د. يحيى الغوثاني

السؤال:

ابني يبلغ السادسة من السن، في الـ"كي جي 2"، أقل من زملائه في الحفظ بكثير، مشتتُ الانتباه، وأي شيء يشغله عن متابعة الشرح، ولا يستطيعُ الجلوس لعمل الواجب أو المذاكرة أكثر من خمس دقائق، ولا يؤثر فيه الحافز مطلقًا، ولا يحب التكنولوجيا كثيرًا، ويفرحُ بكل شيء لمدةٍ قصيرة، ثم لا يهتمُ بعد ذلك، ومهما حاولتُ ترغيبه بشيء لا يكترث! ويتكلمُ كثيرًا عند المذاكرة، ويبدأ الهروب منها بالرغبة في الطعام أو الدخول للحمام، أو الجري بعيدًا عني، ويُحب مشاهدة الأفلام كثيرًا، ويجلس لمشاهدتها مدةً طويلة، وخاصة لممثلين بعينهم، ويعرف أسماء الممثلين الذين يُحبهم، وإذا منعته يبكي ويغضب، ويجلس وحيدًا.

بعد بداية المدرسة بشهر بدأ في البكاء، وأصبح لا يُريد الذهاب للمدرسة، رغم أنه محبوب، وعندما يرى أشخاصًا لأول مرة يكون هادئًا جدًا وخجولًا، وإذا تكررت رؤية هؤلاء الأشخاص بصورةٍ مستمرة يبدأ في الإزعاج، لكن لو كانت رؤيتهم على فترات متفرقة يظل هادئًا، ويحب أن يعامله الناس بالحنوّ الشديد، والحب، وإذا شدوا عليه يبتعد عنهم، ويتقمص شخصية أخيه الأصغر الذي عمره عامان ونصف، ويبدأ في تقليده في التصرفات والحركات، خاصة أن الناس مقبلة على أخيه؛ لأنه يتفاعل معهم، أما هو فيكون انطوائيًا، وعندما يعتاد عليهم يُظهر إزعاجه، وقد بدأ المقربون يرون أنه غير لطيف، ولا يسمع الكلام، ومدللًا.

أتمنى أن أراه يجلس للمذاكرة ولا يمل، علمًا أني كنتُ مثله حتى مرحلة الثانوية، ولكن الفرق بيني وبينه هو قدرتي على الاستيعاب، والإنصات الشديد في المدرسة.

أخاف أن يستمر على هذه الحالة من عدم المذاكرة، وكما ذكرت لكم: أقدّم له حوافز كثيرة من حلويات، وغيرها، لكن دون فائدة! شكرًا.

الجواب:

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

الأم المربية الفاضلة: بعد اطلاعي على استشارتك، والتي ظهر لي من خلالها أنكِ قلِقةٌ على وضع ابنك الذي لم يتجاوز الست سنوات؛ أحبُّ أن أطمئنَك في البداية أن ما ذكرتيه عن ولدك لا يُعتبر مشكلةً تحتاجُ إلى علاج؛ بل هي حالةٌ متكررة جدًا، ونحن نشكر لك حرصك على الاهتمام بولدك وهو في هذه السن، ويُسعدنا أن نُقدم لك العديدَ من التوصيات التي تُسهم في بناء شخصيته، وتحببه في القراءة.

لكنني في البداية أحب أن أطمئنك ألا تقلقي كثيرًا من عدم جلوسه مدةً طويلة للمذاكرة، وخاصة أنك ذكرتِ أنكِ كنتِ مثله حتى الثانوية، ولكن الفرق بينكما على حد قولك: قدرتك على الاستيعاب، والإنصات الشديد في المدرسة، وذكرت أنك تخافين أن يستمر على هذه الحالة من عدم المذاكرة؛ ولذلك: فأنا أطمئنك ألا تخافي ولا تحزني، فما دام يستطيع أن يجلس خمس دقائق بتركيزٍ؛ فهذا يُعتبر شيئًا رائعًا -من وجهة نظري-، فلا تشددي عليه كثيرًا، وحافظي على الخمس الدقائق، وركزي عليها، ثم أعطيه مكافأة بأن يلعب مدة عشرين دقيقة مقابلها، وبعد اللعب لعشرين دقيقة اطلبي منه أن يجلس فقط لخمس دقائق... وهكذا.

