أنا أمٌ لطفلة لم تتجاوز العاشرة من العمر، بالصدفة بحثت في جهازها التاب جالاكسي، ووجدت أنها تتفرج على صور خليعة، رغم أني وضعت قفلًا سريًا للسوق بلاي، ومع الكلام معها

السؤال:

أنا أمٌ لطفلة لم تتجاوز العاشرة من العمر، بالصدفة بحثت في جهازها التاب جالاكسي، ووجدت أنها تتفرج على صور خليعة، رغم أني وضعت قفلًا سريًا للسوق بلاي، ومع الكلام معها، وسؤالها بحزمٍ اعترفت لي أنها تعرف الرقم السري، وأنها هي من كانت تبحث وتتفرج، ووجدت أنها بحثت بـ"جوجل، وسوق بلاي، وباليوتيوب"، وصدمت بقوة، كيف لطفلةٍ لم تتجاوز العاشرة أن تفعل ذلك؟! وكان موقفي كالآتي:

قلت لها: أنت لم تعودي ابنتي التي أحبها، فأنت مثلك مثل تلك الفاسقات اللاتي تتفرجين عليهن، وأنا فعلًا لم أعد أعرف من أنت، وهنا انهارت من البكاء والصياح، وكان مطلبها أن أسامحها، وأن أفعل بالجهاز ما أريد، علمًا أن والدها لا يعلم بالموضوع، وليس بذلك الأب العصبي أو الذي يعتمد أسلوب الضرب، بل على العكس، فهو سهلٌ معها جدًا، وأنا العصبية، والتي أعتمد الضرب أحيانًا.

سؤالي هو: كيف أتصرف معها؟! هل أعاقبها؟! وما العقاب الذي يُساعدني على نزع حبها لمشاهدة مثل هذه الأمور؟! وهل أخبر أباها؟! وهل أحرمها من جهازها للأبد أم لفترةٍ؟! أرجو المساعدة.

 

الجواب:

لا شك أنه أمرٌ مقلق لك، بحيث يجعلك تتساءلين: أين الخلل؟! وأين أخطأنا؟!

مادامت ابنتك في سن العاشرة، فهذه هي الفرصة الذهبية مع هذا الحدث؛ لتتعرفي أكثر على ابنتك، وتوجهيها التوجيه السليم.

ليس غريبًا في هذا العمر ألا تعرف التعامل مع وسائل التواصل الحديثة، مثل كلمة السرّ وغيرها، فهذا هو جيل التكنولوجيا -كما يقولون-.

لا أنصح عادةً بالتهديد بسحب المحبة، أو بأنها لم تعد ابنتك، وإلا فإننا ربما نكون قد أبعدناها أكثر عنا، وربما كنا عونًا للشيطان عليها، وليس العكس.

وفي كثيرٍ من هذه المواقف، وعندما تتخذ الأسرة موقفًا سلبيًا؛ فقد يأتي أحدٌ، كأن يكون شابًا عن طريق النت أو غيرها، ويُشعرها بأنها "مظلومة"، وأنه لا يوجد أحد يفهمها، وأنها قد أصبحت مراهقة، وعلى طريق النمو والنضج، فيتلاعب بها هذا الشاب، ومن حيث لا ندري.

وكما قلت: إنه على العكس تمامًا، هذا هو الوقت المناسب تمامًا لتقوية علاقة الأم بالابنة، فمن لها إن لم تكوني أنتِ؟!

نعم، ما فعلته هو شيء مرفوض وغير مقبول، ولا شك أنها صدمة كبيرة لك، إلا أنها تبقى ابنتك، وأنت أمها ومربيتها، وموجهتها، وقدوتها، ولذلك عرضت عليك أن تفعلي كل ما يحلو لك لعقابها.

الآن هو الوقت المناسب لتنمية الضمير الداخلي عندها، بدل فقط الاعتماد على الحارس الخارجي.

كيف ستتصرف عندما لا تكون قريبة منك وتحت أنظارك؟! فمثلًا: أين هي الآن وأنت تقرئين هذا الجواب؟! هل تعلمين ما تفعل الآن في هذه الساعة؟!

ومن هنا ننتبه أن علينا أن نغرس فيها الحسّ والضمير الداخلي، بحيث إنك سواء كنت معها أم بعيدة عنها فإن ضميرها حيّ، وإن تعلقها بمرضاة الله تعالى لا يختلف بوجودك أو غيابك، وفي هذا يقول الرسول الكريم عن الإحسان: "أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك".

حاولي أن تقتربي منها أكثر، لا أن تبتعدي عنها، وضميها إليك، وقولي لها: كم أنت بنت طيبة وخلوقة! نعم خلوقة، إلا أن الفتن والمغريات كثيرةٌ ومن كل جانب.

قولي لها كيف كانت مرحلة صعبة من حياتك عندما كنت في عمرها الآن، وكيف تكيّفت مع الحياة، وحاولت جاهدة الحفاظ على استقامتك وخلقك.

الآن هو الوقت المناسب لتحوّلي كل ما علمتيها إياه من النظري إلى التطبيقي.

لا تقلقي؛ فالتعليم وغرس القيم الذي مارستيه معها في صغرها لم يذهب سدى، وإنما الآن آن أوان التطبيق العملي، من خلال اقترابك منها، ومحاولة تفهم ظروفها، ومن خلال إشعارها بأنك تقدرين صعوبات وتحديات هذه الأيام، وما يعيشه الشاب أو الشابة من التحديات.

نعم، يمكنك أن تُصادري منها الجوال من باب التأديب، ومن باب أن تتعلم درسًا، واشرحي لها لماذا أنت ستصادرين الجوال، وحاولي ألا تطول هذه المدة كثيرًا؛ فالهدف هو الرسالة التي تريدينها أن تفهمها، ولا بأس أن تخبريها لماذا أنت تصادرين الجوال، واشرحي لها متى يمكنها أن تأخذه، وقولي لها بأن من حقك أن تتابعيها وتشاهدي كل ما على الجهاز من تسجيلات وغيرها؛ فهذا من حقك، ولا تحتاجين للإذن فيه.

يمكنك أن تكتمي الأمر بينك وبينها إذا أردت، أو أخبري والدها فقط من باب الاطلاع، على أن يترك لك التصرف والتعامل مع الموقف.

حفظ الله ابنتك، وهدانا للصواب.

 

ما الفرق بين خجل الطفل وضعف شخصيته ؟ كيف أوازن بين تربية ولدي على التسامح وعدم تضييع الحق؟! أفكار عملية لمختلف المراحل.. كيف نرسّخ عقيدة أبنائنا حول فلسطين والأقصى؟ انكفاء النُّخب والقيادات الدعوية معرفة أحوال المدعوين.. طريق المربي للدعوة على بصيرة