب في إغضابه، ولكن يمكنه البحث عن طريقة لحل المشكلة أو رفع الأذى الذي تسبب به له.

4- الخطوة الرابعة: التركيز على مشاعر الآخرين:

يمكن للأطفال إدراك قيم التعاطف والشفقة بدءًا من عمر الثالثة، ولكنهم يجب مساعدتهم على فهم حدود ذلك، ومحاولة جعلهم يفهمون مشاعر الطرف الآخر ووجهة نظره، ومحاولة جعل الطفل يفكر: لم لا يفهم الطرف الآخر وجهة نظره؟! وما الحلول التي يقترحها لجعل وجهة نظره أكثر وضوحًا وقابلية للفهم؟!

5- الخطوة الخامسة: البحث عن حلول معقولة:

ساعد طفلك على رؤية ما هو أبعد من الموقف الحالي، وتحقَّق إذا كان بالإمكان الوصول لحل وسط يرضي الطرفين ويمكنهم الاتفاق عليه، وكثيرًا ما يساعد الاعتذار لإنهاء هذه المواقف إذا كان كافيًا للطرف الآخر.

يجب أن يدرك طفلك أهمية تعلم إدارة غضبه والتحكم به والسيطرة عليه، ويجب أن نعلم كآباء أنه ليس بالأمر السهل أو الهين، وتعد النزاعات التي نراها يوميًا في نشرات الأخبار وحوادث الثأر والانتقام دلالة على أهمية وصعوبة إدارة الغضب، لذا يجب أن نتحلى بالصبر ونستعين بالله لتعليم أبنائنا التحكم في غضبهم والسيطرة عليه.

-----------

المصادر:

1- Anger management for kids by Sheldon braaten.

2- Anger management tips for children.

3- 5 ways to teach your child anger management skills.

ما الفرق بين خجل الطفل وضعف شخصيته ؟ كيف أوازن بين تربية ولدي على التسامح وعدم تضييع الحق؟! أفكار عملية لمختلف المراحل.. كيف نرسّخ عقيدة أبنائنا حول فلسطين والأقصى؟ انكفاء النُّخب والقيادات الدعوية معرفة أحوال المدعوين.. طريق المربي للدعوة على بصيرة