يسري محمد

لاشك أن معركة طوفان الأقصى التي تدور رحاها في أرض الرباط هي من أهم الأحداث التي حدثت في  القرن الحالي.

بل ربما هي الحدث الأهم لما فيها من معجزات وتسارع للأحداث وتأمر واضح، إن لم تكن حرب صليبية غير معلنة بالراية لكن أحداثها تؤكد ذلك وإلا فما هذا التداعي وتحريك السفن وحاملات الطائرات من أجل رقعة صغيرة لكنها وربي عند الله عظيمة.

ونحن انطلاقا من الفهم العام وحتمية إيصال الرسالة والدفع باتجاه تصحيح المسار والأفهام فإننا سنتحدث عن

  مهمات الأباء والأمهات تجاه الأبناء في هذه الظروف التي تمر بها الأمة والدافع لكتابة هذا المقال هو سؤال وجهه إلي أحد الأباء مع بداية الحرب وفور عودته من عمله، حيث قابله ولده الصغير قائلا: يا أبي ما هو الاقصى ولماذا يقتلون الأطفال هناك؟

 لقد رأيت علي الشاشة أطفالا لا يتحركون وأباء يصرخون، وظل يتكلم حتي بكى الطفل وأبكى الجميع.

لذلك فإلى كل أب وأم إليكم وصايا عاجلة ومفاهيم حتمية الغرس وثوابت حتمية التأكيد عليها

أولا التاريخ

إن الأب الواعي هو ذلك الذي يؤسس في عقول أبنائه حب التاريخ والافتخار به كمسلمين، ودحض الشبهات وتوضيح المؤامرات التي تمت على الأمة الإسلامية، والأشد وعيا أن يتم ربط التاريخ بالسيرة النبوية وعقد المقارنات وما بين ذلك من أحداث.

ويقينا لنا في النبي وصحابته القدوة، فهم أطهر النفوس والقلوب وكما حوصروا ومنعوا وتعرضوا للخيانات والمكائد وهكذا شأن الصالحين على مر العصور.

وكأني بالأب يشرح شعب أبي طالب والربط الوثيق بين أحداث الأمس وأحداث الوم لمن يعي.

المهم أن يتخلى الأب عن معقدات اللغة وجدليات الأحداث وليكن اليسر والبساطة منهاجا ومسارا.

ثانيا تصحيح المسار

إن الأبناء وفق حداثة سنهم لهم اهتمامات غير الكبار وربما هذه الاهتمامات في كثير من الأحيان تسبب لدى الأباء شيء من الحزن فالابن يريد المكوث أمام الكرتون واللعب بالموبايل والخروج  في الشارع وهذا طبيعي بلا شك، لكن مع الأحداث الحالية أصبح هناك نظر إذ ما علمنا أن عدد الاطفال الذين سبقونا إلى الله عز وجل تجاوز ثلاثة ألاف شهيدا.

وكلهم كانوا في بيوتهم أمنين فجاء القصف وهم نيام وحسبنا الله ونعم الوكيل.

ولا شك أن المراحل التعليمية المتقاربة أضفت مسارا يسهل توصيل المعلومة فيه. فنتاج هذه المجازر حركت الطلاب والأطفال في المدارس والمعاهد، وأصبح هناك صحوة عند الأطفال بالفعل في جميع مدارسنا وحالة غضب ومتابعة ، وتلك فرصة ذهبية حقيقة يمكن أن تستغل من قبل الوالدين لتستقيم البوصلة من اللهو إلى عظائم الأمور ولربما لقادم الأيام نحتاج هذا الفهم عند الأطفال حتى إذا كبروا تأصل ما سمعوه بالأمس ليصبح مسار حياة وفي ذلك فليتنافس المتنافسون.

ثالثا تعميق العقيدة

العقيدة كانت ولا زالت صمام أمن وأمان للفرد في جميع مناحي حياته والحمد لله أن جعلنا مسلمين وما أجلها من نعمة.

والمسلم للمسلم كالبنيان المرصوص والمسلمون جسد واحد إذا اشتكي منه عضوا تداعى له سائر جسده بالسهر والحمى.

وهذا الفهم لا بد من تعميق أثره وغرسه في عقول وقلوب ونفوس الأبناء وعليه فإنه من لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم.

والمسلم أخو المسلم لا يخذله لذلك فالأم والأب عليهما دور كبير في تعميق هذا الفهم بشكل مثمر ومبشر، وفي نفس الوقت يفتح مفاهيم جديدة ويطرح أسئلة ويوسع الأفق عند الأبناء.

