مؤمنة الشلبي
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
باختصارٍ: ابني وابنتي ليست لديهما ميولٌ أو
حبٌّ للدراسةِ، ويحاولان إيجاد أية طريقةٍ لعدمِ الدِّراسة، وإذا طُلب منهما يكونُ
بالإكراه، وأحسُّ أنَّ تحصيلهما -أكاديميًّا- من الممكن أن يكونَ أفضل ممَّا هما
عليه، وأحاولُ جاهدًا مع زوجتي لتغييرِ هذا السُّلوك من خلالِ الشَّد والجذب،
والتَّرهيبِ، والتَّحبيبِ، والهدايا عند الإنجاز، لكن أشعرُ أنَّهم بحاجةٍ لوضعِ
مجهودٍ أكثر.
ودمتم لنا، ولكم جزيل الشُّكر، والسلام عليكم
ورحمة الله.
الجواب:
أخي الفاضل: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته..
نرحب بك، ونرجو الله أن تجدَ المشورة النافعة والفائدة.
مشكلتك: عدمُ وجود دوافعَ ذاتيةٍ لأولادكَ
تجاهَ الدِّراسةِ رغمَ جهدك في ذلك.
أخي الكريم: ذكَّرتني مشكلتك بمقولةٍ قرأتها في
أحدِ المواقع، وهي تتعلَّقُ بموضوعِ استشارتك: (إنَّك تستطيعُ قيادةَ الحصانِ نحو
النَّهر، ولكن لن تستطيع أن تُجبرهُ على الشُّرب)، نعم، هذا صحيحٌ؛ فلابدَّ أن
تنشأ رغبةُ الطَّالبِ في التعلُّمِ من داخلهِ دونَ إجبارٍ من المعلمِ أو أحدِ
الأبوين، وإن كنَّا نؤمنُ أنَّ الإنسانَ لا يُولدُ بمهاراتِ التَّفوقِ، بل لابدَّ
من جهدِ المربي المخلص سواء في المدرسةِ أم المنزلِ؛ ليبثَّ فيه روحَ تحمُّلِ
المسؤولية، والاكتشاف، وبذل الجهد، وكنت أتمنَّى معرفة أعمار أولادكَ؛ لمعرفةِ
طبيعةِ السِّن التي يمرونَ بها، فغالبًا ما يتميزُ الصِّغار والمراهقون أيضًا
بحبِّ العنادِ، وليس من بابِ الكراهيةِ للدراسةِ أو عدم تقبّلها.
عمومًا هذهِ بعض النَّصائح العامَّة والمفيدة
في جميعِ المراحل. أسألُ الله أن تجدَ فيها ما ينفعك:
- استعن باللهِ، وتجرَّد من حولك وقوتك، وأكثر
من الدُّعاء لولديك بالصَّلاح، وأن يجعلهما الله قرَّة عينٍ لك ولوالدتهما، وثِق
أنَّ الله هو المربي والهادي، وما نقومُ به ما هو إلا أسباب لنعذر إلى اللهِ.
نسألُ الله أن يُصلح ذرياتنا ونياتنا وجميع المسلمين.
- تأكَّد أنَّ الطَّالب الذي يثقُ بقدراته
طالبٌ ناجحٌ، ولن يكونَ ذلك إلا بثقةِ والديه ومن حوله فيه، لذلك حاول أن تعزِّزَ
ثقةَ ولديك بنفسيْهما، وعليك بالإيحاءِ الإيجابي، والتَّشجيع والمدح، وذلك كقولك
لهما: (أنا أثقُ بحبّكما للمدرسة)، و(إنَّ دراستكما وتفوقكما يعنيان لي الكثير)،
وغير ذلك من الكلمات التي تُشعرُهم بفخرك وثقتك بهما، وحذارِ أن تردِّد: (أولادي
لا يحبونَ المدرسة، ولا يحبون التعليم)، فأنت بذلك ترسلُ لهما رسائلَ سلبية،
ستتحوَّل إلى واقعٍ ملموسٍ ولا شكّ. فتنبّه -حفظك الله-.
- كن قدوةً لهما بالفعلِ والقولِ، وسارع
للمشاركة في دوراتٍ تدريبية، ودروسِ علم، تخبرهما بها عمليًا بحبّك للعلمِ، وردِّد
أمامهما الأحاديث النَّبوية التي ترغّبُ في طلبِ العلم، وتوضِّح الأجرَ المترتِّب
عليه.
- طرقُ التَّعلم التَّقليديةِ من أهمِّ العوامل
التي تبعثُ في نفوسِ أولادنا الملل والرتابة، وتجعلهم غير راغبينَ بالدِّراسةِ،
فحاول أن توفِّر لهما موسوعات وكتبًا مصوَّرة يختارانها معك، وابحث معهما عن
المعلومةِ المراد تثبيتها، وسيجدانَ -ولا شكّ- في ذلك المتعةَ، ويرغبونَ في
الدِّراسة.
- حدِّثهما بشوقٍ وشغفٍ عن أحلامهما
والتَّخصصات التي يرغبانَ بها، ولقبهما بما يحبّانَ؛ مثل: الدُّكتور فلان،
والمعلمة فلانة... وهكذا، وتأكّد أنَّ هذا سيدفعُهما للاجتهاد، ويرّغبهما في
متابعةِ دراستهما بإيجابية.
- نظِّم أوقاتهما، وضع جدولاً لكل ما يخصّ
حياتهما، بما في ذلك اللعب والنُّزهة، ووقت المذاكرة، ومشاهدة التلفاز؛ لأنَّ ذلك -ولا
شكَّ- يعلمهما النِّظام، ويشعرهما باهتمامك بهما.
- ساعدهما على وضعِ أهدافٍ قصيرة المدى، وأخرى
طويلة المدى، وتابعهما وهما يحققانها، واجعلهما يشعرانَ بالسعادةِ وهما يجدانَ
اللذة في الوصولِ لها وتحقيقها.
- عندما تجدُ منهما تحسنًا -ولو طفيفًا- عزِّز
ذلك بالمكافأة أمامَ الزُّملاء والمعلم والإدارة؛ فهذا يُشعرهما بالفخرِ، ويدفعهما
إلى التَّفوق.
- استَّغل الإجازات الصَّيفية في تشجيعهما
للانضمامِ إلى دوراتٍ مختلفة، وتوافق هواياتهما وميولهما، وتزيدُ من معارفهما
وثقافتهما.
- أُكررُ: لا تنساهما أنت وأمُّهما من
الدُّعاء، وخاصةً في قيامِ الليل؛ لأنَّ سهامَ الليل لا تُخطئ، ودعوة الوالدين
مستجابة.
- لا تجعل هذهِ المشكلة تزعجك كثيرًا، وثق أنَّ
ولديك سيكونُ لهما الشأن الرائع ما دمتَ أنتَ وأمّهما تحسنان النِّية في تربية
أبناء صالحين متفوقين، وتجتهدان في الأسبابِ، والله لا يضيعُ أجرَ من أحسنَ عملاً،
وستجدان -بحولِ الله- نفعهما في الدنيا والآخرة.
وفقكما الله، وأصلح أبناءنا وأبناءكم.
إضافة تعليق