وعليك أن تُدركي أنه من الطبيعي أن يمل الأطفال من طول الجلوس في الفصول، ويميلون -وخاصة في المراحل الأولى من أعمارهم- إلى الحركة الكثيرة، والرغبة في اللعب، وعدم القدرة على التركيز لفتراتٍ طويلة.

وننصحك -أختنا الفاضلة- أن تُحْسِني اختيارَ المدرسة التي ستُسجّلين ابنك فيها، وأن تحرصي أن يكون هناك تفاهم بينك وبين المعلمة التي تباشر تعليمه.

هناك صحيفة اسمها: "جلوب آند ميل" عرضت مواصفات التعليم الجيد للأطفال الذين يتمتعون بفرط الحركة وتشتت الانتباه وهي:

1- تقسيم مهام التعلم إلى أجزاءٍ صغيرة.

2- التنظيم الجيد، مع قدر من المرونة.

3- بيئة هادئة، مع أقل عدد من مشتتات الذهن.

4- استخدام وسائل مختلفة لإبقاء التركيز لأطولٍ فترة ممكنة.

5- استخدام أسلوب تدريس قائم على التسلية والمشاركة، فلا يبقى الطفل متلقنًا طوال الوقت.

6- وجود مناهج غنية بالفنون والتربية البدنية.

7- توفر معدات ووسائل خاصة، مثل: سماعاتٍ للأذن، وإضاءة خافتة، ومناضد خاصة لها لوحٌ أمامي لمنع تشتيت الانتباه.

8- استخدام اليدين والمهارات الحركية في التعلم.

9- إضافة أجواء من الدعابة والمرح.

10- تقليل كمية الواجبات المدرسية، ومساعدة الطالب باستمرار على إدارة الوقت.

هذه الملاحظات العشر عليك -أيتها الأم الفاضلة المربية- أن تنتبهي إليها، وتوفريها قدر المستطاع في المدرسة، وفي جوّ البيت أيضًا، وإليك أيضًا سبع ملاحظات مهمة أرى أنه من المفيد التركيز عليها حتى يحب الأولاد القراءة:

1- أن يكون لديكم في البيت مكتبة خاصة بالأطفال، تتضمن الكتب ذات الصور والألوان، والألعاب، والقصص، والمجلات المشوّقة.

2- أن يكون الأبَوان -ولا سيّما الأب- من القارئين والمحبين للقراءة، فإن الطفل سوف يحب القراءة والكتاب، فالطفل عندما يرى أباه وأفراد أسرته يقرؤون، ويتعاملون مع الكتاب؛ فإنه سوف يقلدكما، ويحاول أن يمسك بالكتاب، وتبدأ علاقته معه، فيحبه.

3- ويؤكد علماء النفس التربوي التعليمي على أنه ينبغي أن نركز على تدريب الطفل الذي لم يدخل المدرسة على إمساك الكتاب وتصفحه.

4- احرصي على أن تكون الكتب والقصص تتميز بالإخراج الجميل، والألوان المناسبة، والصور الجذابة، والأحرف الكبيرة.

5- اصطحاب الأولاد إلى المكتبة العامة، وتشجيعهم على تكوين مكتبة صغيرة لهم تضم الكتب الملونة، والقصص الجذابة، والمجلات المشوقة.

6- اتبعي سياسة التدرج في تحبيب الطفل في القراءة، وارضي بالقليل في البداية.

7- حددي وقت مشاهدة التلفزيون، واحذري من ترك الجهاز مفتوحًا أمام الأطفال يشاهدون ما شاؤوا من الأفلام؛ فإن هذا يضرهم ضررًا شديدًا، ويصرف تفكيرهم عن القراءة.

وهناك الكثير من الأفكار التي يمكن أن تُساعدك في إشاعة جو القراءة في البيت بشكلٍ عام.

وفقك الله، وسدد خطاك لتربية أبنائك على خير ما يرام.

ما الفرق بين خجل الطفل وضعف شخصيته ؟ كيف أوازن بين تربية ولدي على التسامح وعدم تضييع الحق؟! أفكار عملية لمختلف المراحل.. كيف نرسّخ عقيدة أبنائنا حول فلسطين والأقصى؟ انكفاء النُّخب والقيادات الدعوية معرفة أحوال المدعوين.. طريق المربي للدعوة على بصيرة