لكن الشيء المهم هنا هو الإلمام الكامل من قبلهم بمثل هذه الأحاديث وضرب الأمثلة بشكل يتناسب مع المراحل السنية المختلفة

رابعا نقطة نظام

أنه من المعلوم سلفا أن الإسلام هو الدين الواحد وما دونه شرائع سماوية، لذلك فيجب علي الوالدين أن يفرقا في خطابهما ونصحهما بين أمرين، اولهما أن العداء لليهود لما يفعلونه ليس وليد الصدفة فنحن نكرهم ليس فقط لأنهم احتلوا أرضنا ويقتلون أولادنا بل لأنهم تطاولوا علي الله عز وجل(وقالت اليهود يد الله مغلولة) ويبدأ الوالدين في شرح أحداث العداء والإجرام لليهود

منذ البدايات وصولا لما يفعلونه في غزة وهذه نقطة خطيرة وشائكة وحتمية أن يكون الوالدين علي دراية طيبة وملبية لأسئلة أولادهما،

حتي لا يتحول الأمر لنقيضه، ونغرس مفهوما ليس له محل من الإعراب في ديننا

خامسا حصالة الأقصى

إن الأبناء أكثر من ينعشون خزائن السوبر ماركت ولهم ميزانية خاصة أو مصروف ثابت وهو بلاشك إما أن يذهب للمحلات أو الألعاب وعليه فتعميق جانب الاستبدال للمنتجات التي تخدم علي القضية أو علي الأقل لا تسبب أذى غاية في الأهمية.

 فمثلا كمية الشيبسي والمصانع التي تصنعه تدعم الكيان كذلك معظم المشروبات الغازية، وعليه فلو وصلت كل تلك المفاهيم التي ذكرناها لعقل وقلب الابن يقينا سيحول المسار من الشراء للادخار حتي ولو لأيام فمجرد الشعور نفسه أمر ممتاز حقيقي أن يُبني عليه عمل وفهم جديد من قبل الوالدين. المهم ألا يحدث حالة من الضجر المبكر نتيجة الإلحاح عليه فاليسر واللين مفاتيح للقلوب.

سادسا مواطن الفخر

إن الامر ليس كله وجع، نحن وبرغم الأوجاع فإننا والحمد لله نرى أيات الله تتحقق، وموعود رسوله يتجلى في القتال مع هولاء وأنهم لا يقتالون إلا في قرى محصنة ونزداد يقينا بأن المسلمين والفئة الصابرة لا يضرهم من خذلهم

لذلك فقد رأينا وشفيت صدورنا ونحن نراهم مختبئين خوفا من المسلم الذي يدافع عن أرضه وعرضه بل وعن الأمة بأسرها.

ورأينا كيف كانوا يُحملون كالنعاج وهم يصرخون، ورأيناهم وهم يطلبون السماح.

وكذلك رأينا كيف نعامل أسراهم بمنتهى الإنسانية وفق أوامر ديننا حتي أن الاسرى الذين يسمح لهم بالذهاب، عندما يظهرون في إعلامهم يتحدثون عن الإنسانية والنبل وأنهم كانوا يهتمون بهم ولم يحدثوا لهم أي مكروه ومن هنا يتحدث الأب ليغرس عظمة الدين وعظمة المجاهدين وبركة الجهاد في سبيل الله في نفوس الأبناء.

وأن الزمن يدور والغلبة حتما للمسلمين والقادم مبشر وأن ليل الظالمين أوشك علي الاندثار

سابعا خيرية الأمة

إننا أمة واعدة قوية مدحها الله عزوجل من فوق سبع سموات " كنتم خير أمة أخرجت للناس " وهذه الخيرية لها تبعات وأوامر ونواهي وعليه فعلى كل أب أن يفخر شارحا لأولاده عظمة أمتنا وأن الهزائم وإن كثرت في حقبة ما فإن النصر هو الحليف والمنتظر.

 كذلك يعمق في ذهن الأبناء أن المنافقين من هذه الأمة مصيرهم الزوال وأن الأفكار والمشاريع الخبيثة لا خلود لها ولن يصل إلا المخلص صاحب الفكرة العادلة والقضية السوية مع حتمية التأكيد علي الأخذ بكافة الأسباب للوصول لتحقيق عظيم الغايات والأهداف.

 

 

ختاما

هذه مهمات خمس عاجلة أنصح بها نفسي في المقام الأول وأنصح كل مهتم سواء أب أو أم أو معلم أو أي إنسان يسعى في تعبيد الناس لرب العالمين أن الطريق واضح والمسار جلي لكن المهم هو أن يبدأ السعي بفهم ووعي بلا قيود أو معطلات أو هوى فرب كلمة تصحح مسار ورب فعل بسيط لا تحسبه عظيما يغير الموازين.

فعلى الجميع أن يقوم بدوره ولا يبخل بجهد ولا يحقر معروفا فلا أحد يدري من أي باب القبول يدخل الجنة.

ما الفرق بين خجل الطفل وضعف شخصيته ؟ كيف أوازن بين تربية ولدي على التسامح وعدم تضييع الحق؟! أفكار عملية لمختلف المراحل.. كيف نرسّخ عقيدة أبنائنا حول فلسطين والأقصى؟ انكفاء النُّخب والقيادات الدعوية معرفة أحوال المدعوين.. طريق المربي للدعوة على بصيرة